اخر الاخبار

دلالة رفع الحصانة عن الاونروا

أمد/ عشية بدء جلسات استماع محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، أمس الاثنين 28 نيسان / ابريل الحالي للرأي الاستشاري العلني بخصوص التزامات إسرائيل تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها الأممية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي خطوة غير مفاجأة واستباقية شاءت وزارة العدل الأميركية ومن خلفها الإدارة الأميركية الرد المبدئي على جلسات المحكمة الدولية، كونها تعي جيدا مآل الرأي الاستشاري الذي سيصدر عنها. لا سيما وان الغالبية الساحقة من ال44 دولة ومنظمة إقليمية ودولية يرفض ويدين السياسات الإسرائيلية، ويطالب إسرائيل الالتزام بقوانين وقرارات ومعاهدات وميثاق الأمم والتعاون مع منظماتها ووكالاتها الأممية المختلفة، باعتبارها عضوا في الأمم المتحدة، والرأي الاستشاري بالضرورة يلزم الولايات المتحدة الأميركية بذات الرأي تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”.

وكانت وزارة العدل الأميركية يوم السبت الماضي 26 نيسان / ابريل الحالي رفعت رسالة للمحكمة الاتحادية في نيويورك، تضمنت سحب الحصانة عن “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “اونروا”، باعتبارها لم تعد تتمتع بالحصانة القضائية التي كانت تحملها سابقا. وهذه الخطوة النوعية في مسار تضييق الحناق ومحاصرة “الاونروا” بهدف تبديد مكانتها القانونية، وتصفية دورها الاممي المتميز في حماية حقوق ومصالح اللاجئين الفلسطينيين في الوطن والشتات، الذين يزيد عددهم عن 7 ملايين انسان في القيام بمهامها الموكلة لها في المسائل التربوية التعليمية والصحية والتشغيلية الخدماتية الانسانية. التي تأسست في اعقاب النكبة الكبرى سنة 1948، وبعد اصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الاممي 302 (الدورة الرابعة) في 8 كانون اول / ديسمبر 1949، وتم تفويضها في تقديم “برامج الإغاثة المباشرة، وبرامج تشغيل اللاجئين الفلسطينيين من أجل تلافي المجاعة والبؤس، ودعم السلام والاستقرار.” وحلت محل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين التي أنشئت في سنة 1948.

ولا أضيف جديدا لذاكرة الفلسطيني والعربي والانسان الاممي، عندما أؤكد، ان وكالة “الاونروا” كانت ومازالت الشاهد على نكبة الشعب العربي الفلسطيني، فضلا عن أنها، هي المؤسسة الاقدر على إدارة ملف اللاجئين الفلسطينيين، كونها تمتلك الوثائق والاحصائيات الدقيقة والقدرة العالية على القيام بمهامها في مجالات الحياة المختلفة الموكلة لها في خدمة اللاجئين. ومن البديهي القول، ان مهمتها تنتهي مع انتهاء ملف اللاجئين وعودتهم لديارهم التي طردوا منها سنتي 1948 و1967، والان في ظل الإبادة الجماعية، حيث تعمل دولة إسرائيل اللقيطة ومعها الإدارة الأميركية على فرض التهجير القسري على أبناء الشعب الفلسطيني، بعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، والذي لم ينجح حتى الان تماما، ويحاولون تسويقه تحت عناوين “التهجير الطوعي”، أو استقبال الجرحى وعائلاتهم من قبل بعض الدول المتواطئة مع مشروع التهجير القسري، وعنوان أخر، حملة الجنسيات الأجنبية، وبعض أبناء الشعب يصدرون لهم جوازات سفر اجنبية لتسهيل تهجيرهم القسري، وغيرها من الالاعيب المفضوحة.

وردا على قرار وزارة العدل الأميركية، صرح المستشار الإعلامي لوكالة لأمم المتحدة “الاونروا”، عدنان أبو حسنة قائلا: إن “الأمم المتحدة ستتخذ العديد من الإجراءات خلال الفترة المقبلة ردا على قيام الإدارة الأميركية برفع الحصانة القضائية عن الوكالة الأممية، وستكون هناك تحركات في هذا الصدد على كافة الصعد والمستويات وفي مختلف الأطر والمؤسسات.” وتابع في تصريحات خاصة ل”عربي 21″: “هذه القضية تنظر الان امام المحاكم الأميركية، ووزارة العدل قدمت رأيها، والأمم المتحدة تدرس القضية وسترد على تلك الادعاءات.” وأضاف “الاونروا جزء أصيل من الأمم المتحدة، وليس بإمكان دولة أو جهة معينة أن تقول بشكل مفاجئ: “هذه منظمة لا تتبع الأمم المتحدة، وترفع الحصانة عنها.” لآنها منظمة تتمتع بحصانة الأمم المتحدة، ويحظر مقاضاتها.” تحت أي اعتبار. وأردف قائلا: “الاونروا لم تحصل على تفويضها من إسرائيل، أو من أي دولة، وانما فوضتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن أراد التعديل يمكنه التصويت على ذلك خلال شهر كانون أول / ديسمبر المقبل.” ورفض أبو حسنة الاتهام لوكالة “الاونروا” بانها قدمت دعما لحركة حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، واكد ان الوكالة منظمة أممية ملتزمة بقوانين وقيم ومواثيق هيئة الأمم المتحدة، وبالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.

باختصار حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني تشمل وجوده وتاريخه وموروثه الحضاري وهويته الوطنية وكيانيته ومشروعه الوطني وممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، وتهجير قسري لمن يبقى، او يتم تطويعه ليكون عبدا في خدمة اجنداتهم الاستعمارية، وفي السياق تصفية تامة لملف اللاجئين وكل ما يتعلق به امميا، وشطب وإلغاء القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي تزيد عن الالف قرار اممي. ولكن رغم ميل ميزان القوى لصالح الأعداء الإسرائيليين والأميركيين ومن يدور في فلكهم من عرب وعجم، لن ينجحوا في تحقيق مآربهم، والزمن كفيل بالإجابة عن أسئلة التحدي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *