أمد/ غزة:يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة للعام الـثاني على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه الجوي والمدفعي العنيف لمختلف أنحاء القطاع، ما يوقع عشرات الشهداء والجرحى يوميًّا.
وتشهد أحياء مدينة غزة قصفًا مكثفًا، إذ أفاد الدفاع المدني أن الفلسطينيين محاصرون داخل أبراج حي تل الهوا تحت غارات جوية ومدفعية متواصلة وعمليات تفجير تنفذها المدرعات المفخخة.
ونفذ سلاح الجو الإسرائيلي نحو عشرات الغارات على الحي شملت محيط مستشفى القدس، بالتزامن مع تفجيرات في الشيخ رضوان وشارعي النفق والجلاء، فيما طاول القصف أيضًا أحياء الزيتون والصبرة والشجاعية والتفاح والدرج.
وتتركز الضربات الإسرائيلية على أحياء مدينة غزة، حيث دُمّرت مبانٍ سكنية في حيي الشيخ رضوان والجلاء، كما شملت الغارات محيط بركة الشيخ رضوان، إلى جانب استهدافات جوية لمناطق في خانيونس، وشمال النصيرات، ومفترق الغفري وحي الصبرة، فيما استخدم الطيران المروحي لإطلاق النيران شمال شرقي المدينة.
في ظل هذا التصعيد، يتواصل نزوح العائلات من شمال القطاع نحو غرب مدينة غزة، حيث يعيش نحو 900 ألف فلسطيني في ظروف إنسانية قاسية تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
استشهد العديد من الأشخاص، يوم الثلاثاء، جرّاء الغارات المتواصلة من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
واتّسمت الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة في مصر، بين حركة حماس وإسرائيل، “بالإيجابية”، بحسب ما أفادت تقارير، مشيرة إلى أن المحادثات من المُقرَّر أن تُستأنَف، يوم الثلاثاء.
وأعلنت الدوحة، أنها تعمل على الوصول لوقف نار طويل الأمد في قطاع غزة، مشدّدة على أنه من المبكرّ في الوقت الحاليّ، التحدّث عن بدائل لخطة الرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، للسلام.
تتواصل لليوم الثاني على التوالي المفاوضات في شرم الشيخ في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول تطبيق خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لوقف الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بمشاركة وفود من إسرائيل وحركة حماس، إلى جانب وسطاء من مصر وقطر وتركيا.
ارتفاع حصيلة الضحايا
أعلنت مصادر طبية في قطاع غزة، يوم الثلاثاء، ارتفاع عدد الشهداء إلى 67173 والمصابين إلى 169780، من بينهم 20179 طفلا، و10427 سيدة، و4813 من كبار السن و31754 من الرجال.
ووثقت المصادر الطبية التداعيات الكارثية على النظام الصحي، بعد مرور عامين على حرب الإبادة الجماعية، على النحو التالي:
بلغ عدد الشهداء من الطواقم الطبية 1701 شهيد، و362 معتقلاً في ظروف اعتقال وتغييب قسري وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية.
25 مستشفى خرجت على الخدمة من أصل 38 مستشفى، فيما لا تزال 13 مستشفى تعمل بشكل جزئي وفي ظروف صعبة، كما دمر الاحتلال 103 مراكز للرعاية الصحية الأولية، من أصل 157 مركزا, فيما تعمل 54 مركزاً بشكل جزئي.
توقف الإمدادات الطبية المنتظمة وعرقلة وصولها الآمن إلى المستشفيات وازدياد أعداد الإصابات والشهداء فاقمت أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية في الأقسام الحيوية، حيث بلغت نسبة الأصناف الصفرية من الأدوية 55% ومن المستهلكات الطبية 66% ومن المستلزمات المخبرية 68%.
ارتفاع نسبة إشغال الأسرّة في المستشفيات حتى نهاية سبتمبر الماضي إلى 225%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إذ بلغت 82% وهي نسبة كارثية مع تزايد حالات الدخول والإصابات الحرجة.
أدى استهداف المؤسسات الصحية المباشر إلى تدمير الأنظمة الكهربائية والأنظمة الكهروميكانيكية، حيث دمر الاحتلال 25 محطة توليد أكسجين من أصل 35 محطة, و61 مولدا كهربائيا من أصل 110 مولدات. تفاقمت مستويات المجاعة في قطاع غزة إلى حدود خطيرة وفق التصنيفات الأممية، إذ تم تسجيل 460 حالة وفاة جراء المجاعة وسوء التغذية منها 154 طفلا، فيما لا يزال 51196 طفلا دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد.
تكدس المواطنين في مناطق التجميع القسري والمسماة باطلاً بالإنسانية فاقم أوضاعهم الصحية والإنسانية مع انعدام مقومات الحياة، التي أدت إلى تفشي الأمراض وانعدام مصادر المياه الصالحة للشرب، والحرمان من مصادر الغذاء.
منع وصول التطعيمات الروتينية والطارئة أدى إلى انخفاض نسبة تغطية تطعيمات الأطفال إلى 80%، إضافة إلى توقف المرحلة الرابعة من التطعيم الوقائي من شلل الأطفال، ما يهدد بفشل المراحل السابقة مع ازدياد عوامل انتشار المرض.
4900 حالة بتر وإعاقة بحاجة إلى أدوات مساندة وبرامج تأهيل طويلة الأمد.
أدى إغلاق المعبر أمام حركة مغادرة المرضى والجرحى إلى حرمان 18 ألف مريض من السفر للعلاج في الخارج، منهم 5580 طفلاً.
حتى اللحظة لا تزال الطواقم الطبية في مدينة غزة تقدم واجبها الإنساني والوطني رغم ما يحاصرهم من مخاطر تشكل تهديدا مباشرا على سلامتهم وسلامة المرضى والجرحى.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
أفادت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة، باستشهاد 10 مواطنين برصاص وقصف الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر اليوم الثلاثاء، بينهم شهيد من منتظري المساعدات.
وقالت إنه تم نقل ستة شهداء إلى مستشفى الشفاء، و2 إلى مستشفى ناصر، وشهيد إلى مستشفى الأمل، وشهيد إلى مستشفى الأقصى.
استُشهد طفل وشاب، قبل قليل، وأصيب آخرون، في قصف الاحتلال محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد طفل وإصابة آخرين، في قصف الاحتلال شارع 5 في خان يونس.
وأضافت المصادر ذاتها، استشهاد مواطن في قصف الاحتلال منطقة بطن السمين جنوب المدينة.
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه المدفعي والجوي العنيف منذ ساعات الليل الماضية، وحتى ساعات صباح يوم الثلاثاء، مخلّفا شهداء والجرحى.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد 3 مواطنين، وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال حي الصبرة جنوب مدينة غزة.
وأضافت المصادر ذاتها، أن عددا من المواطنين أصيبوا بجروح، في قصف الاحتلال المدفعي على شقة سكنية في شارع الشهداء بحيّ الرمال وسط مدينة غزة.
ويتواصل قصف الاحتلال الجوي والمدفعي صوب المناطق الجنوبية والشمالية الغربية من مدينة غزة، ويسمع أصوات انفجارات عنيفة في منطقتي الكرامة وأبراج المخابرات شمال غرب المدينة، وفي أحياء تل الهوا، والرمال الشمالي والجنوبي، والشيخ رضوان، والنصر، ومنطقة النفق، ومخيم الشاطئ.
وقبل قليل، فجر جيش الاحتلال عربة مفخخة في منطقة حي النصر شمال مدينة غزة.
كما يحلّق طيران الاحتلال الحربي الإسرائيلي على ارتفاع منخفض في أجواء القطاع، ومروحيات الاحتلال تطلق النار وسط مدينة خان يونس جنوبا.
وتدخل حرب الإبادة على قطاع غزة عامها الثاني، ما أسفر حتى اللحظة عن استشهاد 67,160 مواطنا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 169,679 آخرين، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
مفاوضات وقف إطلاق النار
تتواصل لليوم الثاني على التوالي المفاوضات في شرم الشيخ في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول تطبيق خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لوقف الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بمشاركة وفود من إسرائيل وحركة حماس، إلى جانب وسطاء من مصر وقطر وتركيا.
