“دول معادية ستستثمر في الأزمة لإنهاك الجزائر أمنيا”
يؤكد خبراء ومحللون، أن الأزمة المترتبة عن الانقلاب الذي أطاح برئيس النيجر، محمد بازوم، ستضاعف أعباء تأمين الحدود الوطنية وتعرقل جهود الجزائر لمساعدة دول الساحل الإفريقي في حلحلة أزماتها، خاصة في ظل بروز رغبة فرنسية في التدخل العسكري يهدد بتكرار السيناريو الليبي.
قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، زكرياء وهبي، إن “ما تعرفه النيجر حاليا هو نتاج عدم الاستقرار المؤسساتي الذي نتج عنه تداخل السياسي والعسكري في تسيير شؤون الدولة، مع عدم الفصل والحسم في طبيعة سير مؤسسات الحكم فيها”.
وأوضح في اتصال مع “”، أن الإنقلاب العسكري في ظرفية وجيزة على الرئيس بازوم، هو دليل على ذلك، زد على ذلك ضعف وعي سياسي جماهيري على خطورة هذه الخطوة من ناحية المحافظة على الشرعية السياسية لنظام الحكم، مما جعل النيجر أمام سيناريوهات متعددة معظمها ذات طابع متشائم للوضع السياسي والأمني والاجتماعي خطير ليس على النيجر وحدها، ولكن متعد وعابر للمنطقة كلها والتي لم تعرف استقرارا خلال العقدين الماضيين”.
وأكد د. زكرياء وهبي، أن “الجزائر سوف تكون من الدول المتضررة في حالة استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في النيجر، خاصة ملف الهجرة غير الشرعية، حيث تزداد أعداد المهاجرين بحكم الحدود مع النيجر المقدّرة بأكثر من 900 كلم، مع مخلّفات ذلك، من تهديدات مختلفة مثل (المخدرات، الإتجار بالبشر، التهريب، انتشار الأسلحة)، خاصة أن جغرافية الساحل الإفريقي مفتوحة على كل التهديدات الأمنية”.
وتابع: “إذا لم تسوى الأزمة في النيجر في أقرب الآجال، يؤدي ذلك إلى زيادة الأعباء على الجزائر من ناحية تأمين الحدود، كذلك تعرقل الجهود التي بذلتها الجزائر في إطار مساعيها لمساعدة دول الساحل الإفريقي في حلحلة أزماتها، خاصة أن هناك رغبة أجنبية والمتمثلة في فرنسا التي تريد التدخّل العسكري في النيجر بموافقة بعض الأطراف الداخلية، وهذا التطور الخطير للأزمة التي سوف تتعقد أكثر وأكثر بتدخل العسكري الفرنسي الذي لن يحل المشكلة، خاصة وأن التجارب السابقة لفرنسا بتدخلاتها، سواء في مالي أو بوركينافاسو لم تجدي نفعا وجعلت المنطقة أكثر فوضى من كل النواحي”.
وأشار أن “دول غرب إفريقيا خلال اجتماع أخير للنظر في الأزمة، فكانت مخرجاتها باستبعاد التدخل العسكري حاليا، لكنه غير ملغى في حالة تأزم الوضع، وهذا ما يؤشر على أن الأزمة سوف تأخذ أبعادا متعددة، سواء داخليا أو إقليميا”.
إنهاك الجزائر
من جانبه، قال الباحث في العلوم السياسية، إن الجزائر أمام وضع جد حرج يمكن تشبيهه لما حدث لنظام القذافي في ليبيا. وأكد في اتصال مع “”، أن مهاجمة النيجر قد تزعزع استقرار المنطقة وبشكل حاد على مدى 10 أو 20 سنة القادمة على الأقل، ناهيك عن ما ستستثمره دول معادية للجزائر، كإسرائيل، الإمارات أو المخزن، من أجل إجهاد الجزائر أمنيا و تأخير النمو الإقتصادي لها.
من جانب آخر، تزداد المخاوف بشأن تراجع قدرات مواجهة الإرهاب في المنطقة، بل ومن تنامي فرص تمدّد الجماعات الإرهابية، وتشتد هذه المخاوف في ظل احتدام الصراع الدولي الذي يمكن أن ترتفع وتيرته بشدة خلال الفترة المقبلة، إذ أن هذا الصراع من شأنه أن يدفع بالبلاد لتنضمّ إلى عداد الدول غير المستقرة، ومن ثم تتحوّل إلى بيئة خصبة لتمدّد الجماعات الإرهابية.
وبالنسبة للدور المحتمل للجزائر في تخفيف حدة الأزمة، قال المحلل السياسي، عدنان محتالي، إن “ما يمكن للجزائر فعله معقّد جدا في ظل تمسّك فرنسا و”الإيكواس” بعودة بازوم إلى الحكم، لكن هدفها في النهاية هو ضمان استقرار المنطقة وعدم اندلاع حرب بين فرنسا والنيجر، وذلك من خلال إيجاد تسوية بين البلدين تضمن فيها فرنسا استمرار مصالحها أو جزء منها على الأقل في النيجر، أو من خلال إقحام دولة أخرى كروسيا في دعم مباشر للنيجر ووجود عسكري على أراضيها يوحي للفرنسيين أنه في حالة أي تدخل عسكري، سيجدون الجندي الروسي، العتاد الروسي والرد العسكري أمامهم”، وختم مؤكدا “أن الوضع جد مضطرب، التحديات كبيرة وكل الحلول المتاحة معقّدة ومكلّفة”.