أمد/ القاهرة: توفي الكاتب الروائي الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عامًا، إثر إصابته بالتهاب رئوي حاد، نُقل بسببه إلى المستشفي، بعد مسيرة حافلة بالأعمال الروائية التي أسهمت في رسم ملامح الأدب العربي في النصف الثاني من القرن العشرين.
ويعد صنع الله أبرز رموز “الجيل الذهبي” من أدباء مصر والذي نعاه الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، قائلًا إنه “ترك إرثًا أدبيًّا وإنسانيًّا خالدًا سيظل حاضرًا في وجدان الثقافة المصرية والعربية”، كما وصف الراحل بـ”القامة الأدبية الاستثنائية”.
وأكد وزير الثقافة أن “صنع الله مثّل أحد أعمدة السرد العربي المعاصر، وامتازت أعماله بالعمق في الرؤية، مع التزامه الدائم بقضايا الوطن والإنسان، وهو ما جعله مثالًا للمبدع الذي جمع بين الحس الإبداعي والوعي النقدي”.
وأضاف أن “فقدان صنع الله إبراهيم خسارة كبيرة للساحة الأدبية، فقد قدّم عبر مسيرته الطويلة أعمالًا روائية وقصصية أصبحت علامات مضيئة في المكتبة العربية، كما أثّر في أجيال من الكُتّاب والمبدعين”.
ووُلد صنع الله إبراهيم عام 1937، ويعد أحد أبرز الأسماء في الرواية العربية حاليًّا، واشتُهرت أعماله بالطابع النقدي، سياسيًّا واجتماعيًّا، في المجتمع المصري والعربي بشكل عام.
وحصد صنع الله بضع جوائز تكريمًا لمسيرته الأدبية، من بينها جائزة “غالب هلسا” من اتحاد الكتاب الأردنيين عام 1992، وجائزة “أفضل رواية مصرية” عام 1998 عن روايته “شرف” وأيضًا جائزة “ابن رشد للفكر الحر” عام 2004.
ومن أبرز أعماله “نجمة أغسطس”، “اللجنة”، “أمريكانلي”، كما تحولت روايته “ذات” إلى مسلسل بعنوان “حكاية بنت اسمها ذات”، لعبت بطولته نيللي كريم.
الترجمات
ويعد الأديب الراحل صنع الله إبراهيم أحد أبرز رواد الأدب فى مصر، كما أنه علامة من علامات الأدب المصرى، وله مجموعة متنوعة من الأعمال المميزة، ودخلت بعضها فى قائمة أفضل مائة رواية عربية، وبعيدا عن الرواية الإبداعية، قام الكاتب الكبير بترجمة بعض الأعمال من الأدب العالمي، هي:
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
لم يقف هذا الكتاب عند ترجمة بعض النصوص الأدبية لكاتبات عالميات، بل هو مشروع لفكرة دارت في خلد صنع الله إبراهيم وراح يطرحها عبر هذه النصوص، تَقوم الفكرة على فَهم الذات الأنثوية من خلال المرأة ذاتها؛ أي إدراك الأحاسيس والمشاعر التي تتشكل في هذا المخلوق من خلال ما ذكرته هي عن نفسها، فالمرأة أبلغ من يكتب عن المرأة؛ هي التي تشعر، وهي الأكثر قدرة على التعبير عما تشعر به، وخاصةً إذا كان الشعور لا يتعلق بطموحاتها، وإثبات ذاتها العملية والعلمية والمجتمعية، بل هو شعور يَتعلَّق في الأساس بجنسها، وكيفية فَهمها طبيعةَ جسدها، ورغبات هذا الجسد. تجرِبة خاصة وفريدة وجريئة في آن واحد، لكنها بلا شك تسلط الضوء على أمور كثيرة ظلت طويلا أسيرة لمحرمات مجتمعية، لكن صار من الممكن البوح بها.
العدو
كتاب يتحدث عن جمالية فن العمارة، والقبح الذي أصاب العمارة في العقود الأخيرة، ويقول صنع الله إبراهيم في مقدمة هذا الكتاب: هل فكرت يوما في مدى توافق المباني التي نعيش فيها، مع الطبيعة والحالة النفسية والرُّوحية؟ أم إن نظرتك إليها لم تتجاوز الخرسانات التي يجب أن تتحمل الزلازل والأعاصير، وأن تكون مُسلَّحة بشكلٍ يكفل لها الصمود قرنا من الزمن، حتى إن كانت تخلو من كل جميل؟ العمارة إبداع وفن وفلسفة وخيال، هكذا رآها المعماريون الكبار؛ ومن ثم جاءت أعمالهم آية من الجمال، تعكس روح الفنان الذي صممها، وتؤدي الوظيفة التي يجب أن يكون عليها السكن، وهو سكن للروح والنفس، وليس للجسد فقط، وهذا ما أدركه «روبي» في طفولته، وظل حلمه الذي يراوده طَوال حياته؛ فقد حلم بتصميم منزل يعكس خياله وروحه، ينبض بالجمال، ويتحرك بخفة وانسيابية، ولكن التوحش المادي لا يسمح لهذه الأحلام بأن تنمو!
الحمار
رواية لجونتر دي بروين، وترجمها صنع الله إبراهيم، جاء في مقدمتها: ثمة مثل يقول: «إذا تفلسف الحمار مات جوعا!» وهو مثل مأخوذ عن قصة «حمار بوريدان»؛ وهي قصة افتراضية عن حمار يعاني الجوع والعطش، وضع أمام كومة من القش، وسطل من الماء، فحار بأيهما يبدأ، وظل على حيرته حتى مات جوعا وعطشا! وفي الرواية التي بين أيدينا يجسد «كارل إرب» نموذج «حمار بوريدان»؛ فقد ترك زوجته وأسرته والحياةَ الرغدة التي كان يحياها ليتزوج من «برودر»، وهي فتاة من طبقة فقيرة يعيش معها في مسكن متواضِع للغاية، لكنه يسأم من هذه الحياة ويقرر العودة إلى حياته السابقة، لكن زوجته الأولى ترفض أن يعودا زوجين كسابق عهدهما. تقدم الرواية بأسلوب ساخر نقدا لاذعا للمفاهيم الاشتراكية وفترة الحكم الشيوعية لألمانيا الشرقية عقب الحرب العالمية الثانية، وتُسلِّط الضوءَ على الكثير من خبايا النفس البشرية.