أمد/ الشقيقة الكبرى مصر المحروسة ترتبط بعلاقة استراتيجية مع الشعب العربي الفلسطيني، ولم تنشأ العلاقة بالأمس مع مشاركة الجيش المصري عشية نكبة العام 1948، ولا بعد المأساة الفلسطينية، انما هي علاقات عميقة عمق التاريخ المشترك، وأمن مصر الوطني التاريخي وحتى يوم الدنيا هذا وغدا والى ما شاء الله مرهون بأمن فلسطين، ولا يمكن الفصل الميكانيكي بينهما، بغض النظر عن هذا النظام أو ذاك هنا أو هناك، فهناك زواج كاثوليكي بينهما بحكم التجاور الجغرافي، والعلاقات الأخوية التي تربط الشعبين الشقيقين ببعضهما البعض. ولا يمكن في هذه العجالة سرد التفاصيل التاريخية المختلفة بين مصر وبلاد الشام عموما وفلسطين خصوصا، حيث قدمت مصر الاف الشهداء من جيشها وشعبها دفاعا عن ففلسطين وشعبها وحقوقه السياسية منذ تبلورت الهوية الوطنية الفلسطينية في العصر الحديث.
المقدمة السريعة هدفت لتأكيد عمق الشراكة والروابط بين القيادتين الفلسطينية والمصرية، وكمدخل للحديث عن دورها في زمن الإبادة الجماعية خلال العامين الماضيين، حيث شكلت مواقف القيادة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي صمام أمان في رفض تمرير المخطط الإسرائيلي الأميركي في التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحديدا الى سيناء المصرية، وحالت دون وقوع كارثة التطهير العرقي الاوسع والأخطر الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية، وشطب فلسطين الدولة من الخارطة الجيوسياسية، ووقفت سدا منيعا في وجه المؤامرة الى جانب الشقيقة المملكة الأردنية والعربية السعودية والدول العربية المختلفة من المحيط الى الخليج. وتمكنت مصر المحروسة بالتعاضد مع الاشقاء العرب والدول الإسلامية ودول العالم الداعمة لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 من وقف التهجير القسري، ووقف الإبادة الجماعية، والعمل سويا مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والدولة برئاسة الرئيس محمود عباس للتنسيق في كافة الخطوات الإيجابية والهامة لتعزيز مكانة فلسطين الدولة، رغم ما حملته خطة الرئيس دونالد ترمب من غموض ومثالب والغام في نقاطها المختلفة، وكرست الحضور الفلسطيني في المنابر العربية والإقليمية والدولية كافة.
وما كان لمؤتمر شرم الشيخ للسلام ان يرى النور بالشاكلة والطريقة التي تم فيها دون المبادرة والجهد المتميز لمصر ونظامها السياسي وشعبها وجيشها العظيم، كما كان للدور المصري بقيادة السيسي أهمية بالغة في دعوة الرئيس عباس للمشاركة في مؤتمر شرم الشيخ للسلام، حيث بذلت جهودا مع الاشقاء العرب والدول الإسلامية والدول الأوروبية الغربية الشريكة في دعم خيار حل الدولتين وخاصة فرنسا التي قادت مع السعودية مؤتمر نيويورك الدولي لدعم خيار الدولتين لتأمين المشاركة الضرورية للقيادة الفلسطينية ممثلة بمشاركة الرئيس عباس، ليس هذا فحسب، بل أن لمصر أدوارا هامة في كافة المراحل المتعلقة بتنفيذ خطة ترمب، وتمكين الدولة وحكومتها الفلسطينية من تولي مهامها في إعادة سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، كونها صاحبة الولاية السياسية والقانونية والإدارية عليه وعلى أراضي الدولة الفلسطينية كافة، وربط غزة بالضفة الغربية بما فيها القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، بعد تسليم حركة حماس أسلحتها لأجهزة الامن الفلسطينية او لمصر الشقيقة، وخروجها من المشهد السياسي، وعودة الشرطة الفلسطينية مع اللجنة الإدارية الفلسطينية التي تم التوافق عليها بين القيادتين المصرية والفلسطينية وخطة إعادة الاعمار لما دمرته الحرب الوحشية الإسرائيلية على القطاع، وتقديم واستقبال المساعدات الإنسانية كافة من الدول المختلفة وإدخالها للقطاع، رغم العقبات وحصار الحكومة الاسرائيلية المتعمد لفترات طويلة من وصولها لمستحقيها من أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، التي خلفت المجاعة القاتلة لأطفال ونساء وشيوخ في القطاع.
كما انها ستلعب دورا مهما في فتح حوار وطني بين قيادة منظمة التحرير والقوى الفلسطينية كافة، استمرارا لدورها في رعاية العديد من المبادرات بهذا الشأن لترميم الجسور بين الكل الفلسطيني، وعودة اللحمة بينهم على أساس المبدأ الناظم والاساس: شعب فلسطيني واحد، ونظام سياسي واحد، وقانون واحد وسلاح واحد. لا سيما وأنها تملك أوراق بالغة الأهمية في دعم المنظمة والدولة الفلسطينية وحكومتها، والدفع بقوة مع الاشقاء العرب والدول الإسلامية ودول العالم ومنظمة الأمم المتحدة بتعزيز خيار السلام وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على حدودها التي كرستها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية 2002، وإلزام إسرائيل الاستعمارية من الانسحاب الكامل من أراضيها المحتلة في اعقاب هزيمة حزيران / يونيو 1967. وبالتالي كان ومازال لمصر الشقيقة الكبرى دور ريادي ورائد في تحقيق الأهداف الوطنية المعروفة. وهذا التأكيد عرفانا بأهمية مكانة مصر في التاريخ المعاصر والمستقبلي في استقلال الدولة الفلسطينية، كما لا يمكن تجاهل الأدوار العربية عموما وخاصة العربية السعودية في تحقيق تلك الأهداف، لأنها ليست مصلحة فلسطينية فقط، انما هي مصلحة للأمن القومي العربي وبناء جسور السلام في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط عموما.