وأفادت مصادر صحفية، مساء يوم، الثلاثاء، بأن حماس طلبت ضمانات واضحة بشأن استكمال تنفيذ بنود الاتفاق بعد انتهاء المرحلة الأولى، وتمسكت بأن تقدم إسرائيل جدولًا زمنيًا محددًا للانسحاب الكامل من قطاع غزة، مشيرة إلى أن وفدين قطريًا وتركيًا وصلا إلى شرم الشيخ للمشاركة في المفاوضات خلال الساعات المقبلة.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع في إحاطة لوسائل الإعلام العبرية، إن “الاتصالات لم تُختتم بعد اليوم، وستستمر المفاوضات في الساعات القريبة”، عشية وصول وفد أميركي رفيع للمشاركة في المحادثات، وذكرت التقارير أن مفاوضات اليوم الثاني “ركزت على دراسة خرائط الانسحاب الإسرائيلي من غزة خلال المرحلة الأولى”.
وفي المقابل، نقلت القناة 13 العبرية عن مصدر إسرائيلي مطّلع على سير المفاوضات في مصر، وهو من الطاقم المهني وليس السياسي، بأن جلسات اليوم الثاني من المحادثات قد اختُتمت، فيما تستمر مشاورات جانبية بين الوفود المشاركة.
وقال المصدر إن “هناك أجواء تفاؤل بنهاية اليوم الثاني من المحادثات، مع إمكانية حقيقية للتوصل إلى تفاهمات”، مشيرًا إلى أن “بعض القضايا لا تزال بحاجة إلى تسوية، لكن الاتجاه العام حتى الآن إيجابي”.
وفي واشنطن، عقد ترامب اجتماعًا مع فريقه للأمن القومي لبحث تقدم المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب في غزة، وفق ما نقل موقع “أكسيوس”. وحضر الاجتماع كل من نائبه جي. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيسة طاقم البيت الأبيض سوزي ويلز.
وذكرت المصادر أن الاجتماع جاء قبيل مغادرة المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وصهر ترامب، جاريد كوشنر، متوجهين إلى مصر للمشاركة في المفاوضات، في خطوة تهدف إلى “تسريع التوصل إلى اتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة”، بحسب “أكسيوس”.
وعقب الاجتماع، قال ترامب خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي إن إدارته “منخرطة في مفاوضات جادة للغاية بشأن غزة”، مشددا على أن “هناك فرصة حقيقية لتحقيق إنجاز في المحادثات الجارية، وجميع دول العالم تدعمنا من أجل ذلك”.
وأضاف ترامب أن “فريقنا موجود حاليًا في المنطقة من أجل صفقة غزة، وهناك فريق آخر غادر للتو متجهًا إلى الشرق الأوسط لدعم المحادثات”، مشيرًا إلى أنه يرى في التطورات الراهنة “فرصة سلام تتجاوز غزة لتشمل الشرق الأوسط بأسره”، على حد تعبيره.
وذكرت هيئة البث العام العبرية (“كان 11”) أنه من المنتظر أن تشهد مفاوضات شرم الشيخ تسارعًا في وتيرتها مع وصول ويتكوف وكوشنر، اللذين أوفدهما ترامب لدفع المفاوضات نحو “اختراق حقيقي”.
مشيرة إلى أن “جلسات غير مباشرة جديدة ستُعقد الليلة بين إسرائيل وحماس، يتركز جدول أعمالها على خرائط الانسحاب والفيتو (الإسرائيلي) على بعض أسماء الأسرى (الفلسطينيين) المطروحين للإفراج”.
ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي مطّلع على سير المفاوضات قوله: “ما زلنا لا نعرف إلى أين تتجه الأمور، لكن الولايات المتحدة تتحرك بسرعة كبيرة لإغلاق الملفات العالقة… ومع ذلك، ما لم يحدث اتفاق فعلي، فلا شيء محسوم بعد”.
ونقلت “سي إن إن” عن مصادر مطلعة أن ويتكوف وكوشنر سيصلان إلى شرم الشيخ صباح الأربعاء، مشيرة إلى أنهما “منخرطان بعمق في صياغة المقترح الأميركي”، وأن ترامب وصفهما بأنهما “فريق من الدرجة الممتازة (A+)”، معربًا عن ثقته بأن التوصل إلى اتفاق بات قريبًا.
ويعمل المفاوضون على استكمال التفاهمات حول “المرحلة الأولى” من خطة ترامب التي تتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بينما قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن “هناك العديد من التفاصيل التي ما زالت بحاجة إلى معالجة”.
في السياق نفسه، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي في القاهرة، أن المباحثات “مستمرة في شرم الشيخ بين الوفد الإسرائيلي ووفد حركة حماس بمشاركة إقليمية”، موضحًا أن الوفد الأميركي “سينضم رسميًا إلى الاجتماعات غدًا”.
وأضاف أن المحادثات تشمل أيضًا “مقترحًا لاعتماد الخطة الأميركية في مجلس الأمن، ونشر قوات دولية لضمان حماية الفلسطينيين وتوفير الأمن للجانب الإسرائيلي”.
وقالت المصادر إن غرفة العمليات المركزية التي تدير المفاوضات برئاسة مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، تعمل “على مدار الساعة بالتنسيق مع قطر لتذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق”، مشيرة إلى أن المفاوضات تشهد “زخمًا متزايدًا مع انضمام الوفود الفنية والسياسية تباعًا”.
وبحسب مصادر صحفية، أبدت حماس مرونة في التعامل مع المقترح الأميركي، لكنها ما زالت متمسكة بـ”وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من داخل القطاع”، مؤكدة أن أي اتفاق يجب أن يتضمن هذه البنود كشرط أساسي لتبادل الأسرى. كما شددت الحركة على ضرورة أن يشمل الاتفاق فتح جميع المعابر وإدخال المساعدات تحت إشراف أممي، ورفضها إبقاء أي وجود عسكري إسرائيلي في مناطق مثل محور فيلادلفيا وتلة الشجاعية.
وقالت مصادر فلسطينية أن حماس شددت خلال المداولات على أن “عملية إطلاق الأسرى والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة يجب أن تكون في مسار واحد لا يتجزأ”، وأنها طالبت بإضافة كلمة “الكامل” إلى نصوص الاتفاق المتعلقة بالانسحاب لضمان الالتزام الزمني والتنفيذي.
أفادت قناة “القاهرة الإخبارية” المصرية مساء يوم الثلاثاء بأن مصر بدأت مناقشة قوائم الأسرى الفلسطينيين المزمع الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية، وذلك في إطار جهود التوصل إلى اتفاق تبادل شامل.
مطالب حماس وقائمة الأسرى
تضم قوائم الأسرى التي تطالب بها حركة حماس شخصيات بارزة مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وحسن سلامة، وعباس السيد، وآخرين.
أكدت حماس استعدادها لتسليم جميع الرهائن والمحتجزين الأحياء والجثامين لديها.
طالبت حماس بـتوضيح الآليات والإجراءات اللازمة لتنفيذ “خطة ترامب” التي تم طرحها، إلى جانب الحصول على ضمانات لعدم عودة إسرائيل للعدوان على غزة.
الجهود الدبلوماسية في شرم الشيخ
في سياق متصل، تشهد مدينة شرم الشيخ استمرار وصول وفود من قطر وتركيا والولايات المتحدة للمشاركة في اللقاءات الخاصة بتنفيذ الخطة.
وتكثف مصر جهودها مع مختلف الأطراف للتوصل إلى اتفاق واضح وتحديد الآليات والإجراءات المطلوبة لتنفيذ الخطة بشكل يضمن التزام كافة الأطراف.
