درجات الحرارة.. ماذا يخبئ لنا هذا الصيف؟
يبدو أن صيف عام 2024 سيكون بمثابة تحديا مناخيا حقيقيا. مع درجات حرارة أعلى بكثير من المتوسطات الموسمية، ونسبة رطوبة قياسية وهطول أمطار غزيرة. وتشمل المناطق المتضررة بشكل خاص أفريقيا وأستراليا وإندونيسيا وجنوب آسيا (بما في ذلك الصين والهند)، الشرق الأوسط وجنوب الولايات المتحدة وجزء كبير من أمريكا الجنوبية.
ورغم أن تنبؤات “كوبرنيكوس” كانت مبنية على نماذج طويلة الأمد، فقد أثبتت موثوقيتها على مر السنين. ومع ذلك، ينبغي النظر إليها بحذر، نظرا لعدم اليقين المتأصل في التنبؤات الجوية. و”كوبرنيكوس” هو برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي.يهتم بكوكبنا وبيئته لصالح الجميع. ويقدم خدمات معلوماتية تعتمد على رصد الأرض عبر الأقمار الصناعية والبيانات الموقعية (غير الفضائية).
ماذا يخبئ لنا صيف 2024 من حيث درجات الحرارة؟ خاصة عندما نعلم أن عام 2023 هو العام الأكثر سخونة المسجل في العالم منذ بدء تسجيل الطقس، ولكن يبدو أن عام 2024 سيسجل رقما قياسيا جديدا. فلقد أصدرت منظمة مراقبة المناخ “”كوبرنيكوس” نظرة عامة على الصيف في جميع أنحاء العالم.
وتظهر الخريطة العالمية شذوذ درجات الحرارة المتوقعة في شهري جويلية وأوت وسبتمبر، أي ابتعاد كل دولة ومنطقة عن متوسط درجات الحرارة الخاصة بها خلال الفترة 19932016. و تبين أن أكثر من نصف العالم “في المنطقة الحمراء”: في جميع هذه المناطق، يتراوح احتمال التعرض لصيف حار بشكل غير طبيعي بين 70 و100%! ويكاد يكون من المؤكد أن أفريقيا وأستراليا وإندونيسيا وجنوب آسيا (الصين والهند) والشرق الأوسط وجنوب الولايات المتحدة وجزء كبير من أمريكا الجنوبية سوف تشهد ارتفاعا حقيقيافي درجة الحرارة.
لم تسلم الجزائر مثل العديد من البلدان الأفريقية، من عواقب الطقس القاسية أو غيرالموسمية .وتتميزالمنطقة بمناخها الجاف وشبه الجاف، وهي معرضة بشدة لتغير المناخ. على مدى السنوات الخمسين الماضية، لوحظت زيادة في الظواهر الجوية “المتطرفة” كحدوث مراحل متزايدةللجفاف، وموجات حر أكثر شراسة، و تزايد العواصف الرملية. ويقدر العلماء أن هطول الأمطار سينخفض بنحو 20 بالمئة في السنوات المقبلة.
كان صيف 2023 حارا للغاية في الجزائر. في الواقع، منذ بداية شهر جويلية من العام الماضي، حطم الزئبق الأرقام القياسية. فسجلت الأرصاد الجوية الجزائرية درجات حرارة مرتفعة للغاية تجاوزت 48 درجة مئوية في عدة ولايات.
ووفقا لتقارير مراقبي المناخ، فإن صيف 2024 سيكون حارا نسبيا وبنفس درجة حرارة صيف العام الماضي، وقال مراقبو المناخ في الاتحاد الأوروبي إن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث تواصل الزيادة في درجة حرارة سطح الأرض الوصول إلى العتبة الحرجة 1.5 درجة مئوية.
وتبدو هذه التوقعات بالحرارة الشديدة أكثر وضوحا في حوض البحر الأبيض المتوسط. وفي هذه المنطقة، يرتفع احتمال أن يكون الجو أكثر حرا إلى 70%، مقارنة بـ 20% لدرجات حرارة ثابتة و10% أكثر برودة.الجزائر، التي هي جزء من هذا الحوض والتي تقع جنوب البحر الأبيض المتوسط، من المرجح أن تشهد حرارة شديدة هذا الصيف.
و من جهتها، أصدرت الوكالة الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) التوجهات المناخية التي لا تترك أي مجال للشك بشأن ارتفاع درجات الحرارة هذا العام. وبالتالي، هناك احتمال بنسبة تزيد على 30% أن يكون العام الحالي أكثر حرا من العام السابق، واحتمال 100% تقريبا أن يكون عام 2024 من بين السنوات الخمس الأكثر سخونة في التاريخ كله.
وحسب توقعات المنظمة العالمية للأرصاد الجويةسيشهد صيف 2024 ارتفاعا في درجات الحرارة ، لكن درجة الحرارة المتوقعة في صيف 2024 ستكون أقل مقارنة بمستويات الحرارة القياسية في صيف 2023 في الجزائر والعديد من دول العالم، والفترة من ماي إلى نهاية شهر جوان ستشهد اعتدالا في درجات الحرارة ومن المتوقع أن تصل إلى مستويات كبيرة اعتبارا من الأسبوع الأخير من شهر جوانالمقبل.
في مواجهة هذه الظروف الجوية القاسية، يعد الاستعداد أمرا ضروريا. وسيتعين على السلطات والمواطنين التكيف مع هذه الحقائق المناخية الجديدة. وفيما يتعلق بالصحة العامة، تتطلب موجات الحر خططا وقائية لحماية الفئات السكانية الضعيفة مثل كبار السن والأطفال. كما سيتعين على المزارعين تكييف محاصيلهم مع ظروف الجفاف الجديدة أو هطول الأمطار الغزيرة. وسيحتاج مسيرو المياه والكهرباء أيضا إلى الاستعداد للتغيرات الكبيرة في مستويات المياه و الطلب المتزايد على طاقة الكهرباء بسبب الإستغلال المفرط لمكيفات الهواء. و يجب أن لا ننسى تشديد الرقابة على الغابات للوقاية من حدوث حرائق كالتي عاشتها الجزائر في السنوات الأخيرة.