خطوة أولى نحو إصلاح منظومة كرة القدم
على خلاف مخرجات اجتماعات المكتب الفدرالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم في وقت سابق، وربما منذ تأسيسه، حملت “ضربة انطلاقة” الرئيس الجديد تشخيصا صحيحا وحلولا حقيقية لمعالجة داء الكرة الجزائرية التي ظلت، على اختلاف رؤساء الاتحادية، ولو بدرجات متفاوتة، رهينة قرارات تواجدت على الدوام في “موضع تسلل”.
المتأمل لمخرجات أول اجتماع للمكتب الفدرالي برئاسة الرئيس الجديد لـ”الفاف”، وليد صادي، يلمس حتما الفرق في “جوهر” القرارات التي جاءت لتشمل، على الأقل، أغلب “القضايا الكبيرة” المطروحة للنقاش منذ “الأزل”، رافقتها “قرارات عملية” صبّت في “صميم الموضوع” لإيجاد حلول عملية وحقيقية، سواء تعلق الأمر بديون الأندية تجاه اللاعبين أو بطريقة معالجة المنازعات أو حتى الآفات التي تنخر جسد الساحرة المستديرة أو غيرها من المسائل التي تسبب تغييب الإرادة لمعالجتها والقضاء عليها نهائيا بما يضمن تطور ممارسة الكرة.
وحمل بيان المكتب الفدرالي، على غير العادة، جانبا كبيرا من الشفافية فيما يخص “الكوادر” التي سيرتكز عليها عمل “المنتخَبين”، من خلال نشر “قائمة اسمية” تبرز هوية الكفاءات المقرر الاعتماد عليها في إدارة الاتحادية، بهدف ضمان نجاح البرنامج المسطر والرؤية الجديدة لطريقة تسيير الاتحادية، التي قدّر فيها الرئيس الجديد ضرورة إحداث القطيعة مع نمط تسيير بطولة الاحتراف، وهو ما يبرزه بوضوح إعلان معاقبة رابطة كرة القدم المحترفة وتحييد رئيسها عبد الكريم مدوار وإسناد تسيير المنافسة، مؤقتا، إلى لجنة من “الفاف”، وهو قرار صنع الحدث على نطاق واسع.
وإذا كانت البرمجة العشوائية من أبرز الأسباب التي “أسقطت” ورقة مدوار من أجندة الرئيس الجديد لـ”الفاف”، فإن سبُل تمويل بطولة الاحتراف وترويض الأندية الرافضة لإحداث القطيعة مع الديون وإعادة النظر في قانون اللاعب والنادي على حدّ سواء توجد في قلب نظرة المكتب الفدرالي الجديد، وهي حقائق تم “تغييبها قسرا” من طرف من سبق “الفريق الجديد” في التسيير، حتى بلغت “الفاف” مع مرور المواسم أدنى درجات الهواة على جميع المستويات.
وبعيدا عن سياسة تلميع الواجهة، جاء المكتب الفدرالي الجديد بسياسة واضحة المعالم ترتكز أساسا على رفض التسليم بالأمر الواقع فيما يتعلق بـ”الكوادر” التي تم اختيارها من المسؤولين السابقين للاتحادية، حتى أن وليد صادي فضّل قطع الشك باليقين من أول اجتماع حين جعل منه اجتماعا موسعا شمل مسؤولي الرابطات والمديريات والإدارة، ليتخذ، على ضوء النقاش والتقارير المنجزة، قرارا بالتخلي عن العديد منهم، على غرار المدير الفني الوطني مصطفى بسكري ومساعده زهير جلول والأمين العام منير دبيشي ومساعده عبد الحليم جندوبي، إلى جانب إحداث تغييرات على مناصب أخرى، على غرار قسم الإعلام على مستوى “الفاف”.
ما كان الإعلام ينادي به لسنوات وتلك الحلول التي كان يقدمها للمسؤولين السابقين على مستوى الاتحادية وتم تجاهلها مع سبق الإصرار والترصد، رصدها المكتب الفدرالي الجديد من أول خطوة نحو التغيير وقدّمها للرأي العام بعد أول اجتماع لتكون فعلا حلولا عملية وحقيقية لمرض الكرة الجزائرية التي تحتاج إلى بُعد النظر والإرادة والشجاعة وإلى القرارات والكفاءات لتخليصها من قبضة الانتهازيين والمنتفعين منها منذ سنوات.