عندما يقع “مجانين السرعة” في شرّ أعمالهم!
يصنع عشاق السرعة مشاهد مرعبة على الطرقات لارتكابهم مناورات وتجاوزات خطيرة، يوثقونها في فيديوهات يتم نشرها في حساباتهم الشخصية عبر”تيك توك” وأنستغرام وفايسبوك”، لكن سرعان ما تصطادها كاميرات الهواتف المحمولة لمواطنين من خلال تصويرها ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي في خطوة ساعدت على الإطاحة بمرتكبي المخالفات وإحالتهم على العدالة.
أوقفت خلية اليقظة المرورية لمركز الإعلام والتنسيق المروري، بقيادة الدرك الوطني بالتنسيق مع المصلحة المركزية لمكافحة الإجرام السيبراني، خلال الثلاثة أشهر الأخيرة 52 سائق قاموا بمناورات خطيرة باستعمال الدراجات النارية كبيرة الحجم ومركبات خفيفة، بل وحتى حافلات نقل المسافرين على مستوى ولايات الجزائر العاصمة، قسنطينة، بحاية، وهران، الطارف، ورقلة وجيجل .
في السياق، قال الرائد سمير بوشحيط رئيس مكتب التنسيق المروري في تصريح لـ “”، أمس، أن بعض السائقين أغلبهم بين 20 و30 سنة يرتكبون مناورات خطيرة تعرض حياة الغير للخطر، وذلك بتوثيق السرعة من عداد المركبة، المرور العشوائي، وتغيير الاتجاه دون ضرورة حتمية، وعدم الامتثال لإنذار التوقف الصادر عن الأعوان المؤهلين.
وأبرز المصدر نفسه أن السلوكات السلبية والمخالفات المرتبكة من قبل هؤلاء الشباب وتوثيقها من شأنها أن تحرض على ارتكاب مزيد من هذه الأفعال، كما أنها تؤدي أيضا لارتكاب حوادث مميتة، مشيرا إلى أن خلية اليقظة المرورية، وبعد استغلالها للمعلومات المنشورة عبر الفضاء الإلكتروني وتحليلها، بالتنسيق مع الوحدات الإقليمية، مكنت من الوصول إلى الأشخاص المخالفين المشتبه فيهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم بالتنسيق مع الجهات القضائية.
وبهذا الخصوص، كشف بوشحيط عن آخر القضايا التي نشرتها صفحة طريقي الخاصة بالإعلام المروري للدرك الوطني، تتعلق بتوقيف عناصر الدرك الوطني صاحب فيديو المناورات الخطيرة على مستوى الطريق الوطني رقم 44 بالقالة، مع تعريض مستعملي الطريق للخطر.
الفيديو الذي مدته 38 ثانية تداوله السائق المتهور على منصات التواصل الاجتماعي، يقوم فيه بمناورات خطيرة على مستوى الطريق الوطني رقم 44 الرابط بين بلدية السوارخ والقالة، دون احترام معايير السلامة المرورية، مع تعريض مستعملي الطريق للخطر على مستوى طرقات مدينة أم الطبول .
وبعد نشر الفيديو من طرف مستعملي الطريق على تطبيق “تيك توك” ورصده من طرف خلية اليقظة المرورية لمركز الإعلام والتنسيق المروري، بقيادة الدرك الوطني عبر الفضاء السيبراني، تمت مباشرة التحريات من خلال تعريف نوع المركبة ومالكها والوصول إلى الهوية الكاملة للسائق وتوقيفه.
وفي منتصف الشهر الماضي، قام شخص بنشر فيديو عبر موقع “تيكتوك” وهو يقوم بصب بنزين وسط الطريق وإشعال النار بمناسبة بلوغه مليوني متابع على ذات المنصة.
ووفق بيان لقيادة الدرك الوطني، باشرت وحدات المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالجزائر إجراءات تعريف المركبة ومعرفة صاحب الفيديو، بعد تلقي الفيديو من خلية اليقظة لمركز الإعلام وتنسيق المرور لقيادة الدرك الوطني، لتقوم بتوقيف المعني الذي عرض نفسه ومستعملي الطريق للخطر، بالإضافة إلى عرقلة حركة المرور وغلق الطريق.
وبطرقات وهران، ألقي القبض على سائق آخر كان يقود سيارة سياحية بسرعة فائقة، ويقوم بنشر فيديوهات توثّق “مناورات متهورة” على منصة تيك توك أيضا من أجل التفاخر وتحريض المتابعين على هذا السلوك. وأظهرت التحقيقات في القضية أن مركبة السائق المتهور تسببت في حادث مرور سابق.
وفي قضية أخرى مشابهة، ألقت المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالجزائر العاصمة القبض على سائقين قاموا بمناورات وتغيير الأروقة بالسرعة المفرطة على مستوى الطرقات السريعة، مع حمل الهاتف وتصوير هذه السلوكات غير اللائقة ثم نشرها على حساباتهم الإلكترونية، وبالأخص تطبيق تيك توك.
ويواجه المتورطون في هذا النوع من القضايا السجن لعامين حبسا نافذة وغرامات مالية تصل إلى 10 ملايين سنتيم، عن جنحة تعريض حياة الغير للخطر بالانتهاء المتعمد لواجب من واجبات الاحتياط والسلامة، ومخالفة قانون المرور.
ويحذر ممثل الدرك الوطني جميع المخالفين والمواطنين من هذه التصرفات السلبية والخاطئة، مع التبليغ عنها عبر الرقم الأخضر1055 أو موقع الشكوى المسبقة عن بعد، مؤكدا على توجيه تعليمات لوحدات الدرك عبر الوطن بضرورة التحلي بالصرامة في تطبيق أحكام قانون المرور، وقانون العقوبات بالتنسيق مع الجهات القضائية.
وتعد حوادث المرور أكبر هاجس يؤرق مصالح الأمن، رغم الحلول المقترحة من أجل التقليل منها، حيث استحدث الدرك الوطني العام الماضي خلايا لمطاردة وملاحقة السائقين الذين يقومون بالمناورات الخطرة عبر الطرقات، بهدف توقيفهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، نظراً إلى ما يشكلونه من خطر على أنفسهم وباقي مستخدمي الطريق.
وتعتمد هذه الخلايا على عناصر المفاجأة والتمويه والديناميكية والسرعة في التدخل، وكذلك المرونة في العمل لوضع حد لمثل هذه التصرفات، وأن كل هذه الإجراءات ترمي إلى التقليل من حوادث المرور والقضاء على هذه التصرفات غير القانونية التي تشكل خطراً على مستعملي الطريق.
وتعتبر هذه الخلايا، كإجراء وقائي استباقي لمنع وقوع الحوادث المرور المميتة التي عرفت منحنى تصاعدياً قياسياً، وجاءت بعد دراسة معمقة ومفصلة ودقيقة حول النقاط السوداء ومحاور الطرق التي تكثر فيها مثل هذه المخالفات من فئة المناورات الخطرة والسرعة المفرطة.
نشير إلى أن الحصيلة السنوية لنشاطات مصالح الدرك الوطني على مستوى مناطق اختصاصها، بلغت 2963 وفاة، وإصابة 13394 آخرين بجروح على إثر وقوع 8054 حادثا مروريا خلال سنة 2023.