أعلنت الدوحة، يوم الثلاثاء، أنها تعمل على الوصول لوقف نار طويل الأمد في قطاع غزة، مشدّدة على أنه من المبكرّ في الوقت الحاليّ، التحدّث عن بدائل لخطة الرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، للسلام.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافيّ، أن الدوحة “تعمل على الوصول إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار في غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من خطة ترامب”.
وأضاف: “نعمل عن قرب مع الطرف الأميركي للوصول إلى توافق بأن تطبيق خطة ترامب، لن يكون مؤقتا”، مشيرا إلى أنه “لا توجد عراقيل بشأن الموافقة على 20 نقطة وردت في خطة ترمب بل في تطبيق سريع لها”.
وذكر أن “الوقت مبكّر للتحدث عن أي بدائل في حال فشل خطة ترامب، لوقف إطلاق النار في غزة”.
وقال الأنصاري إن “وجود مكتب لحماس بالدوحة، كان جزءا من أداة الوساطة التي تقودها دولة قطر، منذ عام 2006”.
وأضاف أن “تسليم حماس للرهائن يعني نهاية الحرب، بحسب ما تنص عليه خطة ترامب”.
ولفت إلى أن “الموقف الأميركي واضح، ويربط بين تسليم الرهائن ووقف إطلاق النار وإنهاء الحرب”.
يأتي ذلك فيما انطلقت في مصر، الإثنين، مشاورات غير مباشرة بشأن تنفيذ خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، بحضور وفدين من إسرائيل وحركة حماس، لبحث ترتيبات تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
والجمعة، أعلنت حركة حماس موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وتسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين.
فيما أعلن ترامب عبر دوينة بمنصة “تروث سوشيال” ، الأحد، أن محادثات وقف إطلاق النار في غزة التي جرت خلال عطلة نهاية الأسبوع، “إيجابية وتتقدم بوتيرة سريعة”.
وفي 29 أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن ترامب خطة تتألف من 20 بندا، بينها: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حركة حماس.
نقابة الصحفيين: الاحتلال ارتكب في غزة أكبر جريمة إبادة إعلامية بتاريخ الانسانية
قالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب في غزة أكبر وأول جريمة إبادة إعلامية بتاريخ الإنسانية خلال عامين من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
وطالبت النقابة في بيان صدر عنها، اليوم الثلاثاء، تزامنا مع مرور عامين من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، “كافة الحكومات والبرلمانات والمؤسسات والهيئات الدولية بالضغط على الاحتلال من أجل دخول الصحفيين الدوليين والعرب إلى غزة”.
وقال بيان النقابة: “بعد مرور عامين من العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، عامان من الدم والقتل وعامان من اغتيال الحقيقة على يد جيش الاحتلال، وفي مثل هذه الأيام، وقبل عامين، فتحت آلة القتل الإسرائيلية أبواب الجحيم على قطاع غزة، حيث كان العدوان قرارا مدروسا وممنهجا بإبادة الحياة، وأولها إبادة الإعلام من صحفيين ومؤسسات إعلامية سحقها وأبادها الاحتلال عن بكرة أبيها من خلال محاولة كتم الصوت، واقتلاع الكاميرا، وإعدام واعتقال وجرح الشهود”.
وأضافت: إننا في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، لا نحصي أرقاما، بل نعد أسماء ووجوها وذكريات وزملاء وأصدقاء عشنا سوية معهم ولهم عائلات وأحلام وحياة إنسانية اغتالها الاحتلال، كنا نعد آخر رسالة أرسلها صحفي لزميله قبل أن تمزقه الصواريخ، وآخر صورة التقطها قبل أن يدفن تحت الركام، وآخر بث مباشر ختم بصوت أنين وصرخة “نحن نستهدف، نحن نموت”، ونعيش الوجع والظلم والقهر والمعاناة اليومية، فأكثر من 252 صحفيا وصحفية استشهدوا خلال عامين، بعضهم قتل مع عائلته، داخل منزله، البعض استهدف وهو يرفع الكاميرا لا السلاح، والآخر تم اغتياله لأنه كتب ونشر الحقيقة.
وأضاف البيان: “مئات الجرحى، بعضهم فقد أطرافه، آخرون فقدوا نور أعينهم، لكن لم يفقد أحد منهم إيمانه بالحقيقة، أما المعتقلون فمنهم من قضى شهورا في الزنازين الانفرادية لمجرد أنه نشر خبرا أو كشف جريمة”.
وأكدت النقابة أن هذه الحرب ليست حربا فقط على غزة، بل على الضمير الإنساني، على مهنة الصحافة، وعلى حق العالم في أن يرى ويسمع ويعرف، فالاحتلال لا يقتل الصحفي فقط، بل يقتل الرواية التي لا يريد لها أن يعرفها العالم.
وقالت: “نؤكد أننا في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، لا نملك إلا أن نكون صوت من كتم صوته، وكاميرا من كسرت عدسته، ونداء من لم يعد قادرا على النداء، لهذا نعلن للعالم أجمع: إن استشهاد هذا العدد من الصحفيين في عامين فقط هو الإبادة الإعلامية الأولى والأكبر في العصر الحديث والأولى من نوعها في تاريخ الإنسانية، وهو عار على كل من يصمت أو يساوي بين الجلاد والضحية”.
وحيّت النقابة كل المؤسسات الدولية التي وقفت مع الحق والعدالة للصحفيين الفلسطينيين وفي مقدمتهم الاتحاد الدولي للصحفيين، مطالبة كل من لم يتخذ موقفا ضد جرائم الاحتلال أنه حان الوقت لنصرة المظلومين والضحية والمقهورين والمظلومين.
وعاهدت الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين بمواصلة المعركة القانونية والأخلاقية والإعلامية وبكل السبل وعلى الأصعدة كافة للدفاع عن صحفيينا وفضح جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق صحفيينا حتى يحاسب قتلة الصحفيين، مطالبة الجميع في كافة المحافل الدولية بوقفة أخلاقية تنقذ ما تبقى من إنسانيتنا المشتركة.
كما طالبت النقابة الزملاء كافة حول العالم بالقول: “لا تسمحوا باغتيال الصحافة في فلسطين، لأن اغتيالها هنا، هو اغتيالها في كل مكان”.
من عمق الإبادة… إصدارات توثق الحياة والموت في غزة
في سعيها المتواصل، منذ عامين، لإعدام كافة أشكال الحياة الآدمية والمادية التراثية في غزة، شكلت الواجهة الثقافية للقطاع، من كُتاب وأدباء وأكاديميين وفنانين، ومكتبات ومتاحف وجامعات ومعاهد ومدارس، ومراكز ومؤسسات ثقافية، وجهة مباشرة لآلة القتل والخراب والتدمير الإسرائيلية.
ومن عمق الإبادة، استمر من تبقى على قيد الحياة، في الكتابة عن الحياة والموت في غزة، وآخرون، من جنسيات ولغات ودول عديدة من العالم، استمروا بتوثيق الإبادة، عبر نشر الكتب والدراسات التي تناولت القضية الفلسطينية، وحرب الإبادة على غزة بشكل خاص.
وشهدت الأشهر الأخيرة، نشر عشرات الكتب من وعن فلسطين وغزة، كان أهمها: “العصر الجديد للإبادة الجماعية: التحديات الفكرية والسياسية بعد غزة” للباحث مارتن شو، صدر عن Agenda Publishing.
يناقش الكتاب كيف أعاد الدمار الإسرائيلي لغزة فكرة الإبادة الجماعية إلى مركز السياسة العالمية. يدافع شو، أحد أبرز المنظرين الاجتماعيين للإبادة الجماعية، عن مصطلح الإبادة الجماعية ويؤكد أهميته لفهم الفظائع الإسرائيلية، كما يحلّل الكتاب إبادة غزة في سياق تاريخي أطول، ويتناول الإبادات المنسية.
فيما صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب “تعليم الفلسطينيين بين الاحتلال والمقاومة”، من تأليف محمد أحمد صيام، ضمن سلسلة إصدارات، وجاء في 216 صفحة، موزعة إلى ستّة فصول، إضافة إلى جداول وأشكال وصور.
