أمد/ تل أبيب: اعتبر رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي السابق، يوسي كوهين، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان “العقبة الرئيسية” أمام تنفيذ مخطط إسرائيل.

وقال كوهين خلال إطلاقه كتابه الجديد بعنوان “سيف الحرية”، في فعالية حضرها نحو 450 مشاركاً، تناول خلالها بالتفصيل الحرب في قطاع غزة، والعلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية — وعلى رأسها مصر — كما عاد إلى تحليل الأسباب التي أدت إلى الفشل الأمني والعسكري الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، وناقش مستقبل إسرائيل كدولة في ظل التحديات الإقليمية والداخلية.

وبحسب موقع hmnews الإخباري الإسرائيلي، كشف كوهين أنه طرح منذ عام 2014 — خلال فترة توليه منصب رئيس مجلس الأمن القومي — فكرة نقل إدارة ملف قطاع غزة بأكمله إلى جهاز الموساد، رغم أن الجهاز لا يتعامل تقليدياً مع الشؤون الفلسطينية في غزة أو الضفة الغربية. لكن هذا المقترح لم يُكتب له النجاح، بسبب معارضة داخلية واعتبارات بيروقراطية وأمنية.

وفيما يتعلق بمستقبل سكان قطاع غزة، كشف كوهين عن مقترحات سابقة طُرحت مع الجانب المصري، من بينها خطة لنقل سكان غزة مؤقتاً إلى سيناء لـ”حمايتهم من الأذى” أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية. لكنه أكد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان “العقبة الرئيسية” أمام تنفيذ هذا المخطط، إذ رفضه رفضاً قاطعاً، على الرغم من أن كوهين أشار — بحسابات ديموغرافية — إلى أن سكان غزة يشكلون “أقل من 2% من إجمالي سكان مصر”، في محاولة لتقليل حجم التحدي الديموغرافي الذي تتخوف منه القاهرة.

وفي سياق آخر، تطرق كوهين إلى ملف التطبيع مع السعودية، وكشف عن محادثة خاصة جمعته بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سأله خلالها عن الاستراتيجية السعودية تجاه الفلسطينيين. وقال كوهين إن رد ولي العهد كان صادماً: “لا يهمني، ماذا عنك؟” — وهو ما فسّره كوهين على أنه مؤشر على أن الرياض تنظر إلى القضية الفلسطينية كعامل ثانوي في حساباتها الاستراتيجية، لكنه أوضح في الوقت نفسه أن التطبيع بين إسرائيل والسعودية لن يتم إلا بعد إبرام اتفاق تطبيع سعوديأمريكي يشمل ضمانات أمنية للرياض، وهو ما يجعل التطبيع مع إسرائيل مرهوناً بترتيبات أوسع مع واشنطن.

وفي إشارة إلى قطر، وصف كوهين التحريض ضد إسرائيل على قناة الجزيرة بأنه “أمر فظيع”، لكنه أقرّ بأن الدوحة تظل “أداة ضرورية” لإسرائيل، لأنها القناة الأساسية للتواصل مع حماس، وهي الوسيط الوحيد القادر على “إنقاذ أرواح الأسرى في غزة” وفق تعبيره، ما يعكس المفارقة الإسرائيلية في التعامل مع قطر: رفض علني للخطاب الإعلامي، واعتماد عملي على الدور القطري في إدارة الأزمات الإنسانية والتفاوضية.

الرسالة الأبرز من الكتاب:

يوسي كوهين — بصفته أحد أبرز مهندسي السياسة الأمنية الإسرائيلية في العقدين الماضيين — يُقدّم في كتابه تشريحاً داخلياً صريحاً لفشل المؤسسة الإسرائيلية، ويُقرّ ضمناً بأن الحلول الأمنية وحدها لا تكفي، وأن التعامل مع الجيران العرب — حتى الخصوم منهم — بات ضرورة استراتيجية، لا خياراً تكتيكياً. كما يكشف عن مدى الانفصال بين الحسابات الإسرائيلية والواقع المصري، حيث لا تزال تل أبيب تعتقد أن “المنطق الديموغرافي أو الأمني” يمكن أن يقنع مصر بقبول خطط تهجير أو إعادة توطين، بينما يُظهر الموقف المصري — كما عبر عنه السيسي — أن السيادة والهوية والثوابت الوطنية خطوط حمراء لا تُناقش.

شاركها.