غزة تنزف مجددًا.. إلى متى يدفع الأبرياء الثمن؟

أمد/ في غزة، لا نهاية للمأساة، ولا هدنة للأحزان، فالكارثة مستمرة بلا توقف، والنكبة متجددة بلا هوادة، منذ السابع من أكتوبر 2023، لم تعرف غزة يوماً واحداً من الأمان، ولم تذق طعم الحياة، وحتى عندما ظنّ أهلها أن وقف إطلاق النار قد منحهم هدنة قصيرة، عادت القذائف والصواريخ لتدكّ المدينة من جديد، لتشهد غزة ليلة من الجحيم تفوق في وحشيتها كل ما سبق، وكأن هذا الشعب المسكين كُتب عليه أن يدفع الثمن مرة تلو الأخرى، ليس فقط من آلة الحرب الإسرائيلية، بل من عناد وتعنّت قادة حماس الذين يسوقونه إلى الهاوية دون اكتراث، وكأن أرواح الأبرياء مجرد أرقام في معادلاتهم العبثية.
لقد أنهكت غزة، قُتلت ودُمّرت وهُجّرت، ومع ذلك لا يزال قادة حماس يتصرفون وكأنهم أصحاب القرار الوحيد، مستمرون في كبريائهم يعاندون الواقع، يرفضون الاعتراف بالأخطاء القاتلة التي أوصلت غزة إلى هذه الكارثة المطلقة، منذ انقلابهم على الشرعية الفلسطينية عام 2007، غرقت غزة في نفق مظلم، دون أي بصيص أمل، خمس حروب متتالية، والنتيجة؟ عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، مئات الآلاف من النازحين، مدينة بأكملها تحولت إلى أنقاض، ومع ذلك لا يزال هؤلاء القادة يعلنون “الانتصار” بعد كل حرب! أي نصر هذا؟ هل النصر يقاس بعدد القبور التي حُفرت؟ أم بمقدار الخراب الذي حلّ؟ أم بمزيد من التشريد والموت والدمار؟
ويا ليتهم تعلموا شيئاً من كل ما حدث! بل على العكس، استمروا في المكابرة والغطرسة، في اتخاذ القرارات الانتحارية، وآخرها كانت “السابع من أكتوبر”، التي دخلوا فيها دون حساب أو تخطيط، دون حتى التفكير في العواقب الوخيمة على شعب محاصر ومدمر، قرارات مصيرية تُتخذ في غرف مغلقة، دون استشارة أحد، دون حتى مراعاة لأبسط حقوق الفلسطينيين في الحياة، والنتيجة؟ غزة اليوم أمام كارثة وجودية، أمام خطر الفناء الحقيقي، وليس مجرد أزمة عابرة.
ورغم هذا الخراب، يخرج قادة حماس بكل وقاحة ليتحدثوا عن “إنجازات استراتيجية”! أي إنجازات هذه؟! هل دمار غزة أصبح إنجازاً؟ هل قتل الأطفال وتشريد النساء يُحسب انتصاراً؟ كفاكم عبثاً بعقول الناس، كفاكم كذباً ومزايدات، لقد طفح الكيل، لقد دُمرت غزة بالكامل، والشعب لم يعد يحتمل مزيداً من المغامرات والمقامرات التي يدفع ثمنها وحده!
إن ما حدث ويحدث في غزة ليس قدراً محتوماً، بل هو نتيجة حتمية لقيادة منفصلة عن الواقع، مهووسة بالشعارات والخرافات، لا تملك أي رؤية سياسية حقيقية، ولا أي استراتيجية سوى جرّ الشعب من مجزرة إلى أخرى، ومن كارثة إلى أخرى، قرارات تُبنى على رؤى منامية وخزعبلات رقمية، كأن مصير الملايين مجرد تجربة فاشلة تستحق “أجراً واحداً” على اجتهاد خاطئ!
لقد حان الوقت للعقلاء إن وُجدوا داخل حماس أن يتحركوا، أن يوقفوا هذا العبث القاتل، أن يعترفوا بأن الحركة نفسها في خطر وجودي، وأن استمرارها بهذا الشكل يعني نهايتها ونهاية غزة معها، هذه الحرب يجب أن تتوقف فوراً، الآن وليس غداً، بأي ثمن كان، حتى لو تطلب الأمر إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، كفى دماء، كفى دماراً، كفى مزيداً من الضحايا في محرقة لا رابح فيها إلا الاحتلال.
إلى قادة حماس،، أوقفوا هذه الحرب، أوقفوا قتل شعبنا، قبل أن لا يبقى هناك شيء اسمه غزة، ولا شيء اسمه قضية فلسطينية!