يعرض الكتاب رؤية متكاملة متعلقة باستهداف الاستعمار الإسرائيلي التعليم الفلسطينيَّ باعتباره أداةً محورية لاقتلاع الشعب من جذوره، عبر تدمير منظوماته القيمية والتربوية والفكرية. ويتناول علاقة الاحتلال الإسرائيلي بالتعليم الفلسطيني، ويناقش كيفية تحوّل التعليم إلى ساحة صراع استراتيجي في معركة الوعي الوطني.
وعن دار الشروق في عمّان ورام الله صدر كتاب الشاعر والكاتب الفلسطيني جواد العقّاد بعنوان: “أكتب موتي واقفاً: هوامش الكتابة والحرب”.
يوثق الكتاب، تجربة العيش في قلب الحرب على غزة، ويعرض شهادات مكتوبة من واقع القصف والنزوح والدمار، حيث يحوّل العقّاد الكتابة إلى فعل مقاومة، وصوت يحفظ الذاكرة الفلسطينية من محاولات التغييب والتشويه.
واعتبر الأديب والشاعر المتوكل طه، أن نصوص الكتاب تشكّل “مرافعة تاريخية” تُسجّل تفاصيل الحرب الفلسطينية وتحوّل الكلمة إلى سلاح في مواجهة الاحتلال والظل. ويحمل الغلاف لوحة فنية للفنانة وعد البياري، لتجسّد بصرياً جانباً من معاناة غزة وصمودها.
وقال العقّاد: “هذا الكتاب شهادة على زمن النار، أكتب فيه موتي واقفاً، وأكتب قلب غزة المحروق، وأصدقائي الشهداء الذين يسكنون الذاكرة. هو محاولة لإحاطة الحريق بالكلمة قبل أن يُخمد، ونداء للبقاء وسط الدمار”.
كما صدر للشاعر خالد جمعة مجموعة شعرية بعنوان “واختلطت عليك الخيل”، تناولت المعاناة الإنسانية لأبناء شعبنا وخاصة الأطفال، في ظل عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة. وقعت المجموعة في 148 صفحة من القطع المتوسط، وكانت لوحات الغلاف للفنان الغزي ميسرة بارود، وصمم الغلاف أيمن حرب، وقد أهدى الشاعر المجموعة إلى الشاعر الشهيد سليم النفار.
وعن دار الرقمية في رام الله، ودار الكلمة في غزة، صدرت المجموعة الشعرية “عشبة الشغف” للشاعر الغزي يوسف القدرة، ووقعت في 170 صفحة من القطع الصغير، بلوحة غلاف للفنان الغزي عبد الناصر عامر. نجا يوسف ابن خان يونس مصادفة من الموت، بعد أن قضى 560 يوما تحت القذائف قبل أن يخرج إلى فرنسا، وفي هذه الفترة كتب محتويات هذه المجموعة التي أهداها إلى “مدينتي الغائبة والحاضرة، إلى حضورها في غيابها”.
كما صدرت رواية “القبر رقم 49” للكاتب عاطف أبو سيف عن الدار الأهلية في عمان، وتدور أحداثها في غزة خلال حرب الإبادة.
وقال أبو سيف: إن الرواية تبدأ بموت “حليمة” جدة الرواي في الخيمة غرب رفح بعد أن اضطرتها الحرب وتدمير منزلها في جباليا إلى النزوح جنوبا. وفي مفارقة فإن حليمة التي وُلدت في يافا عام 1940 ولجأت من هناك إلى شمال غزة، عاشت طفولتها أيضاً في خيمة، لتموت في أخرى بعد 76 عاماً.
فيما صدر كتاب “غزة… شعر وصور” عن دار الأفق في تونس، بتقديم: ابتسام خلف الله من تونس. وضم الكتاب نصوصاً لشعراء من فلسطين وتونس ومصر والبحرين، فمن فلسطين كانت هناك نصوص للشاعر يوسف القدرة، والشاعر خالد جمعة، والشاعر المقدسي طلال حماد، المقيم في تونس، والشاعر الفلسطيني أحمد كمال القريناوي، المقيم في تونس، وماجدة الظاهري من تونس، وديما محمود، وسما أحمد من مصر، وجنان العود من البحرين، والصحفي أمير جميل المغاري من فلسطين، الذي أُدرجت صوره ضمن الكتاب.
كما صدر عن الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن مجموعة شعرية بعنوان: “لا أكتب عن الحرب”، للشاعر وليد الشيخ. وتحتوي المجموعة على عدد من النصوص الشعرية التي كتبت أثناء العدوان على قطاع غزة.
عن دار الآداب، صدرت رواية الكاتب الفلسطيني محمد جبعيتي “لا بريد إلى غزة”، التي تقصّ حكاية شاب فلسطيني من غزة، يعيش في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، ويعمل حفاراً للقبور، وهي مهنة ورثها عن أبيه، ويعشق رياضة الباركور.
تعرض الرواية محطّات من حياته، بما فيها من أحلام وخيبات على خلفية واقع الحرب على غزة، كما تطرح أسئلة الحياة اليومية في القطاع من خلال شخصية جلال مطر، بمقاربة سردية يتداخل فيها الحدث اليومي مع الحُلم، وتصور الرواية صراع مطر ضدّ الحرب، وضد المجتمع، وضدّ جسده بعد تعرّضه للإصابة.
كما صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب “الجينوسايد أو جريمة الجرائم: مجريات محاكمة إسرائيل في لاهاي”. ويتضمن الكتاب ترجمة لخمس وثائق أساسية في الدعوى التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بما يشمل لائحة الاتهام التي رفعتها جنوب أفريقيا ومرافعاتها، إضافة إلى مرافعة إسرائيل، والتقرير المرفوع إلى مجلس الأمن.
وعن دار كاتاراتا الإسبانية، صدر كتاب “ما بعد الإبادة: المستقبل الفلسطيني الغامض”، يرى مؤلفاه خوسيه أبو طربوش وإيساياس بارينيادا أن ما جرى في غزة لا يمكن التعامل معه باعتباره مجرد محطة دموية أخرى في تاريخ الصراع، بل يمثل نقطة تحوّل بنيوية تهدد وجود الشعب الفلسطيني على أرضه وتعيد تعريف مقاربات العالم لهذا الواقع المأساوي.
كما صدر كتاب “فلسطين: الأرض الضيفة” للصحافية الإسبانية بياتريس ليكومبيري، عن دار “بيغ سور”، وعلى امتداد 250 صفحة، تنتقل الكاتبة بين مرافئ مدمّرة، وحواجز مهينة، وأنفاق تفصل بين الحياة والموت، لتُنتج فسيفساء سردية مشبعة بألم هادئ، دون أن تضع ذاتها في الواجهة، بل تظل في الخلفية تُصغي وتوثّق بأصوات من عاشوها.
وعن “دار رياض الريّس”، في بيروت، صدر كتاب “غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها” للكاتب الفلسطيني حسن خضر.
فيما صدر عن دار الآداب في بيروت، “ذاكرة النقصان: روايات أهل غزّة عن الإبادة”، للروائية السورية سمر يزبك، تتساءل فيه: ماذا حصل لأهل غزَّةَ الناجين من الإبادة؟ هل يحقّ لنا أن نعتبرهم “ناجين”؟ أين يذهب الألم البشريّ حين تغيب العدالة؟ كيف فقدوا أجزاءً من أجسادهم وتحوَّلوا إلى أشكالٍ جديدةٍ من الوجود؟ وكيف لنا أن نبتكر سرداً مختلفاً يتحرَّى الألم والفاجعةَ في عالمنا؟ وكيف نبحث في فعل النقصان الذي هو بحدِّ ذاته شكلٌ من أشكال ثبات مرويَّة الإبادة وقوَّتها واكتمالها: نقصان الأجساد المقطَّعة، نقصان قدرتنا على الرؤية.
“اليونيسيف”: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل
قال متحدث منظمة الأمم المتحدة المعنية بالطفولة “اليونيسف” ريكاردو بيريس، إن أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل، وذلك بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ عامين.
