رويترز: الإمارات تجري محادثات مع أمريكا وإسرائيل حول “الإدارة المدنية” في غزة بعد الحرب
أمد/ أبو ظبي: ناقشت الإمارات العربية المتحدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل إمكانية المشاركة في إدارة مؤقتة لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وذلك إلى حين “اصلاح” السلطة الفلسطينية لتولي المسؤولية الكاملة.
ووفقًا لما نقلته وكالة رويترز عن نحو عشرة دبلوماسيين ومسؤولين غربيين، تطرقت المناقشات، التي جرت خلف الكواليس، إلى إشراف مؤقت من قبل الإمارات والولايات المتحدة ودول أخرى على شؤون الحكم والأمن وإعادة الإعمار في القطاع، وذلك عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي.
تُعد الإمارات شريكًا أمنيًا وثيقًا للولايات المتحدة، وتتميز عن معظم الدول العربية بعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وهو ما يمنحها نفوذًا نسبيًا في التعامل مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتهدف هذه الخطة إلى ضمان الاستقرار في غزة وتهيئة الظروف المناسبة لعودة السلطة الفلسطينية لتولي مهامها بكفاءة.
رغم مرور أكثر من عام على الحرب، لا تزال إسرائيل مترددة في تحديد رؤيتها النهائية لمستقبل غزة، بينما يكافح المجتمع الدولي لوضع خطة قابلة للتنفيذ، وفقًا لمصدرين مطلعين طلبا عدم الكشف عن هويتهما بسبب سرية المحادثات.
وأكد دبلوماسيون ومسؤولون أن الأفكار التي تم تداولها خلال المحادثات التي استضافتها الإمارات العربية المتحدة تفتقر إلى التفاصيل اللازمة، ولم تُترجم إلى خطة مكتوبة أو معتمدة رسميًا من أي حكومة حتى الآن.
في المحادثات الجارية خلف الكواليس، دعت أبوظبي إلى تشكيل سلطة فلسطينية بعد الاصلاح قادرة على إدارة غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ضمن إطار دولة فلسطينية مستقلة، وفقًا لمصادر مطلعة. إلا أن هذا التوجه قوبل برفض علني من الجانب الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، صرّح مسؤول إماراتي لوكالة رويترز ردًا على استفسارات بشأن تلك المناقشات قائلًا:
“لن تشارك الإمارات في أي خطة لا تتضمن إصلاحات جوهرية للسلطة الفلسطينية، وتمكينها، ووضع خارطة طريق موثوقة نحو إقامة دولة فلسطينية.”
أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن هناك مناقشات جارية مع عدد من الشركاء، من بينهم الإمارات العربية المتحدة، بشأن خيارات الحكم والأمن وإعادة إعمار قطاع غزة. وأوضح أن الشركاء قدموا عدة مقترحات وخطط وأفكار لتحقيق هذه الأهداف.
وأشار المتحدث إلى أن العناصر الأساسية اللازمة لضمان نجاح أي خطة لمرحلة ما بعد غزة لا تزال غائبة حاليًا، مما يستدعي تنسيقًا دوليًا فعّالًا لسد هذه الفجوات.
الموقف الذي أشار إليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يعكس تعقيد الأوضاع في مرحلة ما بعد النزاع في قطاع غزة، ويؤكد الحاجة إلى تنسيق دولي شامل لضمان نجاح أي خطة مستقبلية. إليك أبرز النقاط التي يمكن استنتاجها من التصريح:
الشراكة الإقليمية والدولية: هناك دور متوقع لشركاء إقليميين، مثل الإمارات العربية المتحدة، في جهود إعادة الإعمار وضمان الاستقرار الأمني والإداري في غزة.
مقترحات متعددة: تم تقديم مقترحات وخطط من عدة أطراف، مما يشير إلى وجود رؤى متنوعة حول كيفية إدارة المرحلة المقبلة.
غياب العناصر الأساسية: رغم النقاشات والمقترحات، لا تزال هناك فجوات أساسية تحول دون الوصول إلى خطة قابلة للتنفيذ، سواء على المستوى الأمني أو الإداري أو الإنساني.
التنسيق الدولي: الحل المستدام يتطلب مشاركة وتنسيقًا دوليًا فعّالًا بين الفاعلين الرئيسيين، بما يشمل دولًا إقليمية والولايات المتحدة، وربما الأمم المتحدة وجهات أخرى.
قال المتحدث: “كانت هذه مناقشات مدروسة ومستمرة، ونحن نعمل على إيجاد أفضل السبل للمضي قدماً”، رافضًا التعليق بشكل أكبر على “المحادثات الدبلوماسية الخاصة”.
من جانبه، رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على هذا الموضوع، بينما لم ترد السلطة الفلسطينية على استفسارات وكالة رويترز.
إلى جانب إصلاح السلطة الفلسطينية، أفاد أربعة دبلوماسيين ومسؤولين غربيين بأن المسؤولين الإماراتيين اقترحوا استخدام مقاولين عسكريين خاصين ضمن قوة حفظ السلام في غزة بعد الحرب. وأكدت مصادر أخرى اطلاعها على ما وصفتها بالمقترحات الإماراتية التي تطرقت إلى استخدام هذه القوات بعد انتهاء النزاع.
