أمد/ طهران: كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن تعرضه لمحاولة اغتيال أثناء الحرب مع إسرائيل، وروى تفاصيل أيامها الأخيرة.
وقال عراقجي، وفقا لوكالة “مهر” الإيرانية، إنه تعرض لمحاولة اغتيال أثناء الحرب بقنبلة زُرعت أمام منزله، من دون أن تصله اتصالات مباشرة من إسرائيل.
وقف إطلاق النار: قرار قوة لا ضعف
وأفادت وكالة “مهر” للأنباء أن عراقجي صرح في حديث خاص بأن المجلس الأعلى للأمن القومي اتخذ “قرارًا استراتيجيًا” في اليوم الثامن أو التاسع من الحرب يقضي بقبول وقف إطلاق النار غير المشروط في حال تقدم العدو بطلب رسمي بذلك. وأوضح أن هذا القرار جاء “من موقع قوة، لا ضعف، بعد أن أثبتت إيران أنها كانت في موقع الدفاع لا الهجوم”.
وأضاف عراقجي أن جميع قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي تحتاج إلى موافقة قائد الثورة لتدخل حيز التنفيذ، وأن هذا القرار قد نال الموافقة وكان جاهزًا للإبلاغ به. وتابع: “في الساعة الواحدة فجرًا، تلقينا اتصالات تفيد بأن إسرائيل مستعدة لوقف إطلاق النار.
وبعد تلقي هذا الطلب من عدة دول، أجريتُ بصفتي وزير الخارجية مشاورات مع قائد الحرس الثوري وسائر المؤسسات المعنية للتأكد من توافق الوضع مع القرار المذكور”.
وأشار إلى أنه بعد التأكد النهائي، تم الإعلان أن إيران مستعدة لوقف الحرب بشرط أن يوقف الطرف الآخر هجماته.
موقف الحكومة من عملية “الوعد الصادق 2”
تطرق عراقجي في لقاء مع وسيلة إعلامية مرئية “آن” إلى استشهاد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وقال: “في اليوم الذي اغتيل فيه الشهيد هنية، كان الدكتور مسعود بزشكيان قد أدى القسم لتوه، ولم تكن التشكيلة الوزارية قد اكتملت بعد”.
وأضاف أن قائد الثورة عقد اجتماعًا حضره أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي والرئيس، حيث “اتفق الجميع على ضرورة الرد، لكن كان هناك خلاف بين السياسيين والعسكريين حول توقيت وكيفية الرد”.
وأوضح أن السبب الرئيسي للتردد جاء من جانب العسكريين، الذين رأوا أن الهجوم يجب أن يتم حين تكون القدرة على الدفاع مؤكدة.
“الوعد الصادق 3” وسوء فهم توقيت وقف إطلاق النار
تحدث وزير الخارجية عن “الوعد الصادق 3″، مشيرًا إلى أن القائد الشهيد باقري رد على انتقاد حول عدم تنفيذ العملية، مؤكدًا أنه المسؤول عن الدفاع عن البلاد وسيقوم بما يلزم عندما يكون واثقًا من القدرة على الدفاع بعد تنفيذ العملية.
كما تطرق الدبلوماسي الإيراني إلى “حادثة سوء الفهم بشأن توقيت وقف إطلاق النار”، قائلاً: “حدث لبس بيني وبين القوات المسلحة، إذ اعتقد الأصدقاء أن التوقيت المحدد هو الساعة الرابعة بتوقيت غرينتش، لذا استمر الهجوم حتى الساعة 7:30 بتوقيت طهران. وبعد الظهر، تم حل هذا اللبس عبر اتصال هاتفي”.
وأضاف: “في مساء اليوم الأول من وقف إطلاق النار، زعم الاحتلال الاسرائيلي أن إيران أطلقت صواريخ، وخرقت الاتفاق، فأرسلوا طائراتهم لشن غارات.
على الفور، أرسلتُ رسالة إلى وتيكوف مفادها أن إسرائيل تختلق الذرائع وتتّهم إيران زيفًا، ولم يحصل أي خرق، وإذا أقدمت على أي عمل، فسوف نرد فورًا وبشدة أكبر من السابق.
وقلت له: إيران هي لبنان، وما فعلتموه في لبنان لن يُسمح لكم بتكراره هنا”.
وتابع عراقجي: “بعدها رأيتم أن ترامب غرد وطلب من الطيارين العودة، وأوقف الهجوم الإسرائيلي، ما أظهر أن كل الأمور منذ البداية كانت منسقة مع الأميركيين”.
جاهزية إيران للحرب والدبلوماسية كخيار استراتيجي
ردًا على سؤال حول الاستعدادات الإيرانية للحرب خلال العام المنصرم، قال عراقجي: “القوات المسلحة كانت في حالة تأهب قتالي، والحكومة كانت مستعدة للحرب”. وأشار إلى أن إيران اقتربت ثلاث مرات على الأقل من حافة الحرب بعد اغتيال الشهيد هنية وعملية “الوعد الصادق 2” وسقوط سوريا وانتخاب ترامب.
وأكد أن “الدبلوماسية نجحت في خلق نوع من الردع الإقليمي منع اندلاع حرب شاملة”.
وأضاف: “قمتُ بـ17 جولة إقليمية بهدف إتاحة الفرصة للدبلوماسية لمنع الحرب. الدبلوماسية دائمًا خيار أقل تكلفة ومخاطر لتحقيق الأهداف”.
وحذر عراقجي الدول في المنطقة: “إذا اندلعت حرب بين إيران وإسرائيل، فلن تبقى محصورة بين البلدين، ليس لأننا نريد مهاجمة دول أخرى، ولكن لأننا مضطرون لذلك”.
وأوضح: “إسرائيل تسعى بكل قوتها لجر الولايات المتحدة إلى الحرب، وفي حال دخلت أميركا المعركة، فإن صواريخنا لن تصل إلى أراضيها، لكن—قلت لبعض قادة المنطقة—مع الأسف توجد قواعد أميركية كافية في أراضيكم، وسنضطر لاستهدافها”.
المفاوضات مع أمريكا والاتفاق النووي
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد “خُدعت في المفاوضات مع أمريكا”، قال عراقجي: “عندما يُتخذ قرار بالتفاوض، يكون قرارًا وطنيًا يُنفذ.
والقول بأن وزارة الخارجية خُدعت ليس دقيقًا، لأن الأمر كان بقرار من الدولة. الخارجية قامت بدورها وفق تعليمات النظام”.
وأضاف: “لم نخسر شيئًا من المفاوضات، بل ربحنا كثيرًا، أهمها إثبات حقانيتنا أمام الشعب والمجتمع الدولي”.
وأوضح رئيس الجهاز الدبلوماسي أن “منطق الاتفاق النووي كان يقوم على بناء الثقة بشأن برنامج إيران النووي، وقبول قيود مؤقتة”.
وأكد: “عندما أبدى ترامب رغبته في التفاوض معنا، قلنا إننا مستعدون لذلك بنفس المنطق، ونحن لا نسعى لامتلاك سلاح نووي”.
محاولة اغتيال عراقجي والتعامل مع النصر
أشار عراقجي إلى محاولة اغتياله، قائلاً: “لم تصلني اتصالات مباشرة من الاحتلال الاسرائيلي، لكن أثناء الحرب، تم زرع قنبلة مقابل منزلنا، واستُهدِف المنزل المقابل، وقد تم القبض على المنفذين”.
كما ذكر أن “عدة مرات، حلّقت طائرات مسيرة فوقنا خلال رحلاتنا إلى تركيا”.
وفي ختام حديثه، قال وزير الخارجية الإيراني: “في وقت النصر، عندما يكون علمك مرفوعًا، يجب أن تذهب للتفاوض، لأنك أثبتّ قوتك أمام العالم”.
وأضاف: “ظن الاحتلال الاسرائيلي أن إيران ستنهار خلال أسبوع، لكن هذا لم يحدث. وفي غضون ساعات تم تعيين قادة ميدانيين والردود نُفذت”.
واختتم قائلاً: “العدو طلب وقف إطلاق النار، ونحن من وجه الضربة الأخيرة”.