جاء ذلك في تصريح صحفي، يوم الثلاثاء، أشار فيها إلى أن إسرائيل تستخدم العنف بمستويات “غير مسبوقة”، داعيا إياها لوقف هجماتها على غزة ولإرساء وقف إطلاق النار.
وأكد بيريس أن الأطفال في غزة هم أكثر من دفعوا الثمن تقريبا جراء الهجمات الإسرائيلية المستمرة منذ عامين.
وأضاف أن طفل واحد في غزة يُقتل أو يُصاب كل 17 دقيقة، وأن هذا الرقم “صادم وغير مقبول”.
ولفت أن أطفال غزة إما يُتّموا أو أجبروا على النزوح أكثر من مرة، مؤكدا أن الرعب الذي واجهوه ينبغي ألا يعيشه أي طفل آخر.
وأشار إلى الخطر الكبير الناجم جراء الرفض الإسرائيلي المتكرر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
الهلال الأحمر: ارتقاء 29 شهيدا من طواقمنا أثناء أداء واجبهم في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة
أفادت جمعية الهلال الأحمر بأن 29 شهيدا من طواقمها ارتقوا أثناء أداء واجبهم في قطاع غزة، في ظروف مأساوية، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وأعربت الجمعية، في بيان، صدر اليوم الثلاثاء، بالتزامن مع مرور عامين على بدء الحرب المدمرة، عن بالغ حزنها وخيبة أملها إزاء فشل المجتمع الدولي في وضع حد لهذه الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون.
وأوضحت، أن الاحتلال استهدف طواقمها بشكل مباشر دون أي اعتبار لمهامها الإنسانية، أو لشعار الهلال الأحمر المحمي دوليا.
وأشارت إلى أن من بين الشهداء اغتيال مسعفين من طواقم الإسعاف التابعة لها، أثناء محاولتهما إنقاذ الطفلة هند رجاب (5 أعوام) وعائلتها في شهر كانون الثاني 2025، بالإضافة إلى اغتيال ودفن ثمانية من أفراد طاقم الإسعاف (مع سيارات الإسعاف الخاصة بهم) في شهر آذار 2025. كما أُجبرت المستشفيات والمراكز الطبية ومرافق أخرى تابعة للجمعية على الإغلاق بعد تعرضها لأضرار جسيمة جراء القصف، وأوامر الإخلاء القسري الصادرة عن قوات الاحتلال.
ونوهت إلى أن معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة بلغت مستويات صادمة، إذ تملأ رائحة الموت كل زاوية، وتهيمن أنقاض المنازل والمدارس، والطرق، وغيرها من البنى التحتية المدنية المدمرة على المشهد.
وما زال دخول المساعدات الإنسانية مقيداً بشدة، فيما تكافح العائلات من أجل العثور على مأوى وطعام ومياه نظيفة.
وأكدت أن الطواقم الإنسانية والطبية بمن فيهم متطوعوها وموظفوها يواصلون تقديم المساعدة المنقذة للحياة، في ظل أخطر الظروف حيث يتم تجاهل القانون الدولي الإنساني يوميًا.
واستدركت قائلة: بينما نواجه نقصا حادا في الوقود والدواء والمواد الأساسية، الأمر الذي عرقل تقديم الخدمات الطبية والإنسانية الحيوية لأبناء شعبنا في قطاع غزة، فإننا نواصل بذل الجهود للوصول إلى المحتاجين والمتضررين في قطاع غزة.
وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر يونس الخطيب: “لقد حان الوقت كي يوقف العالم المقتلة في قطاع غزة، ويُنهي هذا الدمار العبثي ويُغلق هذه الصفحة السوداء من التاريخ، ويضمن بدلًا من ذلك أن تسود الإنسانية والعدالة والكرامة في فلسطين”.
20 ألف حالة اعتقال منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة
بعد مرور عامين على بدء حرب الإبادة الشاملة والمتصاعدة على شعبنا في قطاع غزة، وامتداد العدوان الشامل على الجغرافيات الفلسطينية كافة، تستعرض مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، عبر ورقة حقائق واقع، قضية الأسرى بعد الإبادة، تشمل معطيات وأرقاماً، ومن خلالها تحاول المؤسسات أنّ تعكس حرب الإبادة الممتدة داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي.
ففي ظل تصعيد غير مسبوق، تشهد سجون الاحتلال وجهًا آخر من وجوه الإبادة عبر تنفيذ عمليات قتل وإعدام متعمدة للأسرى والمعتقلين.
وقد بلغت حصيلة الشهداء الأسرى الذين أُعلِن عن هوياتهم منذ بداية الحرب 77 شهيداً على الأقل، بينما يظل العشرات من معتقلي غزة الذين استشهدوا قيد الإخفاء القسري.
وتشكّل هذه الحصيلة شهادة دامغة على أكثر الأزمنة وحشية في تاريخ حركتنا الأسيرة التي صمدت لعقود في مواجهة منظومة السجون التي عملت على تدمير الأسير جسدياً ونفسياً وتصفيته بشتى الوسائل.
وبناءً على مئات الشهادات الموثقة والقرائن المادية، والتهديدات العلنية التي صدرت عن وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف “إيتمار بن غفير”، فإن مؤسسات الأسرى تؤكّد أن ما يجري بحق الأسرى يتجاوز الانتهاكات الجسيمة ليشكّل “جرائم حرب”، و”جرائم ضد الإنسانية”، ارتُكبت على نطاق واسع وشكّلت المنظومة القضائية “الإسرائيلية” بما فيها المحكمة العليا غطاء للممارسة المزيد من التوحش بحقّ الأسرى. ويشمل ذلك: جرائم التعذيب، القتل، السلب، التجويع، التسبب المتعمد في نشر الأمراض والأوبئة، الحرمان من العلاج، والاعتداءات الجنسية التي وصلت إلى حد الاغتصاب، بالإضافة إلى سياسة العزل الجماعي. إن هذه الممارسات التي تهدف إلى التدمير الممنهج للأسرى الفلسطينيين على الصعيدين الجسدي والنفسي، تحمل دلالات واضحة على إبادة ممتدة تمارسها “دولة الاحتلال الإسرائيلي” في منشآتها الاعتقالية.
أبرز السياسات والانتهاكات التي رصدتها المؤسسات ووثّقتها منذ بدء الإبادة
رصدت المؤسسات الحقوقية ووثّقت منذ بدء الإبادة تصاعدٍ غير مسبوق في حجم ونطاق الجرائم والانتهاكات الممنهجة، التي تُمارس بشكل واسع بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. ومن أبرز هذه الجرائم:
التعذيب بمختلف أشكاله الجسدية والنفسية.
التجويع الممنهج وحرمان الأسرى من الطعام الكافي والمتوازن.
الجرائم الطبية بما في ذلك الحرمان من العلاج، والتعمّد في فرض ظروف تؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة.
العزل الجماعي وسياسات السلب والحرمان التي طالت جميع تفاصيل الحياة الاعتقالية.
عمليات القمع الممنهجة التي تنفذها وحدات خاصة تابعة لإدارة سجون الاحتلال، أبرزها وحدات “كيتر والمتسادا والنحشون”.
الاعتداءات الجسدية العنيفة واستخدام الغاز والقنابل الصوتية وأسلحة الصعق الكهربائي.
سياسات الإذلال والتفتيش العاري، والاعتداءات الجنسية بما فيها الاغتصاب.
استخدام المرض كأداة للتعذيب، كما في حالة تفشي مرض الجرب (السكابيوس).
الإرهاب النفسي والعزل الانفرادي، والتهديد بالقتل والتصفية.
إلى جانب ذلك، تصاعدت سياسات الاعتقال التعسفي، حيث برزت ذرائع جديدة لتبرير الاعتقال، أبرزها الاعتقال الإداري الذي شكّل نقطة تحوّل خطيرة، والاعتقال على خلفية التحريض، إضافة إلى تصنيف غالبية معتقلي غزة بوصفهم “مقاتلين غير شرعيين”، ما فتح الباب أمام ارتكاب مزيد من الانتهاكات الجسيمة بحقهم.
