اخبار المغرب

ذوبان جليد السياسة يرفع أسهُم الاقتصاد في بورصة علاقات المغرب وفرنسا

نحو “مزيد من التسارع”، تَسير عربة العلاقات الاقتصادية المغربية الفرنسية في اتجاه تأكيد “المكانة الاستراتيجية” التي طالما تبوأتها باريس في رسم خريطة علاقاتها الخارجية مع الشركاء المغاربيين؛ وهو ما جدد التأكيد عليه كل من رئيسي الدبلوماسية في باريس والرباط.

وبعد توالي “مؤشرات” ذوبان جليدٍ “جمّد” لما يقارب 3 سنوات دينامية العلاقات الثنائية على جميع الأصعدة، فإن زيارة سيجورني التي مضت أواخر فبراير و”زيارة أخرى مرتقبة” لوزير المالية والاقتصاد الفرنسي، خلال شهر أبريل المقبل للمشاركة في المنتدى الاقتصادي المغربيالفرنسي تُبرز ما سماه بعض المتابعين “الهاجس الاقتصادي الفرنسي الحاضر بقوة لتقوية وإسناد عودة المياه الدبلوماسية إلى مجاريها وتجديد دينامياتها لإقامة “شراكة طويلة ممتدة للثلاثين سنة المقبلة”، حسب ما أكده سيجورني من الرباط.

الهاجس الاقتصادي المهيمِن في شراكة باريسالرباط ترجمَه حديثُ وزير الخارجية الفرنسي عن “خطة طريق لبناء شراكة تمتد إلى الـ30 سنة المقبلة”، مُقرا بتقدم مسيرة التنمية بالمغرب؛ وهو دليل قوي على حضور “الهاجس الاقتصادي بمثابة مكون أساسي حاسم في عقيدة الدبلوماسية الفرنسية”.

“عمق اقتصادي بمصالح مشتركة”

تعليقا على الموضوع، قال إدريس الفينا، أستاذ علوم الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إن “علاقات الرباط وباريس تتمتع بعمق اقتصادي كبير تدعمُه تحقيق المصلحة المشتركة للبلدين”، مؤكدا في تصريح لهسبريس أن “فرنسا تبقى في مرتبة الشريك الاستراتيجي والأهم بالنسبة للمغرب”.

واستدل الفينا، في حديثه، على “مخزون متراكم بقوة من لدن الشركات الفرنسية الكبرى يدعم دينامية استثمارات خارجية مباشرة لفرنسا بالمغرب، إذ تظل متصدرة سواء لمبالغ صافي التدفقات (IDE) بـ270 مليار درهم”، قبل أن يصفه بـ”رقم هائل وجد مهم يجب عدم نسيانه”.

وقال الخبير الاقتصادي ذاته إنه “ليس من الخفي أن شركات فرنسية كبرى استثمرت طيلة العقدين الماضيين وما زالت تضخ استثمارات ضخمة في مجالات الصناعة خاصة صناعات السيارات والطيران”، موردا أيضا “ترحيل خدمات جديدة وتكنولوجيات جديدة عالية القيمة والدقة والأداء في النسيج الاقتصادي المغربي”.

كما لفت إلى “حضور فرنسي متنامٍ في تعزيز إنجازات السياحة المغربية، عبر تعزيز سلاسل القيمة والإنتاج في مهن الفندقة ومؤسسات الإيواء”، مبرزا أيضا الحضور الوازن لباريس في مجالات البناء والأشغال العمومية عبر شركات ذات رأسمال كبير”.

وضرب أستاذ الاقتصاد مثالا على إمكانيات استفادة المغرب من الريادة الفرنسية في تشييد وبناء مُركبات نووية، فضلا عن توفير “تكنولوجيا عمل منشآت الطاقات البديلة، فضلا عن البنيات التحتية (السكك الحديدية والموانئ…)، مبرزا إمكانية استفادة المغرب من “تكنولوجيا فرنسية متقدمة في مشاريع تحلية البحر التي يُعول عليها المغرب لمجابهة الإجهاد المائي الهيكلي”.

وخلص إلى أن “جزءا لا يستهان به من الديون الخارجية للمغرب تبقى مرتبطة بمانحين وممولين فرنسيين في الأصل”؛ ما يدل، حسب الفينا، على “الثقة في ضخ الاستثمارات وجذب المغرب لرؤوس أموال ورواد أعمال فرنسيين”، خاتما بأن “الشراكة المغربية الفرنسية متجددة اقتصاديا وتنبني على شقي التمويل والاستثمار”.

“رهانات استثمارية فرنسية كبيرة”

في المنحى ذاته، يتفق محمد الرهج، المحلل الاقتصادي أستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، على فكرة أن “الاستثمارات الفرنسية بالمغرب احتفظت بأهميتها التاريخية على مر العقود وباختلاف الرؤساء ساكِني الإليزيه”.

هذه الأهمية، حسب الخبير الاقتصادي، “متأتية من قيمتها ومبالغها وكذا مجالات الاستثمار، ونظرا لأنها استثمارات تراكمية مباشرة في الغالب؛ ما يرفع مخزون الاستثمارات الخارجية بالمغرب (stock IDE)، ويجعل من باريس المستثمِر الأول فوق التراب المغربي”.

وفي إفاداته لجريدة هسبريس، أكد الرهج أن “حديث سيجورني من الرباط لمح بوضوح إلى استمرار فرنسا ورغبتها في استثمارات البنيات التحتية والفوز بصفقات كبرى؛ من قبيل مشاريع تشييد الموانئ والمطارات الجديدة، فضلا عن دعم شركات ذات رأسمال فرنسي في مجالات التأمينات والبنوك بعمق قاري في إفريقيا وعلى مدى أبعد”.

“ما يجعل الرهانات الفرنسية كبيرة لمواكبة الدينامية المغربية اقتصاديا هو أن باريس أحست بخطر فقدان التأثير الاقتصادي في المغرب وإفريقيا أيضا خلال السنوات الثلاث الأخيرة حينما توترت العلاقات السياسية والديبلوماسية”، سجل المحلل ذاته لافتا إلى أن “الشراكة البعيدة من المنتظر أن تشمَل استمرار الاستثمارات الفرنسية في مسار تمويل قطاعات صناعات الطيران والسيارات، وكذا مشاريع تأهيل وإصلاح الطرق السيارة وتطوير شبكات السكك الحديدية (الجهوية والوطنية)، فضلا عن ترحيل التكنولوجيا والخدمات”.

وأجمل الرهج بأن “الاقتصاد وتوفير مناخ أعمال مناسب ومُشجع هي ورقة مهمة في يد المغرب من أجل استمرار الضغط الإيجابي على باريس مقابل انتزاع موقف أكثر وضوحا في قضية الصحراء المغربية، على غرار إسبانيا وأمريكا”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *