أمد/ واشنطن: عكس وجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين، إلى جانب حلفائه، وفي مقدمتهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، عمق تحالف الدول الأربع، ومدى قوة صداقتهم في مواجهة الهيمنة الغربية.
وبعث وجود بوتين في بكين رسالة واضحة إلى أوكرانيا وحلفائها الأوربيين عن مدى قوة موسكو، وقدرتها على الصمود، “لأن لديها أصدقاء أقوياء”.
كما عكس اصطفاف الزعماء الأربعة جنباً إلى جنباً مدى حاجة روسيا إلى كل طرف فيهم، فبعد أكثر من 3 سنوات على ما ظنّه بوتين يوماً ما سيطرة سريعة على أوكرانيا، جارته الأصغر والأضعف بكثير، لن تتمكن روسيا من مواصلة القتال دون أموال صينية وهندية، وأسلحة إيرانية، وبدرجة أقل، قوى بشرية من كوريا الشمالية. لكن الرسالة التي حملتها القمة والعرض العسكري، اللذان استضافتهما الصين هذا الأسبوع، تجاوزت بكثير الحرب في أوكرانيا.
“فرصة العمر”
وبحسب اء، فقد لا يتفق القادة المجتمعون في الصين على كل شيء. قد لا يتبادلون الإعجاب، “لكنهم يرون في وجودهم معاً فرصة العمر لإنهاء الهيمنة الغربية على الساحة العالمية. وتخشى أوروبا أن تكون في مرمى النيران”، وفق تقرير لشبكة “سي إن إن” يوم الخميس.
وقالت ناتيا سيسكوريا، الزميلة المشاركة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، للشبكة: “تحاول روسيا إثبات أنه على الرغم من عزلتها عن العالم الغربي، إلا أنها لا تزال تمتلك شركاء وحلفاء من الدول القوية اقتصادياً، وهذه العزلة لا تعني انهيار الاقتصاد الروسي، أو عجز روسيا عن مواصلة جهودها الحربية”.
انهيار النظام الدولي
وتضيف، “من الواضح أن النظام الدولي الذي وُضع بعد نهاية الحرب الباردة مُعرّض لخطر الانهيار”.
ومما يعزز تراجع ذلك النظام الدولي تراجع الولايات المتحدة عن الساحة العالمية في عهد الرئيس دونالد ترامب وأجندته “أمريكا أولاً”، بينما في هذه الأثناء، تُكافح أوروبا قوى الشرّ الداخلية، بما في ذلك تصاعد النزعة القومية اليمينية المتطرفة والضغوط الاقتصادية. في حين، وجدت روسيا والصين والهند ودول أخرى لم تُعجبها فكرة هيمنة الولايات المتحدة على العالم، فرصة سانحة للتغيير.
ويؤكد جون لوف، رئيس قسم السياسة الخارجية في مركز استراتيجيات “أوراسيا الجديدة”، للشبكة، أن “الهيمنة الراسخة للتحالف الغربي في الشؤون الدولية آخذة في التراجع، وهم يرون فرصة للبدء، بجدية، في إعادة هندسة النظام الدولي”.
وكشف اللقاء والعرض العسكري الأضخم من نوعه في بكين عن طموحات بوتين وأصدقائه ورسالتهم للجميع، بمن فيهم ترامب الذي فهم الرسالة على أكمل وجه، وعلق عليها قائلاً: “أرجو منكم نقل أطيب تحياتي إلى فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون، لأنكما تتآمران ضد الولايات المتحدة الأمريكية”.
ويقول اء، “رغم حجم المصالح المالية والعسكرية بين روسيا الصين والهند، وحاجة الأخيرتين للنفط الروسي الرخيص، فالدولتان لا ترغبان في الدخول في مواجهة مباشرة مع الغرب، إلا أنهما سعيدتان برؤية روسيا تدفع بأجندة معادية للهيمنة الأمريكية”.