في ظل التحولات المناخية العالمية المتسارعة، وتزايد الضغوط البيئية على الموارد الطبيعية، أكد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أن المغرب دخل مرحلة جديدة من التوجه الصناعي والاقتصادي القائم على تحقيق الحياد الكربوني، وذلك في إطار التزامه باتفاقية باريس للمناخ.

وأوضح وزير الصناعة خلال اليوم الدراسي الذي نظمته، يوم أمس، فرق الأغلبية بمجلس النواب، بشراكة مع الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، أن المغرب وضع هدفاً طموحاً يتمثل في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة في أفق سنة 2030، كما أطلق سنة 2020 رؤية استراتيجية طويلة الأمد تروم الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050. هذا التحول، حسب مزور، لا يُعد فقط استجابةً لمتطلبات العدالة البيئية، بل يمثل أيضاً فرصة اقتصادية استراتيجية لتعزيز مكانة المغرب في السوق الدولية.

وأشار الوزير إلى أن اختيار المملكة لمسار « النمو المنخفض الكربون » ليس عشوائياً، بل نابعا من توفرها على مزايا تنافسية هامة، تُمكّنها من إنتاج طاقة نظيفة بتكاليف منخفضة. هذا ما يتيح، بحسبه، تعزيز تنافسية المنتجات الوطنية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاعات المستقبل مثل صناعة الألواح الشمسية، الصلب النظيف، والهيدروجين الأخضر.

كما شدد مزور على أهمية التكيف المبكر مع آليات تسعير الكربون في الاتحاد الأوربي، والتي ستدخل حيز التنفيذ مطلع 2026 وتشمل قطاعات رئيسية كالإسمنت والصلب والألمنيوم. ومع بلوغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوربي أكثر من 54%، فإن مواكبة هذه التحولات أصبحت ضرورة ملحة لضمان استمرار تدفق الصادرات الوطنية وتعزيز السيادة الاقتصادية.

وأكد المسؤول الحكومي أن الاستراتيجية الصناعية الجديدة تشمل قطاعات متعددة من ضمنها الصناعة والطاقة والبناء والزراعة وتدبير النفايات، مع التركيز على تقييم التكاليف واتخاذ إجراءات دقيقة لتقليص الانبعاثات. وتجدر الإشارة إلى أن القطاع الصناعي المغربي يمثل نحو 21% من إجمالي استهلاك الطاقة الوطنية، ما يجعل الاعتماد على الطاقات المتجددة كالهيدروجين الأخضر خياراً استراتيجياً.

وجدد رياض مزور التأكيد على أن المغرب لا يسعى فقط إلى حماية موقعه في الأسواق العالمية، بل إلى تحويل التحديات المناخية إلى فرص حقيقية للنمو المستدام، وخلق مناصب شغل خضراء، وتعزيز مكانته كقطب صناعي إقليمي رائد في مجال الاقتصاد.

شاركها.