أمد/ جنيف انطلقت يوم الاثنين أعمال الدورة الـ113 لمؤتمر العمل الدولي على المستوى الوزاري رفيع المستوى، وخلال جلسة الشؤون العامة ناقش ممثلو الدول الأعضاء مشروع قرار تاريخي يتعلق بمركز دولة فلسطين في منظمة العمل الدولية.

يسعى القرار إلى توسيع مشاركة فلسطين في منظمة العمل الدولية برفع مكانتها من “حركة تحرير وطني” إلى “دولة مراقبة غير عضو”، بما يتماشى مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ES10/23 الصادر في مايو 2024. ويُوازن هذا القرار مكانة فلسطين في منظمة العمل الدولية مع عضويتها في الوكالات الأخرى مثل اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية. ويستند القرار إلى توصية مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، التي اعتُمدت خلال دورته 352 في نوفمبر 2024، والتي دعت إلى تعزيز مكانة ومشاركة دولة فلسطين في أعمال المنظمة، بما يشمل حضور اجتماعات مجلس الإدارة، والمؤتمرات الإقليمية، واللجان الفنية، واعتمدت لجنة الشؤون العامة القرار بالاجماع تمهيداً لاعلان اعتماد القرار بشكل رسمي يوم الخميس 5 حزيران الجاري.

وخلال الجلسة، عبّرت دول عدة عن دعمها الواضح لمشروع القرار وشددت على وقف اطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية بأسرع وقت ممكن، وعلى راسها المجموعة العربية برئاسة البحرين، منظمة التعاون الإسلامي برئاسة الباكستان، مصر، الجزائر، الصين، إسبانيا، فرنسا، إندونيسيا، كوبا، تونس، سويسرا، تشيلي، فنزويلا، مشددين على أهمية تمكين دولة فلسطين من ممارسة دورها الكامل في المنظمة، وتعزيز حضورها الدولي كدولة، لا كحركة تحرر فقط.  علماً ان المجر أعربت عن رفضها للقرار لاعتباره يهدد التوصل لحل سياسي مبني على المفاوضات المباشرة بين الجانبيين الإسرائيلي والفلسطيني.

امتيازات موسعة لدولة فلسطين بموجب القرار

يتضمن مشروع القرار حزمة من الحقوق الواسعة التي ستُمنح لفلسطين في المنظمة، من أبرزها:

الحق في الجلوس بين الدول وفق الترتيب الأبجدي، التسجيل في قائمة المتحدثين في كافة بنود جدول الأعمال، تقديم بيانات باسم المجموعات، وتقديم مقترحات وتعديلات والمشاركة في رعايتها، الحق في الرد، ورفع التماسات إجرائية، وتقديم نقاط نظام، وطلبات للتصويت، والطعن في قرارات رئيس الجلسة، إدراج بنود على جدول أعمال المؤتمرات المقبلة، انتخاب أعضاء من وفدها لعضوية مكتب الجمعية العامة للمؤتمر بدءاً من العام المقبل، المشاركة الكاملة في المؤتمرات والاجتماعات المنعقدة تحت رعاية الجمعية العامة، تمثيل ثلاثي (حكومة أصحاب عمل عمال) في الوفود الفلسطينية. كما نص القرار على مواءمة مشاركة فلسطين مع الإجراءات المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتطبيق ذلك على أساس استثنائي، دون المساس ببنية العضوية في المنظمة.

من جهته، أعرب المندوب الدائم لدولة فلسطين للأمم المتحدة في جنيف، السفير إبراهيم خريشي عن امتنانه للدعم الدولي، قائلاً “أهنئ رئاسة المؤتمر والنواب على انتخابهم، وأشكر ممثلة أصحاب العمل وممثلة مجموعة العمال على حديثها الشفاف والداعم للقضية الفلسطينية. كما أُثنى على موقف المجموعات والدول التي عبّرت عن تضامنها.”

وانتقد السفير خريشي موقف وفد المجر الذي عارض القرار، قائلاً “أستغرب من موقف المجر، التي اعترفت بدولة فلسطين منذ عام 1988. كنا ننتظر منها أن تدعم عضوية كاملة لفلسطين، بما يتسق مع موقف المجتمع الدولي.” وشدد على أن مشروع القرار إجرائي وليس سياسي، حيث قدم بناء على تحليل قانوني مطول أعده مكتب المدير العام، الذي استعرض به مشاركة فلسطين المستمرة منذ أكثر من 50 عاماً،

وأشار الى ان الجمعية العامة طالبت الوكالات المتخصصة في قرارها في أيار ٢٠٢٤ بضرورة اتخاذ إجراءات لموائمة قراراتها. كما ان دولة فلسطين تستوفي الشروط الأربعة المنصوص عليها في إعلان مونتيفيديو لعام 1933، وهي مؤهلة للانضمام. وأشار الى اتفاق الجمعية العامة ومنظمة العمل في ١٩٤٦ حول موائمة قراراتها مع قرارات الجمعية العامة. ومع ذلك، لا يزال البعض يرفض التعامل بإنصاف، ويستمر في تطبيق ازدواجية المعايير.

شدد السفير خريشي على أن قرار رفع عضوية دولة فلسطين في منظمة العمل الدولية يُعد ردًاً حازماً ومباشراً على قرار الكنيست الإسرائيلي الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية، وكذلك على التصريحات التحريضية والخطيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير خارجيته من اليمين المتطرف. واعتبر السفير أن الموقف الإسرائيلي يمثل تصعيداً بالغ الخطورة وانتهاكًاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني. ودعا إلى تحرك دولي فاعل لمواجهة هذا الواقع الظالم، من خلال دعم واضح وصريح لحقوق العمال الفلسطينيين، وتعزيز تمثيل فلسطين وتثبيت وجودها في المحافل والمؤسسات الدولية كجزء من معركة النضال الوطني والسياسي المشروعة.

إجماع على أهمية القرار ودعوات لاعتماده

أكدت كل من مجموعة أصحاب العمل ومجموعة العمال في كلمات ممثليها أهمية القرار، مشيرين إلى أن منح فلسطين هذه الحقوق لا يعني منحها العضوية الكاملة، ولا يؤثر على أي حلول مستقبلية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل هو خطوة بناءة تعزز من التزام منظمة العمل الدولية بالشمولية والتعاون الفني، وشددوا على ضرورة تمكين حضور الشعب الفلسطيني في المنظمات الدولية وحماية حقوق العاملين في ظل استمرار الاحتلال غير القانوني.

كما شددت التصريحات على أن القرار يتيح منصة عملية لدعم العمال الفلسطينيين في ظل الكارثة الإنسانية التي تشهدها الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة حيث يواجه الملايين أوضاعاً إنسانية صعبة وماساوية، كما فقد أكثر من 200 ألف عامل وظائفهم.

شاركها.