وسياسة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة.
أكثر الأزمنة دموية في تاريخ الحركة الأسيرة
بلغ عدد الشهداء الأسرى الذين تمّ الإعلان عنهم 77 شهيدًا، استُشهدوا نتيجة عمليات التعذيب والتجويع والحرمان من العلاج، وهؤلاء فقط من تمّ الكشف عن هوياتهم، في حين لا يزال العشرات من معتقلي غزة الذين استُشهدوا رهن الإخفاء القسري.
كما تحتجز سلطات الاحتلال جثامين 85 أسيرًا استُشهدوا داخل السجون، من بينهم 74 منذ بدء حرب الإبادة.
ويُقدَّر عدد شهداء الحركة الفلسطينية الأسيرة منذ عام 1967 بـ 314 شهيدًا، وذلك استنادًا إلى ما تمكّنت المؤسسات الحقوقية من توثيقه على مدار العقود الماضية حتى اليوم.
ونؤكد هنا أنّ ادعاءات الاحتلال بشأن فتح “تحقيقات” في ظروف استشهاد عدد من الأسرى، بعد توجّه بعض المؤسسات الحقوقية بطلبات رسمية، تأتي في إطار المماطلة والتضليل ليس إلا.
قضية معتقلي غزة
شكّلت روايات وشهادات معتقلي غزة تحولًا مفصليًا في فهم مستوى التوحش الذي تمارسه منظومة الاحتلال، إذ كشفت عن نمط غير مسبوق من جرائم التعذيب الممنهج التي بدأت منذ لحظة الاعتقال، مرورًا بعمليات التحقيق، ووصولًا إلى فترات الاحتجاز الطويلة.
وتنوّعت أساليب القمع والانتهاك بين التعذيب الجسدي والنفسي، وعمليات التنكيل والتجويع، والجرائم الطبية المتعمدة، فضلًا عن الاعتداءات الجنسية، لتشكّل جميعها مشهدًا مكتمل الأركان لسياسة الإبادة داخل السجون والمعسكرات.
وقد أدّت هذه الجرائم إلى استشهاد عشرات المعتقلين، فضلًا عن عمليات الإعدام الميداني التي نفّذتها قوات الاحتلال بحق آخرين.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أنّ المؤسسات الحقوقية أعلنت حتى الآن عن 46 شهيدًا من معتقلي غزة، من بين (77) أسيرًا ومعتقلًا استُشهدوا منذ بدء حرب الإبادة، في حين يواصل الاحتلال إخفاء العشرات من شهداء معتقلي غزة.
كما يُشار إلى أنّ سلطات الاحتلال أنشأت عددًا من المعسكرات والأقسام الخاصة داخل السجون لاحتجاز معتقلي غزة، من أبرزها معسكر “سديه تيمان” الذي تحوّل إلى العنوان الأبرز لجرائم التعذيب والقتل، وقسم “ركيفت” الواقع تحت الأرض في سجن “الرملة”، والذي يُعدّ نموذجًا صارخًا لممارسات الإخفاء والتعذيب الممنهج، علماً أن الغالبية العظمى من معتقلي غزة الذين اعترفت بهم إدارة السجون مصنفون “بالمقاتلين غير الشرعيين”، واحد من أبرز القوانين الذي رسخ جرائم التعذيب بحقّ معتقلي غزة.
نحو 20 ألف حالة اعتقال في الضفة بما فيها القدس منذ بدء حرب الإبادة
بلغ عدد حالات الاعتقال في الضفة بما فيها القدس منذ بدء حرب الإبادة نحو 20 ألف حالة اعتقال، من بينهم نحو 1600 طفل، ونحو 595 من النساء، حيث تشمل حالات الاعتقال من اعتُقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أُفرج عنه لاحقًا، ليشكل هذا المعطى فارقاً تاريخياً في أعداد من تعرضوا للاعتقال في غضون عامين فقط، مع التأكيد على أنّ هذا المعطى لا يشمل حالات الاعتقال في غزة والتي تقدر بالآلاف، وكذلك المعطيات المتعلقة بحملات الاعتقال في الأراضي المحتلة عام 1948.
رافق عمليات الاعتقال في الضّفة، جرائم وانتهاكات غير مسبوقة، شملت عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرّح، وعمليات إرهاب منظمة بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التّخريب والتّدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات، والأموال، ومصاغ الذهب، إلى جانب عمليات التدمير الواسعة التي طالت البُنى التّحتية تحديدًا في مخيمات طولكرم، وجنين ومخيمها، وهدم منازل تعود لعائلات أسرى، واستخدام أفراد من عائلاتهم كرهائن، إضافة إلى استخدام معتقلين دروعاً بشرية، وتنفيذ عمليات إعدام ميداني، إلى جانب استخدام عمليات الاعتقال واستهداف المواطنين، كغطاء لعمليات الاستيطان في الضفة.
•تشمل حصيلة حملات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة، كل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن اُحتجزوا كرهائن، إلى جانب عمليات التحقيق الميداني التي استمر الاحتجاز بها لساعات طويلة.
علماً أن عمليات التحقيق الميداني الواسعة طالت الآلاف منذ بدء الإبادة، وفيها مارس جنود الاحتلال جرائم لا تقل بمستواها عن جرائم التعذيب في مراكز التحقيق والتوقيف.
من ضمن الفئات التي تابعت المؤسسات حالات الاعتقال بين صفوفها:
الصحفيون: حيث وصل عدد الصحفيون الذين تعرضوا الاعتقال بعد الحرب: 202، غالبيتهم إمّا تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداريّ، أو توجيه “تهم” تتعلق بما يدعيه الاحتلال “بالتحريض” أي الاعتقال على خلفية حرّية الرأي والتعبير، نذكر هنا أن اثنين من الصحفيين من غزة ما زالوا رهن الإخفاء القسري، وهما نضال الوحيدي، وهيثم عبد الواحد.
الأطباء والكوادر الطبيّة: بحسب وزارة الصّحة فإن عدد الكوادر الطبية الذين تعرضوا للاعتقال نحو 360، من بينهم ثلاثة استشهدوا داخل سجون الاحتلال نتيجة لعمليات التعذيب، وهم: إياد الرنتيسي، وعدنان البرش، وزياد الدلو.
النسبة الأعلى بين صفوف الأسرى هم معتقلون إداريون
تضاعف أعداد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، إلى أكثر من النصف، وغالبيتهم هم معتقلون إداريون أي بلا تهمة، والتي شكّلت قضية الاعتقال الإداري أبرز التحولات الكبيرة التي شهدتها قضية الأسرى.
وقد ارتفع إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال إلى أكثر من 11,100 أسير ومعتقل، غالبيتهم من المعتقلين الإداريين والموقوفين.
بلغ إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي حتى بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2025 أكثر من 11,100، علمًا أن هذا الرقم لا يشمل المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال. ويُعدّ هذا العدد الأعلى منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وذلك استنادًا إلى المعطيات التوثيقية المتوفرة لدى المؤسسات المختصة.
بلغ عدد الأسرى المحكومين، بحسب ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول، أكثر من 1,460 أسيرًا.
يبلغ عدد الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد ومن تقدمت بحقهم لوائح اتهام تمهيدًا لإصدار أحكام بالمؤبد نحو 350 أسيرًا، منهم (303) محكومين، و(40) قدمت بحقهم لوائح اتهام لإصدار حكم المؤبد بحقهم،
ويُعدّ الأسير عبد الله البرغوثي صاحب أعلى حكم بـ 67 مؤبدًا، يليه الأسير إبراهيم حامد المحكوم بـ 54 مؤبدًا.
يبلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو (17) أسيرًا، ومن بينهم أربعة أسرى معتقلين بشكل متواصل منذ عام 1986، وهم: إبراهيم أبو مخ، إبراهيم بيادسة، أحمد أبو جابر، سمير أبو نعمة.
