أمد/ الهوينا كان  يمشى ، هنا فوق رمشى ، اقتلوه بهدوءٍ ، وأنا أهديه نعشي  ……

 صدق القائل ومِنَ الحُبِ ما قَتل ، هذا ما حدث تماماً مع اليمامة بنت كُليب حين قَتَل عَمها المُهَلهِل حبيبها جُبير بن الحارث  في حرب البسوس…. ولكن من البشر ما نَذر مَنّ يستحق قصيدة رثاء……

وما حدث معي يا يمامة  أفظع وأقسى مما حدثَ مَعَكِ  …. ….. 

   أنا فقدت  الكثير الكثير في هذه الدنيا البشر والشجر والحجر 

 أَخرها  المأوى… فقدت بيتى ….. حديقتى … قطتي…

 أشجار الزيتون التى قمت بزراعتها في عام ٢٠١٢م ، كنت  أنتظر موسم قطف الزيتون من كل عام لنعيش أحلى لحظات الحنين للأرض التى احتوتنا ومن ثمارها أوهبتنا ، بَينهُن شجرة زيتون مُفضلة لي أكبرهن حجماً و وأَعلاهن قَدراً بالنسبة لى اسميتها زيتونة غادة ، وطلبت منهم توزيع ثمارها بعد مماتي من أجل  احتساب الأجر …. ولكن ماذا حدث ؟؟  

ماتت زيتونتي في أيلول ٢٠٢٥م ودُمِرت في الحرب ، وبقيت أنا ، ليتها بَقيَت ومُت أنا ………..

فقدت سَطْح  البيت الذى رافقنى طيلة ١٣ عاماً لإلتقاط  أجمل صور للغروب  في غزة البهية   …..

  لكل غروب  حكاية ومذاق خاص ، إحساس  مرهف  ، مُفعَم ، مختلف  عن سابقيه ……

 آلمني فقدان غرفتى التى فيها أغلى ما أملك ، تاريخ كامل عمره الزمني ما يقارب أربعون عام ….. 

حكاية صورة وثوب أهدتنى إياه جَدتي رَحِمها الله منذ ١٩٨٨ م ، وقد كتبت مقالاً  سابقاً بعنوان (ثوب وكردان ) لا بقى الثوب ولا بقيت الصورة ، ضاعت الذكريات ودُفِنت تحت أكوام من  الركام  …. باتت مهجورة ، وتركت جراح بالقلب مَحفورة  ….

 فقدت  أوراقي الثبوتية ، وكل ما يثبت بأن كَائن حَىّ كان يقطن  هنا ….

كتابي الأول  ( وسادة غادة) الذي أصدرته قبل الحرب بأيامٍ قليلة ،  للأسف كِتابِي وُلِدَ  لِيُدفَن ….

كُتب الدراسة ، مقالاتي وأشعاري ، ودفتر ذكرياتي منذ ربع قرن ، اضافة لذلك  شهاداتى، من الصف الأول  الإبتدائي حتى المرحلة الجامعية…..

  غرفتي هِىَ موطني فيها كنت أفرح كنت أبكي ، كنت أكتب ، كنت أقرأ ، كنت وكنت ويا ليتنى ما كنت …..

كنت احتفظ بِكلِ شئٍ جميل طبع في ذاتي ذِكَرى جميلة  ، لعلها تكون روايات نُخبر بها أحفادنا ، ولكن الآن ماذا تبقى لنا ؟؟؟

 الان لا غروب لا ذكريات ، لا دفاتر لا حكايات لا هدايا الأُم والجَدات ،  لا أشجار ولا موسم قطف آت ، لا صور لا مأوي لا سكن ولا سَكِينَة ، لا أحلام ولا أُمنيات ….. 

أصبحنا ننام بين الركام ، الصمت بات عنواناً لنا بين الأنام ، الدمع صديق العين في اليقظة والمنام ….

  لا ماء  لا كهرباء  لا خَيمة تحتوي ما تبقى من بقايا انسان ، بل بؤسٌ وبؤساء ، حالنا  يمكن وصفه في لغة الضاد بثمانية من الكلمات ( كنا وكان … وكان يا مكان لا شئ بَقِىَ مثلما كان ) ….

 

 يُقال  أن الماء سِرَ الحياة  ، لا عاد في ماء ولا سر  ولا حياة …..ماذا ننتظر  أخبروني  ؟ 

ماذا نقول ؟؟  

ماذا فعلنا يا الله لنحصد كل هذا الخراب !!!!!

بل سأقول مراراً وتكراراً ….

حماس أسوأ مشروع تدميري  للقضية والشعب والتاريخ ، اضافة الى ذلك أجهزت  على انجازات النضال الفلسطيني منذ عام ١٩٤٨م ، كما انها تاجرت بدماء  أبناء شعبنا الفلسطينى من خلال الانقلاب الدموي في عام٢٠٠٧م ، يليه مسيرات العودة ٢٠١٨م ،وما يسمى ب ٧ اكتوبر المشئوم ….   و السبب في نكبة غزة  ٢٠٢٣ م ، هى بإختصار  مَن حَطمت أمالنا وضَيعت شَبَابَنا ودمرت أحلامنا ، وقضت على براءة  اطفالنا و طموح نِسائنا ، وأغرقتنا في بئر حرمان  عميق جداً لا بداية له ولا نهاية ولها الدور الأكبر في انهاكَنا وهَلاكَنا  …… 

حسبى الله وانت نِعم الوكيل فيهم وفى قياداتهم ، عليهم اللعنة  اينما كانوا وأينما حَلّوا وأينما وِجِدوا ، ولنا معهم  أمام الله يوم الحساب  حِساب   …..

 

شاركها.