أمد/ واشنطن: تأجّل اجتماع وزاري كان مقرراً الثلاثاء في واشنطن، ويجمع الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، لبحث سبل إنهاء الحرب في السودان، وذلك بسبب خلاف بين القاهرة وأبوظبي حول صيغة البيان الختامي، بحسب ما أفاد به مصدران دبلوماسيان لفرانس برس.
ويُعد أبوظبي والقاهرة من أبرز اللاعبين الإقليميين المنخرطين في الأزمة السودانية، وقد تباينت مواقفهما حيال دور الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أي عملية سلام محتملة مستقبلاً.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في وقت سابق أن الهدف من الاجتماع هو “رسم مسار نحو مفاوضات لإنهاء الحرب” التي أودت بحياة عشرات الآلاف وتسببت في واحدة من أكبر أزمات الجوع والنزوح في العالم.
وقال دبلوماسي عربي لوكالة فرانس برس، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن “الاجتماع أُرجئ بسبب خلافات لم تُحلّ حول البيان الختامي”، مشيراً إلى أن “الإمارات أدخلت تعديلاً في اللحظة الأخيرة يقضي بعدم إشراك الجيش والدعم السريع في العملية الانتقالية المستقبلية”، وهو ما اعتبرته القاهرة “أمراً غير مقبول”.
لطالما شددت مصر، الحليف الأقرب للجيش السوداني، على أهمية “الحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية”، في إشارة ضمنية إلى دعم المؤسسة العسكرية.
وأكد مصدر آخر مطلع على مجريات المفاوضات أن “الولايات المتحدة وزّعت مسودة بيان وافق عليها الجميع، بمن فيهم الإمارات، لكن مصر رفضت الجزء المتعلق بعدم سيطرة أي من الطرفين المتحاربين على المرحلة الانتقالية”، مشيراً إلى أن واشنطن قررت تأجيل الاجتماع إلى وقت لاحق.
وكانت الولايات المتحدة، في عهد الرئيس جو بايدن، قد رعت إلى جانب السعودية عدة جولات تفاوضية في جدة بهدف إنهاء النزاع، إلا أن تلك الجهود لم تفلح في وضع حد للحرب التي يعتبرها مراقبون حرباً متمددة إقليمياً.
وحذرت الأمم المتحدة مراراً من تورّط قوى خارجية في تأجيج الصراع داخل السودان، البلد الغني باحتياطات الذهب التي تستورد أبوظبي معظمها إضافة إلى أراضٍ زراعية واسعة وشريط ساحلي استراتيجي على البحر الأحمر.
ورغم التحالف الإقليمي بين القاهرة وأبوظبي، فإن موقفيهما من الحرب في السودان متضادان، إذ تُتهم الإمارات على نطاق واسع بتسليح قوات الدعم السريع، في خرق لحظر توريد الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على إقليم دارفور، وهي اتهامات ترفضها أبوظبي رغم تقارير دبلوماسية وسياسية غربية ودولية تؤكد ذلك.
وفي أخر تصريح له، شدد مستشار رئيس الدولة أنور قرقاش، على أن أبوظبي تدعم بشدة إنهاء الحرب الأهلية في السودان “فوراً”.
وقال قرقاش، في تدوينة على منصة “إكس”، إن الإمارات تعمل بشكل بنّاء مع شركائها الإقليميين والدوليين من أجل السلام، مضيفاً: “نؤمن بأن مستقبل السودان يكمن في حكومة مستقلة بقيادة مدنية”.
وفي مطلع يوليو الجاري، قال قرقاش إن الإمارات تواصلت مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بطلب من الأمم المتحدة لإنهاء الصراع.
وأضاف قرقاش حينها قائلاً: “كشاهد عيان أؤكد أن قادة الإمارات تواصلوا مع كل من الجنراليْن البرهان وحميدتي، وغالباً ما كان ذلك بطلب من الممثل الخاص للأمم المتحدة؛ في محاولة لمنع الانزلاق نحو الحرب”.
وبداية الشهر الجاري، طالب السودان المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق بحق دول وكيانات أجنبية يتهمها بتقديم دعم عسكري ولوجستي لقوات الدعم السريع، بحسب ما أفاد موقع “سودان تريبيون.
جاء ذلك في كلمة حديثة لمندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن، الحارث إدريس، دعا فيها للتحقيق مع ما أسماه “كبير الرعاة الإقليميين” لقوات الدعم السريع، في إشارة إلى أبوظبي.
وقال إدريس إن هذا الدعم يهدف إلى إطالة أمد الحرب وتقويض سيادة الدولة، مناشداً في الوقت نفسه المجتمع الدولي تقديم دعم مالي عاجل لتمكين المحكمة من مواصلة تحقيقاتها في جرائم دارفور.
توتر متصاعد
وتصاعدت حدة التوترات بين الخرطوم وأبوظبي مؤخراً، بعد اتهامات رسمية وجهتها الحكومة السودانية إلى الإمارات بالتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة التأثير على المواقف الدولية بشأن النزاع القائم في السودان.
وذكرت وزارة الخارجية السودانية أن أبوظبي تقود تحركات دبلوماسية في المحافل الدولية تهدف إلى “حماية قوات الدعم السريع من الإدانة”، مشيرة إلى ما وصفته بمحاولات إماراتية خلال اجتماعات حركة “عدم الانحياز” في نيويورك لحذف بند يعرب عن التضامن مع السودان من مشروع البيان الختامي، وكذلك تفادي توصيف الدعم السريع كـ”تمرد على الشرعية الوطنية”.
واتهمت الخرطوم الإمارات بدعم مباشر وممنهج لقوات الدعم السريع، متهمة إياها بمحاولة الترويج لفكرة تشكيل “حكومة موازية” تحت سلطة تلك القوات، وهو ما رفضته منظمات إقليمية ودولية، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية السفير بابكر الصديق.
كما قدم السودان دعوى أمام محكمة العدل الدولية يتهم فيها أبوظبي بالضلوع في “أعمال إبادة جماعية” عبر دعم طرف في النزاع، إلا أن المحكمة رفضت النظر في القضية بناءً على تحفظات قانونية قدمتها أبوظبي تتعلق ببنود في اتفاقية جنيف.