اخر الاخبار

رهانات تنتظر الطبقة السياسية في الدخول الاجتماعي

بعد أن اجتازت جل الأحزاب السياسية العام الماضي بنجاح تحدي تنظيم مؤتمراتها، ينتظرها في الدخول الاجتماعي الحالي عدة رهانات مصيرية، في مقدمتها حزمة مشاريع قوانين ذات بعد سياسي مبرمجة بالبرلمان، كقانون الأحزاب والجمعيات والتظاهر والبلدية والولايات، إلى جانب ضرورات طرح مناقشات جادة وغير شكلية في المشهد السياسي والخروج به من حالة الركود والترقب.

يتشكل المشهد السياسي هذه السنة على وقع مبادرة سياسية جديدة لجبهة القوى الاشتراكية وطرح محتمل لمشاريع قوانين سياسية تستدعي من الطبقات السياسية حشد كوادرها ومناقشتها بجدية وبعمق واقتراح تعديلات تخدم وتطور الممارسة السياسية وتضفي عليها الانفتاح والإبداع السياسي وتخرجها من دائرة التقليد. ويتعين على الأحزاب السياسية تحضير أفكار جديدة والتخلي عن الأحكام المسبقة في معالجة ومناقشة القوانين المقترحة من الحكومة وعدم التشبث بشكل أعمى بمواقفها السياسية أو التعامل مع النصوص دائما من منطلق ثنائية المعارضة والموالاة وهاجس المؤامرة، التي عطلت في عدة مناسبات كل تطور يحدث في البلاد، من خلال جعلها مقياسا ومعيارا معمما في تفسير كل الأحداث والمبادرات، ولو أنها حقيقة في الكثير من القضايا والأحداث.

ويجمع المراقبون على أن المشهد السياسي يعرف ركودا شبه مزمن في الأشهر الأخيرة، باستثناء مبادرة أو مبادرتين سياسيتين طرحتها حركة البناء الوطني وبعدها جبهة القوى الاشتراكية، إلى جانب المؤتمرات الهيكلية والبيانات التي تحمل مواقف التشكيلات الحزبية تجاه الأحداث والقرارات الرسمية.

هذا التشخيص الذي يحمل جانبا كبيرا من الواقع يوجب على قادة وقيادات الأحزاب تنشيط “الخيال السياسي” لتحريك المشهد السياسي وتأثيثه بالمبادرات والأنشطة التي تعيد للعمل الحزبي اعتباره وجاذبيته عبر تطوير الخطاب وتحديثه وجعله يتناسب مع طموحات الأجيال الجديدة ومتطلبات الحاضر للتخفيف من عزوف ومقاطعة المواطنين للشأن السياسي.

وقد ساهم في إحداث هذا العزوف تحول الفضاءات الحزبية في نظر الكثير من الإطارات على المستوى المحلي والقاعدي إلى “مطيّات” خلال المناسبات الانتخابية لبلوغ المجالس المنتخبة على صعيد ولائي أو وطني.

وتظل الأحزاب السياسية مطالبة بإثبات وجودها وجدواها، في ظل زحف المجتمع المدني والأحرار التدريجي في الساحة، الذي أزعج الكثير من السياسيين واعتبروه بمثابة “ضيف غير مرغوب فيه” في المعترك السياسي، بحجة “السياسة للسياسيين” والتنظيم السياسي للمجتمع يكون عبر الأحزاب فقط وليس الجمعيات والمنظمات الجماهيرية والنقابات وغيرها من التكتلات غير الحزبية.

وظلت الطبقة السياسية في الجزائر في السنوات الأخيرة حبيسة ثنائية معارضة وموالاة، اختفت فيها التيارات الفكرية والمقترحات السياسية، مع استثناءات قليلة تتجسد في حزب العمال الذي حافظ على منطلقاته الفكرية واقتراح حلول، ومعه نسبيا جبهة القوى الاشتراكية التي تحاول الخروج من الدائرة والاصطفاف في الوسط مع المحافظة على نزعة المعارضة، إلى جانب حركة مجتمع السلم التي تخندقت في المعارضة البرلمانية كليا، مع ترك هوامش اتصالية وعملية مع جميع الأطياف ودعم غير مشروط للسياسة الخارجية، فيما تظل أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة البناء الوطني، أصحاب الأغلبية البرلمانية، مصطفة بشكل قوي في تيار الموالاة الداعم لسياسات وسرديات السلطة، من دون تقديم مقترحات أو بدائل للإخفاقات أو السلبيات التي تظهر على الأداء الحكومي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *