اخر الاخبار

دراسة: خمسة تحديات تنتظر السوريين

 شخّصت دراسة تحليلية أعدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، التحديات التي تعترض المرحلة الانتقالية في سوريا، بعد سقوط نظام عائلة الأسد.

وذكرت الورقة البحثية أن الحكومة الجديدة، برئاسة محمد البشير، التي تشكلت لإدارة البلاد في مرحلة انتقالية تمتد حتى الأول من مارس 2025، تواجه “تحدي الحكم والنظام السياسي، وآخر أمني واقتصادي، وأيضا تحديات تتعلق بالكيان الصهيوني وتحدي بناء العلاقات مع المحيط والاعتراف الدولي ورفع العقوبات”.

ويرى معدو الدراسة أنه على الرغم من “عدم وقوع انتهاكات على نطاق واسع، مقارنة بتجارب دول أخرى، إلا أن ثمة حاجة إلى فرض الأمن وضبط الفوضى واستعادة النظام العام”، مشيرين إلى تصرف المجتمع السوري بـ”مسؤولية، وتمكن فصائل المعارضة سريعا من السيطرة واستعادة الهدوء”. وفي هذه الحالة، يضيف هؤلاء، “يتعين في المدى المنظور “بناء أجهزة أمنية على أسس جديدة، جوهرها الصالح العام، واحترام حقوق الإنسان، وحماية المجتمع، وصيانة الحقوق الفردية، وحق الملكية، وتحقيق العدالة”، منبهين إلى ضرورة “منع تعدد السلطات، وسحب السلاح الذي ينتشر على نطاق واسع في المجتمع نتيجة سنوات الصراع الطويلة”، إضافة إلى “استدعاء الجيش إلى قواعده للخدمة وتغيير قيادته، وعدم ارتكاب خطأ حل الجيش الذي اقترفه معمر القذافي في ليبيا وسلطات الاحتلال في العراق”.

ومن بين الجماعات المسلحة البارزة في هذا الإطار، عددت الدراسة، قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، و”جيش سوريا الحرة” الذي يدعمه الأمريكيون في منطقة التنف، وفصائل الجنوب التي يقودها أحمد العودة، وفصائل الجيش الوطني التي تدعمها تركيا في الشمال. كل ذلك، في نظر هؤلاء، من أجل كسب تحد آخر يتمثل في “استعادة الدولة سيادتها على أراضيها كاملة”، والتحكم في “التهديدات التي تمثلها الفصائل الجهادية والتعامل معها، بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، بالإضافة إلى ضرورة “تحييد أي تهديدات يمكن أن تمثلها قوى النظام السابق وفلوله”، و”وضع أسس لنظام عدالة انتقالية، وسن قانون ينظم عملية محاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم، وتعويض المتضررين بما يسمح به اقتصاد الدولة السورية”.

وبشأن تحدي الحكم والنظام السياسي، حسب أحد محاور الدراسة، فإن قيادة العمليات المسلحة، في هذين الأسبوعين الحاسمين من تاريخ سوريا، تعاملت بـ”مسؤولية مشهود لها”. وعن طريق “براغماتية سياسية يمكن أن تشكل دافعا مهما للتغيّر والتطور”، لكن تبرز، وفق أصحاب الوثيقة “الحاجة إلى توفير إجماع سياسي، تشارك فيه مختلف القوى، على إدارة المرحلة الانتقالية وشكلها، ليس منعا لأي فراغ في السلطة فحسب، بل أيضا لتجنيب سوريا وشعبها عودة أي نوع من الاستبداد”. والدولة السورية حاليا، بحسب المصدر نفسه، في أمس الحاجة إلى نظام يلتف حوله الشعب السوري، ما يستدعي “إشراك الجميع في مشاورات تشكيل الحكومة”، انطلاقا من أن سوريا دولة متعددة التوجهات السياسية، ومتنوعة الجماعات والانتماءات الدينية والإثنية، التي يفترض أن تُؤطَّر في المواطنة السورية. وينبغي لهذه الحكومة أيضا، بعد تشكيلها، في تصور أصحاب الدراسة، أن تضع “برنامجا متكاملا للمرحلة الانتقالية، يتضمن تشكيل جمعية تأسيسية، مهمتها وضع دستور للبلاد خلال فترة زمنية محددة، تجري على أساسه انتخابات بحسب نوع النظام السياسي الذي يتم الاتفاق عليه”.

وعلى صعيد اقتصادي، ترى الدراسة أنه يتعين “استنفار كل الطاقات لمواجهة اقتصاد منهار يعيش فيه نحو 90 في المائة من السوريين تحت خط الفقر الأدنى، في حين تصل نسبة الدمار في المساكن والممتلكات العامة إلى نحو 27 في المئة”. إلى جانب “الافتقار إلى أبسط مقومات الحياة اليومية، وصولا إلى توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار الذي تقدره جهات دولية عديدة بمئات مليارات الدولارات”.

ولكسب ثقة الناس في المرحلة الانتقالية، هناك تحدي، وفق أصحاب الورقة البحثية “إحداث تغيير واضح في حياة الناس، يستطيعون تلمسه سريعا في يومياتهم”، فضلا عن “تشجيع الشركات ورؤوس الأموال الوطنية التي غادرت سوريا على العودة التدريجية”، و”تقديم التسهيلات للمبادرين السوريين للعودة والعمل في وطنهم”، والتحدي “الإسرائيلي”، مرتبط بقيام هذا الكيان بعمليات عسكرية عقب انهيار نظام الأسد لتدمير البنية التحتية للجيش السوري، وتحويل سوريا إلى دولة منزوعة السلاح، وحرمان الجيش السوري المستقبلي من القدرة على إعادة التنظيم بوصفه قوة مركزية، واستعادة أراضيه المحتلة أو ردع إسرائيل عن الاعتداء عليها. وبالتالي، “تصبح أي حكومة سورية مقبلة مكبلة بشروط جيوسياسية وأمنية، تجعلها غير قادرة على الاضطلاع بدور فاعل في مواجهة التحديات الإقليمية، ما يساهم في إعادة رسم معادلات القوة الإقليمية لصالح إسرائيل وحلفائها”، تضيف الدراسة.

كما يعترض القيادة الجديدة تحدي رفع التجميد على الأصول المالية، ورفع القيود على التجارة، خاصة في قطاع النفط، ورفع العقوبات على البنك المركزي السوري. وتتعاظم المخاوف أيضا من احتمالات “الاصطدام بمعضلة تصنيف أبرز فصائل إدارة العمليات العسكرية، ممثلة في هيئة تحرير الشام، منظمات إرهابية ضمن لوائح الأمم المتحدة، الذي قد يعرقل الاعتراف بحكومة محمد البشير بوصفها شريكا سياسيا في المجتمع الدولي ويقوّض قدرتها على تحقيق تعاون اقتصادي ودبلوماسي”.

كما أثار معدو الدراسة ما وصفوه بالخلفية السلفية الجهادية للحكومة، وقالوا إنها تحد أيضا، كونها “تثير مخاوف لدى العديد من هذه الدول التي تخشى من أن تنعكس التجربة السورية على أوضاعها الداخلية”. ومع ذلك، يضيف هؤلاء “هناك ارتياح بعض الدول الخليجية لفك ارتباط سوريا بالمحور الإيراني”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *