أمد/ صفقة تلو الصفقة من ستيف ويتكوف المبعوث الأميركي لوقف الإبادة الجماعية الأميركية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، آخرها ما نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن المقترح الاميركي أمس الجمعة 30 أيار / مايو الحالي، وجاء في الوثيقة المسربة، التي أكد صحتها مصدران مطلعان على سير المفاوضات، البنود التالية: 1 وقف شامل لإطلاق النار لمدة 60 يوما، بضمان مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ 2 تبادل تدريجي للأسرى بين حماس وإسرائيل؛ 3 الافراج عن 10 اسرى إسرائيليين احياء؛ 4 تسليم رفات 18 اسيرا إسرائيليا من قائمة تضم 58 اسما؛ 5 يجري الافراج عن نصف العدد في اليوم الأول من الاتفاق، بينما يطلق سراح النصف الثاني في اليوم السابع.

وبالمقابل يتم إطلاق سراح 125 اسيرا فلسطينيا محكوما بالمؤبد؛ وإطلاق سراح 1111 اسيرا من غزة ممن تم اعتقالهم بعد السابع من تشرين اول / أكتوبر 2023؛ إطلاق سراح 180 جثمانا لفلسطينيين استشهدوا داخل السجون أو الميدان، مقابل تسليم رفات الجنود الإسرائيليين؛ التأكيد على أن عمليات الإفراج تتم بدون احتفالات أو مظاهر احتفالية إعلامية.

وكان الاقتراح تم مناقشته بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي، ووافقت عليه حكومة الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، قبل ان يرسل لحركة حماس أول أمس الخميس 29 مايو الحالي، وبعد دراسته من قبل قيادة الحركة، رفضت الحركة الاقتراح / الصفقة الجديدة، لأنه لا يحقق المطالب الجوهرية لها، ولا يتضمن أي ضمانات تمنع استئناف إسرائيل اللقيطة للعمليات العسكرية بعد انقضاء فترة الهدنة، وحسب مصدر مسؤول في الحركة أمس الجمعة، أن الرفض جاء نتيجة غياب بند حاسم ينص على التزام إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار في حال فشلت المفاوضات.  

من المؤكد ان صيغة الصفقة الجديدة لا تلبي مطالب حركة حماس، حيث لم تعطَ أية ضمانات لحماية قياداتها وكوادرها من الاعتقال او الاغتيال، فضلا عن ضرورة تسليمها لسلاحها، ونفي قياداتها من القطاع. لكن هل لدى حركة حماس مساحة ومتسع من المناورة لرفض الصفقة؟ وما هي قدراتها السياسية والعسكرية للرفض؟ وأليس من الأفضل الانتباه والتركيز أولا على حماية أبناء الشعب الذين يذبحون من الوريد الى الوريد بالإبادة العسكرية وحرب التجويع والامراض والاوبئة ومواصلة عمليات التدمير المتواصلة للمربعات السكنية المتبقية في مدن ومحافظات القطاع؟ وأليس من الواجب إعطاء استراحة ولو مؤقتة للجماهير الفلسطينية ل60 يوما، وإدخال المساعدات الإنسانية بمشتقاتها الغذائية والدوائية والمستلزمات الطبية والايوائية، الحؤول دون المزيد من كارثة المجاعة الكافرة، واستثمار وقت الهدنة والمفاوضات عبر الضغط على الطرفين الأميركي والإسرائيلي من الاشقاء العرب الوسطاء وغيرهم، ومن ضغط المجتمع الدولي. لا سيما وأن مؤتمر نيويورك الذي تقوده السعودية وفرنسا في 17 حزيران / يونيو القادم، وغيرها من المنابر الأممية؟

تعلم قيادة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين أكثر من غيرها، أن حدود المناورة ضاقت أكثر مما يجب، ولا يوجد متسع من الوقت للمناورة، وبالتالي عليها أن تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الجماهير الفلسطينية التي تموت ألف مرة في اليوم للأسباب المذكورة سابقا، حيث فاقت المجاعة كل احتمال او وصف، وخرجت المستشفيات والمراكز الصحية في معظمها عن الخدمة، التي تتلازم مع مواصلة الإبادة بأحدث أسلحة الدمار الشامل الأكثر حداثة وفتكا بأبناء الشعب الفلسطيني، ولم يعد لديها أية إمكانيات عسكرية، وحتى لو توفرت، فإن موازين القوى لم تكن منذ اللحظة الأولى للإبادة الجماعية لصالحها، وبالتالي رفضها لقبول الصفقة سيضاعف من الكارثة والفاجعة والإبادة للجماهير الفلسطينية التي نكبت بالطوفان، الذي بات عنوانه الاساس “طوفان الموت والمجاعة”، وكما صرح العديد من أبناء الشعب في القطاع أن “الموت أهون من المجاعة، وأكثر رحمة”، فهل هذا ما تريده حركة حماس؟ وأليست الأولوية القصوى لأي فصيل، تتمثل بحماية الشعب من الموت والإبادة والدمار الشامل؟

آن الأوان ان تقبل الحركة ومن يدور في فلكها، ومن يقف خلفها بالصفقة، وتستفيد من الهدنة، وأثناء ذلك تسلم الراية لمنظمة التحرير والدولة والحكومة الفلسطينية لتتولى مهامها ومسؤولياتها الوطنية. لا سيما وأنها، هي صاحبة الولاية على أبناء الشعب العربي الفلسطيني والوطن عموما لإنقاذ ما تبقى من الشعب عموما والأطفال والنساء خصوصا من الإبادة الأميركية الإسرائيلية، وقطع الطريق على العدو الصهيو أميركي، إن كانت معنية بمصالح الشعب والمشروع الوطني.

شاركها.