يبلغ عدد الأسرى المحكومين ما بين 10 أعوام إلى 20 عام، (131) أسيراً.
يبلغ عدد الأسرى المحكومين من 21 عاماً إلى 30 عاماً، (166) أسيراً.
يبلغ عدد الأسيرات حتى تاريخه 53 أسيرة، بينهن ثلاث أسيرات من غزة، وطفلتان.
بلغ عدد الأطفال الأسرى حتى تاريخه أكثر من 400 طفل، محتجزين في سجني (عوفر، ومجدو).
بلغ عدد الأسرى الموقوفين، بحسب ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول، نحو 3,380 أسيرًا.
بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3,544 معتقلًا، وهي النسبة الأعلى مقارنةً بأعداد الأسرى الموقوفين والمحكومين والمصنّفين كـ”مقاتلين غير شرعيين”.
بلغ عدد المعتقلين المصنّفين “كمقاتلين غير شرعيين” 2,673 معتقلًا، علمًا أن هذا الرقم لا يشمل جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال والمصنّفين ضمن هذه الفئة. ويُذكر أن هذا التصنيف يشمل أيضًا معتقلين عربًا من لبنان وسوريا.
أعداد الأسرى قبل الحرب
بلغ إجمالي عدد الأسرى قبل حرب الإبادة أكثر من 5,250 أسيرًا، من بينهم نحو 40 أسيرة و180 طفلًا، فيما بلغ عدد المعتقلين الإداريين نحو 1,320 معتقلًا.
نشير هنا إلى أنّه ومنذ بدء الإبادة حرمت سلطات الاحتلال عائلات الأسرى من زيارتهم، كما ومنعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة الأسرى في السجون.
نشير كذلك إلى أنّ المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، تواجه تحديات كبيرة، وعملية تصفية ممنهجة، تصاعدت بشكل غير مسبوق مؤخراً، بعد أنّ صنفت الولايات المتحدة الأميركية مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، أنها منظمة “إرهابية” إلى جانب فرض عقوبات على ثلاث مؤسسات أخرى وهي “الحق، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والميزان”.
جميع المعلومات التي تستند إليها المؤسسات: عبر الطواقم القانونية التي تقوم بزيارة ومتابعة الأسرى، وعبر الشهادات والإفادات للأسرى المفرج عنهم، وكذلك من خلال الرصد والتوثيق اليومي.
تجدد المؤسسات مطالبته للمنظومة الدولية بخلع ثوب العجز والتواطؤ إزاء حرب الإبادة لم تلقَ أي أثر ملموس على أرض الواقع، حيث وصلت الجرائم المرتكبة إلى مستوى لا يمكن وصفه بالكلمات. إنّ ما يجري يمثل جزءاً من عمليات التطهير العرقي والمحو، وما يُمارس بحق الأسرى والمعتقلين هو امتداد مباشر لحرب الإبادة. وإنّ استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم هو مساس بالإنسانية جمعاء، وستطال نتائج هذه الحرب كل من اتخذ من العجز ذريعة للتنصل من مسؤولياته.
عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة والهوية والبنية التحتية الثقافية
بعد مرور عامين على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تتجلّى ملامح أعمق لإحدى أبرز صور الإبادة الثّقافية في العصر الحديث، فلم يقتصر الدمار على المباني أو البنية التحتية المادية فحسب، بل امتد ليطال الذاكرة الجماعية، والهوية الوطنية، والمشهد الثقافي بكافة مكوناته.
فقد أحرقت المكتبات، ودُمّرت المتاحف، وسُوّيت المراكز والمؤسّسات الثقافية بالأرض، وتحوّلت مؤسسات الذّاكرة والتعليم والفنون إلى ركام، في مشهد يعكس استهدافًا ممنهجًا للبنية الثقافية والمعرفية الفلسطينية، ويشير إلى محاولة متعمدة لمحو التاريخ والهوية الثقافية للشعب الفلسطيني.
ورصدت المكتبة الوطنية الفلسطينية آثار الدّمار الذي لحق بالإرث الثّقافي في قطاع غزة خلال عامين من الحرب، الّتي خلّفت تدميرًا واسع النّطاق، وأسفرت عن ما يزيد على 67 ألفًا من الشهداء ونحو 170 ألفًا من الجرحى، وتعرّضت فيها البنيّة التّحتيّة، بما فيها المعالم الثّقافيّة والمؤسّسات التّعليمية والفنّية، لدمار شامل طال جوهر الحياة الثّقافية في القطاع.
استراتيجيات الطّمس وسلب الهويّة
تنتهج سلطات الاحتلال استراتيجيّات ممنهجة لطمس الثّقافة وسلب الهويّة الفلسطينيّة، ولا تُعدّ هذه الإجراءات مجرّد آثار جانبيّة للصّراع، بل تمثّل سياسة استراتيجيّة تمتدّ جذورها إلى ما قبل عام 1948.
وتندرج هذه الاستراتيجيّات ضمن سياسات أوسع تهدف إلى استهداف الرّكائز الفكريّة والثّقافيّة للمجتمع الفلسطيني لإضعافه من الدّاخل، وزعزعة الرّوابط الاجتماعية، وتقويض هويّته الوطنيّة.
وفي هذا السياق، يُعدّ استهداف الاحتلال للمراكز الثّقافيّة والفنّيّة والتّعليميّة، بالإضافة إلى المعالم الأثريّة والدّينيّة في قطاع غزّة، أداة لتحقيق أهداف سياسيّة واضحة.
فهذه المراكز ليست مجرّد فضاءات للإبداع والفكر، بل تشكّل أدوات رئيسيّة للتّعبير عن الذّاكرة الجماعيّة وصمود المجتمع أمام محاولات الاحتلال لإعادة تشكيل الهوية.
وبالتالي، فإن تدمير هذه المؤسسات يؤدي إلى تقويض قدرة المجتمع على الحفاظ على تراثه الثقافي ونقله للأجيال القادمة، ويسمح للاحتلال بفرض هيمنته والسيطرة على الشعب من خلال محو تراثه الوطني وإفراغه من معانيه الثقافية والسياسية.
مظاهر الإبادة الثقافية
يواجه التّراث الثّقافي والتّاريخي في قطاع غزّة الخطر الشّديد نتيجة الحرب والتّدمير والإبادة الثّقافية الممنهجة، الّتي تقود لمساعي الاحتلال الإسرائيلي في محو الهويّة والتّاريخ الفلسطيني وتقليص قدرة الأجيال القادمة على الوصول إلى تاريخهم؛ فقد استهدف الاحتلال البنية التّحتية الثّقافية في قطاع غزّة، من مراكز ثقافيّة ومتاحف ومسارح ومعارض ومعالم تاريخيّة وأثريّة ومكتبات عامّة وخاصّة وجامعيّة ومكتبات المدارس والمساجد والكنائس ودور نشر ومطابع ووزارات.
وطال الدّمار ثروة من الكتب النّادرة والمخطوطات والوثائق التّاريخية والأرشيفات الخاصّة والإدارية، والمواد السّمعية والبصريّة والتّجهيزات ووسائل الحفظ اليدوي والإلكتروني وسجلّات الطّابو والسّجلات المدنيّة والمقتنيات والقطع الأثرية التّاريخية.
استلاب الذّاكرة الفلسطينية
استهدفت آلة الحرب الإسرائيلية جميع المتاحف في قطاع غزة، ومن أبرزها المتحف الوطني في “قصر الباشا”، وهو أثر مملوكي، تمّ تحويله إلى متحف في عام 2010، وكان يضمّ عشرات آلاف القطع الأثريّة، ومتحف دير البلح التّابع لبلدية المدينة، ومتحف رفح، ومتحف القرارة، ومتحف الفندق، وغيرها من المتاحف التي دمّرت مقتنياتها أو سرقها جنود الاحتلال وقاموا بتصويرها عقب نقلها إلى المتاحف الإسرائيلية.
