اخر الاخبار

دروز سوريا: هل هم “مسمار جحا” بالنسبة لإسرائيل؟!

أمد/ في خضم التعقيدات السياسية والعسكرية التي تعصف بسوريا منذ سنوات، يبرز اسم الطائفة الدرزية من وقت إلى آخر، لا بصفتها طرفًا فاعلًا في النزاع، بل كعامل دائم الحضور في حسابات إقليمية، أبرزها الحسابات الإسرائيلية. والسؤال الذي يُطرح بإلحاح اليوم: هل بات دروز سوريا “مسمار جحا” الذي تستخدمه إسرائيل متى شاءت لتبرير تدخلها أو فرض حضورها؟

الطائفة الدرزية في سوريا، التي يتركز وجودها أساسًا في محافظة السويداء جنوب البلاد، لطالما اتبعت سياسة الانكفاء والحياد النسبي عن مجريات الحرب، وركّزت على حماية مناطقها من الانهيار الأمني والفوضى. ومع ذلك، فإن موقع السويداء الجغرافي، المتاخم للجولان المحتل، جعل من الدروز ورقة جيوسياسية لا تغيب عن طاولة القرار في تل أبيب.

إسرائيل والدروز: علاقة قديمة بأهداف متجددة

لا تخفي إسرائيل اهتمامها التاريخي بالطائفة الدرزية، سواء داخل فلسطين المحتلة أو في محيطها الإقليمي. فدروز الجولان المحتل جزء من هذه المعادلة، وتشكل العلاقة المعقدة بين دروز الداخل وإسرائيل أحد مداخل تل أبيب للحديث عن “حماية الدروز”، خاصة عندما يتعلق الأمر بسوريا.

وفي أكثر من مناسبة، عبّر مسؤولون إسرائيليون عن “القلق على الدروز في سوريا”، معتبرين أنهم “خط أحمر” قد يدفع إسرائيل إلى التحرك، سياسيًا أو حتى عسكريًا. ويبدو أن تل أبيب تحرص على إبقاء هذا الباب مفتوحًا، ليكون بمثابة الذريعة الجاهزة لأي تدخل تحت عنوان “الحماية الإنسانية”، في منطقة ذات حساسية قصوى.

مسمار جحا في السياسة الإسرائيلية؟

يشبه مراقبون هذا الطرح بما يُعرف بـ”مسمار جحا” في الموروث الشعبي: أي الذريعة التي تُبقي الباب مواربًا للعودة والتدخل متى ما اقتضت الحاجة. فكما استخدمت إسرائيل في السابق ورقة الدروز في لبنان والجولان، ها هي تبقي دروز سوريا ورقة احتياط استراتيجية، قد تُستخدم في لحظة سياسية فاصلة، لتبرير تدخل أو رسم حدود نفوذ أو حتى فرض واقع جديد جنوب سوريا.

ومع تصاعد الحديث عن سيناريوهات التقسيم أو الفيدرالية في سوريا، تصبح السويداء نقطة ارتكاز محتملة لأي تحرك يرمي إلى إقامة منطقة عازلة أو حكم ذاتي، قد يُسوّق تحت عنوان “حماية الأقليات”، وهو ما يخدم، في نهاية المطاف، الرؤية الإسرائيلية لأمن حدودها الشمالية.

الدروز: بين فخ التوظيف وحلم الاستقرار

لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن دروز سوريا، وعلى رأسهم مشايخ العقل ووجهاء المجتمع، رفضوا باستمرار الانجرار إلى مشاريع مشبوهة، وأكدوا مرارًا على وحدة الأرض السورية، ورفض أي تدخل أجنبي في شؤونهم. وهم اليوم في موقف لا يُحسدون عليه، بين محاولات التوظيف الخارجي، وأزمات داخلية متراكمة تهدد نسيجهم المجتمعي والاقتصادي.

ختاما :

في لعبة الأمم الكبرى، تبدو الأقليات دومًا هدفًا سهلاً للتوظيف، ودروز سوريا ليسوا استثناء. فهل يكونون في لحظة ما ذريعة إسرائيل الجديدة؟ أم أن وعيهم التاريخي سيفشل هذا المخطط كما أفشل غيره من قبل؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *