دروز سوريا في وجه مؤامرة التقسيم

أمد/ دروز سوريا أحفاد سلطان باشا الأطرش وكمال جنبلاط يقفون اليوم في وجه مخطط التقسيم وانفصال دروز سوريا عن الدولة الأم سوريا وذلك في أعقاب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ، التي أبدى خلالها رفضه أي مساس بالطائفة الدرزية في جرمانا ، وقد أثير تساؤل حول الدور الذي تلعبه إسرائيل في الشأن الداخلي السوري.
ويرى خبراء ومحللون في هذه التصريحات ، محاولة لفرض أجندة سياسية تهدف إلى تقويض استقرار الجنوب السوري وتعزيز الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة وفي هذا السياق يبرز الحديث عن خيارات ألدوله السورية والحكومة الانتقالية للرد على هذه التدخلات التي جل ما تهدف إليه تقسيم سوريا إلى خمس كيانات وهو حلم إسرائيلي قديم متجدد
قبل نحو 60 عاماً، دغدغ الإسرائيليّين حلمُ دعم انفصال الدّروز عن الدّولة السوريّة، وعملوا بجهد على إعادة إحياء دولة جبل العرب (التي كانت تضم منطقة جبل العرب والقرى المحيطة بها وأجزاء من إمارة شرق الأردن)، كأوّل دولة درزيّة أقيمت عام 1921 ولم تصمد أكثر من 15 عاماً. وبعد حرب 1967، بذل الصهاينة قصارى جهودهم لدفع الدّروز إلى التمرّد على الدولة السورية، لأنّ «تمرداً كهذا سيُشكّل طعنة في ظهر الوحدة العربية التي تحاربنا بسكين سام»، على حد تعبير وزير العمل الإسرائيلي في حينه يغال ألون في رسالةٍ رسميّة كشف عنها أخيراً إلى رئيس الوزراء آنذاك ليفي إشكول.
واثر سقوط نظام بشار الأسد واعتلاء هيئة تحرير الشام سدة الحكم في سوريا عادت إسرائيل لتنفيذ حلمها ومخططها لفصل دروز سوريا عن الوطن الام وإعادة محاولة إحياء دولة جبل العرب ، حيث تتمدد أذرع إسرائيل في السويداء. وتسعى حكومة نتنياهو إلى تحويل الدروز إلى سلاح في معارك النفوذ الجارية بين إسرائيل من جهة وتركيا من جهة أخرى، علماً أن الاحتلال الإسرائيلي الذي توغّلت قواته داخل الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد ، باشر فوراً في ” مشروع العلاقات الاجتماعية ” مع عدد من عائلات الجنوب السوري، لكنّ تركيزه كان على الوسط الدرزي في قرى القنيطرة إلى جانب السويداء.
إسرائيل تريد استغلال الفوضى الحالية لدفع سياساتها الخاصة، خاصة في ظل انشغال الحكومة السورية بالوضع الداخلي، وغياب حلول سياسية فعالة قد تضمن الحفاظ على السيادة الوطنية وهناك من الخيارات المتاحة أمام الحكومة السورية في هذه المرحلة، وتتطلب معالجة دقيقة وشاملة للواقع السياسي والأمني، وأن على الحكومة السورية أن تعمل على تعزيز التواصل مع الطائفة الدرزية في السويداء، بحيث تضمن دعمها وتجنب أي تأثيرات خارجية تسعى لزعزعة الاستقرار الداخلي ، ومن المهم أن تقوم الحكومة الانتقالية السورية على المستوى الدبلوماسي بتعزيز علاقاتها مع القوى الدولية المعنية بالملف السوري، بهدف الضغط على إسرائيل للالتزام بالقرارات الدولية التي تؤكد سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وهنا تستذكرنا كلمات فارس خوري “إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وكمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله” ، بعد هذه الكلمات التي ألقاها فارس الخوري من على منبر الجامع الأموي بدمشق، أقبل عليه المصلون وحملوه على الأكتاف، في مظاهرةٍ طافت أحياء العاصمة السورية، وشارك فيها المسيحيون وهم يهتفون: “لا إله إلا الله”.
على خُطى فارس الخوري وتاريخ سلطان باشا الاطرش ورفض تقسيم سوريا .. رد بديهي متوقع من دروز السويداء على نتنياهو الذي حاول استمالتهم بالوصاية والانفصال عن سوريا ..
دعت القوى والتيارات المدنية في مدينة جرمانا لوقفة احتجاجية شعبية، تم تنفيذها في ساحة السيوف (ساحة الشهداء)، وتأتي هذه الوقفة، صوناً للأرض، ووحدة الوطن السوري، وانتصاراً لدماء أبطال استقلال سوريا، ورفضاً لكل التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اليومين الماضيين، كذلك تؤكد على الرفض لوجود أي مجلس عسكري خارج عن الدولة، ولكل أشكال ومشاريع الانفصال والتقسيم، من الداخل والخارج.
ولا شك أن الشعب السوري الذي يمتلك الكثير من الوعي والقدرة على مواجهة مختلف التحديات والضغوطات، وما هذه الوقفات الاحتجاجية إلا تنديد لأي تصريح يدعو للتقسيم أو الحماية، كما أنها تعبّر عن الإدراك لخطورة المرحلة، ونابعة من إيمان حماية سوريا ووحدة سوريا وضرورة تواصل كل المكونات الأخرى في الوطن الواحد، لأن تاريخ السوريين ثابت، فمنذ الثورة ضد الانتداب الفرنسي، تم رفض التقسيم، وفشل المشروع، فلا خطر ولا خوف على سوريا طالما به رجال تحمي وتصون الأرض والعرض، وتؤمن بالوحدة الوطنية وبالسيادة الوطنية، التي تنضوي تحت لواء الوطن، والمرجعية دائماً للوطن والقانون والدستور، ومع وحدة الأراضي على كامل الجغرافية.