أمد/ بيروت: قال الرئيس اللبناني، جوزيف عون، يوم الخميس، إن جيش بلاده يواصل أعماله بدقة جنوبي البلاد خلافا لما تروج له إسرائيل عن “تقصير” في الإيفاء ببنود وقف إطلاق النار، الساري مع تل أبيب منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، فيما ارتكبت إسرائيل آلاف الخروقات منذ ذلك الحين.

جاءت تصريحات عون، خلال استقباله في بيروت آن كلير لو جاندر، المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التي وصلت البلاد في زيارة غير محددة المدة، وفق بيان للمكتب الإعلامي للرئيس اللبناني.

وذكر البيان أن عون أبلغ لو جاندر أن ما يمنع الجيش اللبناني من استكمال انتشاره جنوب نهر الليطاني حتى الحدود الدولية، هو “استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية، ومواصلة الأعمال العدائية، وعدم تطبيق الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024”.

وأضاف عون: “رغم كل ذلك، يواصل الجيش اللبناني عمله في المناطق التي انتشر فيها جنوب الليطاني، لا سيما بغرض مصادرة الأسلحة والذخائر، والكشف عن الأنفاق والمستودعات، وبسط سلطة الدولة كاملة، تطبيقا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 (المعتمد في 2006 لوقف الأعمال العدائية)، وتنفيذا للخطة الأمنية التي وضعتها قيادة الجيش، بناء على طلب الحكومة اللبنانية”.

وفي 5 آب/ أغسطس الماضي، أقرّ مجلس الوزراء اللبناني، حصر السلاح بيد الدولة، بما فيه سلاح “حزب الله”، وتكليف الجيش بوضع خطة وتنفيذها قبل نهاية عام 2025، غير أن الحزب يصرّ على عدم إلقاء سلاحه، قبل إنهاء العدوان الإسرائيلي.

وشدّد عون على أن الجيش اللبناني “ينفّذ بدقة التعليمات المعطاة له، خلافا لكل ما تروّج له إسرائيل من حملات، بهدف النيل من قدرة الجيش، ودوره الذي يحظى بدعم جميع اللبنانيين”.

وأضاف مستنكرا: “كيف أن بعض الدول (لم يسمها) تتبنى ما تروج له إسرائيل من عدم تنفيذ لبنان التزاماته بموجب الاتفاق”.

وتابع: “بينما يتجاهل هؤلاء ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات متواصلة وانتهاك لإرادة المجتمع الدولي، لا سيما إرادة رعاة اتفاق وقف الأعمال العدائية: فرنسا والولايات المتحدة”.

ولفت إلى استشهاد 12 عسكريا لبنانيا، أثناء تأديتهم مهامهم، منذ بدء سريان اتفاق وقف النار، مؤكدا أن “كل ما يقال عن تقصير في عمل الجيش هو محض افتراء”.

وذكر أن الجيش يحتاج إلى تجهيزات وآليات عسكرية، داعيًا إلى دعم “مؤتمر مساندة الجيش اللبناني”، الذي تعمل فرنسا على تنظيمه بالتعاون مع الولايات المتحدة والسعودية، دون تحديد موعده.

وفي السياق، رحب عون بأي مشاركة أوروبية في حفظ الاستقرار بعد انسحاب قوات “يونيفيل” الأممية بنهاية عام 2026، بالتنسيق مع الجيش الذي سيرتفع عدده مع نهاية هذه السنة إلى 10 آلاف عسكري.

من جانبها، نقلت لو جاندر تأكيد الرئيس الفرنسي على الاستمرار في مساعدة لبنان، والعمل على عقد مؤتمري “إعادة الإعمار”، و”دعم الجيش اللبناني”.

وخلال زيارتها، التقت لو جاندر رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه برّي، الذي بحث معها تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة، وفق بيان لمكتبه الإعلامي.

سلّام: ضرورة مساهمة الصليب الأحمر بتحديد مصير الأسرى

في السياق، بحث رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلّام، مع المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط، نيكولا فون آركس، قضية الأسرى اللبنانيين في إسرائيل، ومتابعة أوضاعهم الإنسانية.

جاء ذلك خلال لقاء في بيروت جمع سلام مع وفد من الصليب الأحمر برئاسة فون آركس، يوم الخميس، وفق بيان لرئاسة الحكومة اللبنانية.

ووفق تقارير صحافية، لا زال 20 لبنانيا مأسورين في إسرائيل، بينهم أسرى حرب ومدنيون، ومنهم من خطفه الجيش الإسرائيلي أثناء محاولات سكان القرى جنوبي لبنان العودة إلى قراهم في كانون الثاني/ يناير الماضي، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

وشدّد سلّام خلال اللقاء على “ضرورة مساهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في التأكد من أعداد الأسرى اللبنانيين، وتحديد مصيرهم، ومعرفة أماكن احتجازهم، والاطمئنان على ظروفهم الإنسانية وحالتهم الصحية”.

وذكر أن لبنان يطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالضغط على إسرائيل، لضمان عودة الأسرى إلى وطنهم.

وأشاد بدور اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجهودها الإنسانية في لبنان، لا سيما في الجنوب.

من جانبه، عرض وفد اللجنة الدولية نتائج زيارته إلى لبنان، وما شملته من جولات ميدانية ومشاريع جارية، لا سيما في مجالات إصلاح شبكات المياه وتعزيز البنى التحتية في المناطق الجنوبية، وفق ذات المصدر.

الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت 114 مدنيا في لبنان منذ وقف إطلاق النار

وفي سياق ذي صلة، أعلنت الأمم المتحدة عن استشهاد ما لا يقلّ عن 114 مدنيًا في لبنان، جرّاء هجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

جاء ذلك على لسان الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، في ردّ خطي على سؤال بخصوص استمرار إسرائيل في استهداف لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار.

وذكر الخيطان أنهم يتابعون الغارات الجوية الإسرائيلية على مبان في قرى جنوب لبنان، مشيرا إلى أن عدد المدنيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في لبنان منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، قد ارتفع إلى 114 قتيلًا.

وقال: “يجب فورًا وقف التأثير المميت المستمر على المدنيين، إذ يعيش سكان جنوب لبنان حالة من عدم الاستقرار، وانعدام الأمن منذ أكثر من عامين، دون أن تلوح في الأفق أي نهاية لهذه الأزمة”.

وطالب الخيطان بالامتثال الفوري والكامل للقانون الإنساني الدولي، ولاتفاقية وقف الأعمال العدائية، الموقعة بين لبنان وإسرائيل.

ومنذ سريان وقف إطلاق النار بوساطة أميركية في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، تواصل إسرائيل خرقه بوتيرة يومية، لا سيما جنوبي لبنان، وتبرّر ذلك بإعادة “حزب الله” تعزيز قدراته العسكرية، وعدم قدرة بيروت على سحب سلاحه.

وحاول ذلك الاتفاق وقف عدوان شنته إسرائيل على لبنان منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم تحوّل في أيلول/ سبتمبر 2024، إلى حرب شاملة، قتلت خلالها إسرائيل، أكثر من 4 آلاف شخص، وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.

ولا تزال إسرائيل تتحدى الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب، سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.

وخلال الأسابيع الأخيرة، تتمادى إسرائيل في زيادة وتيرة خروقاتها في لبنان لاتفاق وقف إطلاق النار.

شاركها.