أمد/ كتب حسن عصفور/ وأخيرا، بعد مضي 732 يوما على بدء حرب إبادية شاملة، لا سابق لها في التاريخ المعاصر، أطلقت مدينة شرم الشيخ “دخان اتفاق أبيض” لوقفها، إعلان مختصر جدا لم يحمل تفاصيل، لكنه حمل العنوان المنتظر والأهم للإنسانية جمعاء، ومن دفعوا ثمنا لم يدفعه غيرهم بلا ثمن وطني، أهل القطاع.

فرحة أهل قطاع غزة، وبالتابعية أهل فلسطين بدخان شرم الشيخ الأبيض، كاف لأن يكون رسالة تحمل بداخلها كل المعاني التي غابت عن البعض الغارق في أوهام، كان ثمنها دمارا وخرابا، ومستقبل بلا وضوح، فرحة تنطق بكل اللغات من بين خراب ودمار وضياع كل ما كان واقعا وحلما، فرحة لا مثيل لها من غير أهلها، أي كان فرحتنا ومن هم يفرحون لفرحها.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، لوقف الموت والمقتلة المجنونة، تنطق بأن ما كان لن يكون، وأن رحلة الموت التي كانت طوال 732 يوما، لن تذهب مع الريح أبدا، لكن قوة البقاء وهزيمة الموت هي اللحظة التي لن تضيع تفكيرا بما سيكون يوما، حسابا لمن قاد مؤامرة الدمار الكبير.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، ليست رقصة وقف موت بل هي رقصة لحياة قادمة، أي كانت ملامحها، هي الخيار الذي كان منتظرا، تأخر كثيرا بين مسارات حسابات الصغار، وغربة عن أهلها وأرضها وناسها.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، قد تكون علامة من علامات نصر غير سياسي، علامة مسجلة خاصة بهم، فالنصر دوما لفعل سياسي وليس بقهر سياسي، لكن غزة وأهلها أدخلوا تعديلا في مفاهيم النصر والانتصار.

فرحة قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، من فوق ركام كل ما كان لهم، ومن بين بقاياهم، رسالة لكتابة تاريخ بلغة غير التي كتب بها ما قبل يوم المؤامرة الكبرى 7 أكتوبر، وصفا وسلوكا ومواقفا، ومشاهد بحثا عن لقمة خبز وبعض ماء، قبل البحث عن زاوية اختلاء خارج لصوصية عيون لم تعد ترى ما تراه عيون غيرها.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، بوقف مذبحة طالت كل ملمح من ملامح حياة، مذبحة ثمنها لا مثيل لها مقابل خسائر لا مثيل لها، معادلة هي أيضا لا مثيل لها.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، ينادي ألا نغرق في بحث ما كان سببا لخراب هيكلنا الوطني ومطاردة من كان سببا في خرابه، فتلك أيام لاحقة.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، يعيد إنتاج رائعة نزار قباني في قارئة الفنجان، بأنهم لم يقرأوا أبداً فنجاناً يشبه فنجانها..ولم يعرفوا أبداً أحزاناً تشبه أحزانها، لكن خيارهم هو الحياة.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، وصل صداها إلى واشنطن حيث عاش رئيس الولايات المتحدة حالة من “هستيريا” فريدة، فرحة أسطورية ليس لوقف موت أهل قطاع غزة، فهو من كان شريكا بها، لكنه “هوس الذات الغريب”، بحثا عن جوائز لن تدق باب البيت الأبيض.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض، لن تزيل سوادا طال البيت الأبيض، بكل ما يحاول رئيسه تمرير غير ما هو بائن خطة استعبادية فردية.

فرحة أهل قطاع غزة بدخان شرم الشيخ الأبيض تنادي أن لا نغرق تحليلا وقراءة فيما كان ثمنا بلا ثمن لفعل خارج الفعل الوطني..فزمنه لن يطول حسابا.. فردا وأفرادا وفصيلا وتحالفا أسودا.

سلاما يا غزة..سلاما لمن هم تحت أرضك ذهبوا دون أن يختاروا زمن الرحيل..سلاما لمن هم  فوق أرضك ينتظرون باب حرية طال انتظاره زمنا..سلاما يا غزة لمستقبلك الموعود دون أن يكون معلوما..سلاما لك حيث أنت بقيت ما بقيت فأنت غزة..

لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص

منصة أكس

شاركها.