قال الدبلوماسيون والمسؤولون الغربيون إن نشر المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص قد يثير قلقاً بين الدول الغربية. وكان هؤلاء المتعاقدون، الذين تم استئجارهم من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى، قد تعرضوا لاتهامات بالتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان واستخدام القوة المفرطة، فضلاً عن مزاعم أخرى، خصوصاً في العراق وأفغانستان.
من جهته، لم يرد المسؤول الإماراتي على استفسارات بشأن استخدام المقاولين العسكريين.
إعادة إعمار غزة
من المتوقع أن تستغرق عملية إعادة إعمار غزة، بما في ذلك مؤسساتها السياسية، سنوات عديدة وتحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات. هذه العملية تتطلب دعماً دولياً كبيراً بعد أكثر من 15 شهراً من الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة.
رغم انتقادات الإمارات لسياسات الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن إسرائيل لا تزال ترغب في إشراك الدولة الغنية بالنفط في عملية إعادة إعمار غزة بعد الحرب، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين سابقين رفضوا الكشف عن هويتهم.
تشترك الإمارات مع إسرائيل في معارضة حركة حماس، التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، وهي التي قادت الهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي أشعل فتيل الحرب. تعتبر أبوظبي حماس والجماعات الإسلامية الأخرى قوى مزعزعة للاستقرار في المنطقة، وقد أعرب المسؤولون الإماراتيون عن قلقهم بشأن تأثير الحرب على الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى جهود تعزيز التكامل الإقليمي والتنمية الاقتصادية.
في المقابل، قال باسم نعيم، أحد كبار المسؤولين في حماس، لرويترز إنه يرى أن غزة يجب أن تبقى “فلسطينية متميزة” وخالية من “التدخلات الأجنبية” بعد انتهاء الحرب.
من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة، بالتعاون مع وسطاء مثل مصر وقطر، إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول، تبادل الطرفان اللوم بشأن تأخير التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، رغم التصريحات التي أشارت إلى أنه كان يبدو وشيكاً في الشهر الماضي. في هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن واشنطن تسعى إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غضون الأسبوعين المقبلين.
وفيما يتعلق بمستقبل غزة، صرح المتحدث باسم فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بريان هيوز، أن الرئيس الذي سيتولى منصبه في 20 يناير/كانون الثاني سيتعاون بشكل وثيق مع الشركاء العرب والإسرائيليين لضمان ازدهار غزة في المستقبل.
إصلاح السلطة
بعد الحرب، أكدت دولة خليجية أنها لن ترسل قوات إلى مهمة متعددة الجنسيات إلا بدعوة من السلطة الفلسطينية وبمشاركة الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه للسلطة الفلسطينية في شكلها الحالي، التي تدير قطاع غزة، مشيرًا إلى ما وصفه بمظالم سابقة تتعلق بالمنهج الدراسي الذي يعده الفلسطينيون والذي يرى أنه يعزز الكراهية تجاه إسرائيل، إضافة إلى سياسة السلطة في دفع رواتب لأسر الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
في هذا السياق، دعت الإمارات العربية المتحدة إلى تعيين رئيس وزراء جديد للسلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أن القيادة الحالية فاسدة وغير كفؤة، وهو ما ناقشه المسؤولون الإماراتيون في محادثات مغلقة، وفقًا لما ذكره دبلوماسيون. ولم تكشف الإمارات عن تفاصيل بشأن هذا المطلب.
على الصعيد الفلسطيني، تعهد رئيس الوزراء محمد مصطفى، الذي تولى منصبه في مارس/آذار، بتنفيذ إصلاحات تهدف إلى معالجة الأوضاع المالية المتدهورة للسلطة الفلسطينية، التي تعاني من أزمات مالية منذ سنوات نتيجة لتقليص التمويل الدولي حتى يتم معالجة قضايا الفساد والهدر.
ووفقًا للدبلوماسيين والمسؤولين، ذكر المسؤولون الإماراتيون رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض كأحد الشخصيات القادرة على قيادة الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية. فياض، الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2013، كان قد استقال بعد خلاف مع الرئيس محمود عباس، الذي لا يزال في منصبه حتى اليوم. ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى فياض للتعليق على هذه النقاط.
هذا التصريح يُظهر أن هناك وعيًا بالتحديات الكبيرة المقبلة، وأن المسار نحو حل مستدام يتطلب توافقًا سياسيًا وإجماعًا.
أبرز النقاط: كخلاصة:
الإدارة المؤقتة:
ستشمل الإشراف على الحكم والأمن وإعادة الإعمار.
ستكون هذه الإدارة بقيادة الإمارات والولايات المتحدة وربما دول أخرى.
الهدف النهائي:
تمهيد الطريق لتولي سلطة فلسطينية “بعد الاصلاح” مسؤولية إدارة قطاع غزة.
تعزيز استقرار القطاع وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
التحديات المحتملة:
التحدي السياسي: قد تواجه الخطة معارضة من الفصائل الفلسطينية أو من أطراف داخل إسرائيل.
التحدي اللوجستي: يتطلب إعادة إعمار القطاع موارد ضخمة وإدارة فعالة.
التحدي الأمني: ضمان عدم عودة الفوضى أو تجدد الاشتباكات المسلحة.