كما وشهد قطاع غزة إبادة جماعية ثقافية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث دمّرت آلة الحرب الإسرائيلية عشرات المكتبات العامة والخاصة والجامعية والتّاريخية، بالإضافة إلى المطابع ودور النّشر، وأبرزها:
مكتبة المسجد العمري الكبير التي تضمّ (230) مخطوطة تاريخية نادرة، تعرضت للقصف والحرق وبقي منها 38 مخطوطة فقط.
مكتبة غزة للثقافة والنور التابعة للكنيسة المعمدانية التي احتوت على (20,000) كتاب، وتعرّضت للقصف
مكتبات الجامعات الفلسطينية التي لم تسلم من القصف، مثل مكتبة جامعة الأقصى، مكتبة جامعة الإسراء، ومكتبة الجامعة الإسلامية، التي فقدت أكثر من (240,000) كتاب ومرجع.
مكتبات البلديات والمؤسسات الثقافية، ومنها مكتبة بلدية غزة، ومكتبة بلدية خان يونس، ومكتبة ديانا تماري صباغ، ومكتبة حيدر عبد الشافي، التي كانت تضم عشرات الآلاف من الكتب قبل تدميرها.
وطال الدّمار الأرشيف المركزي في غزة، الذي يحتوي على مبانٍ ووثائق تاريخيّة قديمة عمرها أكثر من (150 عامًا)، إضافة إلى الأرشيف المركزي للمدينة وخرائط ودراسات هندسية ودوائر التحكم والمراقبة لآبار المياه وشبكات الصّرف الصّحي.
إلى جانب سيطرة قوّات الاحتلال على مخزن آثار غزّة، حيث نشر مدير هيئة الآثار الإسرائيليّة لصور له ولفريقه من المخزن، والذي يحتوي على آلاف القطع الأثريّة، الّتي تعود إلى حقبات زمنيّة تتراوح ما قبل 3 آلاف سنة قبل الميلاد، إلى القرنين السّابع والثّامن الميلادي وحتّى بداية العهد الإسلامي المبكّر.
كما دمّرت عشرات المراكز الثّقافية والمسارح، منها: مركز رشاد الشّوا الثّقافي وهو أكبر مركز ثقافي في قطاع غزّة، ويحتوي على وثائق وكتب ومخطّطات تاريخيّة، والمركز الثّقافي الأرثوذوكسي، وجمعية حكاوي للمسرح وجمعية ومسرح الوداد، وغيرها.
استهداف المعالم الأثريّة والدّينيّة
امتدّ الدّمار إلى مئات المباني التّاريخيّة، فقد تضرّر ما لا يقلّ عن (226) موقعًا أثريًا في قطاع غزّة، منها تدمير بيت السّقا التّاريخي وهو من الفترة العثمانيّة، وبيت سباط العلمي والذي يعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، والمدرسة الكاميلية، وحمام السّمرة الذي كان آخر الحمّامات العثمانيّة في غزّة، كما تمّ قصف المشفى المعمداني وهو بناء تاريخي شيّد في عام 1882، وميناء البلاخية، علاوة على استهداف موقع تلّ العجول الّذي يمثّل تاريخ غزّة في العصرين البرونزي الوسيط والمتأخّر، ودير القدّيس هيلاريون والّذي تعرّض لغارة جوية أدّت إلى تدمير جزء منه، وهو من أقدم أديرة الشّرق الأوسط.
إلى جانب قصف الاحتلال بالقذائف الموجّهة لأربع كنائس قديمة تُعتبر رموزاً حضاريّة مهمّة في فلسطين، من بينها كنيسة القدّيس برفيريوس، أقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، وكنيسة المعمداني ومشفاها، وقصف وتدمير أكثر (1000) مسجدًا تدميرًا كليًا أو جزئيًا، من بينها المسجد العمري في غزّة وهو أحد أهمّ وأقدم المساجد في فلسطين التّاريخيّة، ومسجد السيد هاشم، ومسجد عثمان قشقار الأثري، كما ودمَّر (8) مقابر بشكل كامل، من بينها تجريف مقبرة بيت حانون ونبش (600) قبر فيها، والمقبرة الرّومانية والّتي تعود إلى نحو 2000 عام، وكانت تضمّ مجموعة توابيت مصنوعة من الرّصاص، ومقبرة دير البلح التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر.
استهداف التّعليم
إنّ استهداف الاحتلال للقطاع التعليمي بكافّة عناصره في غزة يُعدّ من أبرز مظاهر الحرب المستمرّة، فقد استشهد نحو (18 ألف طالب وطالبة) و(1500) طالب جامعي، و(750) معلم ومعلمة، وأكثر من (230) أستاذًا جامعيًا، وتأثّرت المدارس والجامعات ورياض الأطفال بشكل كبير جرّاء القصف والتّدمير، ما أدّى إلى تعطيل الدّراسة وتضرّر البنيّة التّحتيّة التّعليميّة منذ بدء الحرب، فتضرّر نحو 95% من المدارس والجامعات، وبذلك فقد حرم أكثر من (650) ألف طالب وطالبة التعليم.
بين القتل والتّشريد وفقدان المنصّات
إنّ استهداف الأكاديميّين والفنانين والعلماء والصّحفيين في الحرب يمثّل تهديدًا خطيرًا على مستقبل المجتمع الفلسطيني في غزّة، حيث يُعتبر هؤلاء الأشخاص حاملين لمعارف وخبرات فكريّة وثقافيّة تعزّز النموّ والتّقدم، وإفقادهم لمنصّاتهم وأدواتهم الفكريّة والإعلاميّة والفنّية بفعل الإبادة والتّهجير قد يؤدي إلى إضعاف البنيّة الثّقافية والعلميّة.
ومنذ بدء حرب الإبادة؛ قتلت آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من (150) من العلماء والأكاديميّين وأساتذة الجامعات والباحثين، علاوة على استشهاد نحو 254 صحفيًا، واستشهاد عشرات الكتّاب والشّعراء والفنّانين.
تدمير الحرف اليدويّة والأعمال الفنّية التّراثية
إلى جانب فقدان الأعمال الفنيّة التي كان يحتفظ بها أصحابها في منازلهم الّتي دمّرت، فقد تضرّرت العديد من ورشات ومتاجر الحرف اليدويّة والشّعبية التي تشتهر بها غزة، كالتّطريز وصناعة الخزف وصناعة الفخّار والخيزران، وتعدّ هذه الحرف جزءاً لا يتجزّأ من التّراث الثّقافي والهويّة الوطنيّة، بالإضافة إلى كونها مصدرًا أساسيًا للدخل لكثير من سكّان غزّة.
جهود الإنقاذ وإشكاليّات حماية الترّاث الثّقافي
وفي ظلّ الحرب المستمرّة منذ عامين؛ تعيش الحالة الثّقافية في قطاع غزة ضمن تحديات لإعادة بناء المشهد الثقافي من جديد واستئناف الأنشطة الثقافية، ومنها صعوبة استرجاع المفقود أو المسروق، وفقدان الكفاءات البشريّة التي كانت تشكّل العمود الفقري لهذه المؤسسات، بفعل الاستشهاد أو التهجير أو النزوح، وانعدام الأمن وتعطّل البنية التّحتية الذي يعيق أي جهد في إعادة البناء، بالإضافة إلى تحديات التنسيق مع الجهات الدولية والمحلية المانحة، واعتماد المؤسّسات الدّولية على المتابعة عن بُعد للصور الساتلية، لتقييم الأضرار نظراً إلى استحالة إجراء تقييم ميداني في ظل الظروف الراهنة.
وتطالب المكتبة الوطنيّة المجتمع الدّولي بضرورة توفير الحماية للتّراث الثّقافي الفلسطيني الموجود في قطاع غزّة، انطلاقًا من مبدأ ملكيّة الممتلكات والأعيان الثّقافية للإنسانيّة جمعاء، وأنّ الاعتداء عليها يشكّل اعتداءً على كلّ شعوب العالم، داعية إلى الالتزام باتفاقية لاهاي لعام 1954، التي تمنع تدمير وإلحاق الضّرر بالتّراث الثّقافي في النّزاعات المسلّحة.