أمد/ لقد حضر المبعوث الامريكي إلى “إسرائيل” على عجل وذلك بعد تفاقم الازمة الإنسانية والتي وصلت إلى ما بعد الكارثة في قطاع “غزة”، وفي محاولة منه لتطويق الغضب العالمي والإقليمي ضد دولة “نتنياهو”، ويبدو ان الرئيس “ترامب” و “نتنياهو” أصبحا في قارب واحد ويجدفون عكس التيار الدولي، كما ويبدو ان الرئيس “ترامب” ربط مصير خطته للشرق الاوسط بمندوبه السامي “نتنياهو”، حيث يحاولان تحقيق واقع جيوسياسي وديمغرافي يختلف جوهريا عما كان عليه قبل السابع من تشرين/اكتوبر
المبعوث “ويتكوف” حضر في مهمة إنقاذ لِ “نتنياهو”، وتقديم تقرير للرئيس “ترامب” ووفقا للمتوقع بعدم وجود مجاعة في غزة اولا، والاشادة بالمؤسسة الأمريكية ـ الإسرائيلية المسماة “مؤسسة غزة الإنسانية” وذلك لتبرير الدعم المالي المقدم لها من أموال ضرائب المواطن الامريكي أمام “الكونغرس” وحركة “MAGA”، ثانيا
أما ثالثا وهو الأهم، مناقشة خطة جديدة تهدف لتجديد شرعية حرب الإبادة على “غزة”، عبر إتهام حركة “حماس” بأنها هي من تعطل وقف الحرب بشكل نهائي، وخاصة ان خطط “نتنياهو” بمسمى صفقات جزئية فشلت فشلا ذريعا وفق النظرة الأمريكية
خطة “ويتكوف” تتمحور حول نزع سلاح المقاومة “حماس” مقابل إنهاء الحرب، صفقة تبادل شاملة لكل الأسرى، لجنة أممية برئاسة الولايات المتحدة لإدارة قطاع غزة
هذه الخطة تعني إستمرار الحرب اذا لم تستسلم “حماس”، فمعنى تسليم السلاح هو الإستسلام، وهنا يعتقد المبعوث “ويتكوف” أن لدى “إسرائيل” المبرر لإستمرار عملية التطهير العرقي والإبادة
ولو فرضنا ان “حماس” وافقت “هي لن توافق” على نزع سلاحها، فهذا يعني تبادل اسرى وفق رؤيا إسرائيلية، بحيث هي من تحدد عدد الاسرى ونوعيتهم، اي تحدد مفاتيح تبادل الاسرى، لكن الاخطر من ذلك هي مسمى “اللجنة الأممية بقيادة الولايات المتحدة” لإدارة غزة بعد وقف الحرب، أي بدء عملية ما أسموه “الهجرة الطوعية” برعاية ودعم امريكي
يعلم “ويتكوف” ان خطته مرفوضه، ويعلم ايضا ذلك رئيسه “ترامب”، لكن كان يجب إقناع “نتنياهو” بها اولا قبل تسريب بنودها، لأنه اصلا لا يريد إنهاء الحرب، ورغم ان خطة “ويتكوف” نوقشت مع “نتنياهو” ولكن لا يوجد حتى الآن موافقة عليها، اي انها لم تطرح لتصبح مبادرة جديدة، بل لا تزال في باب الافكار التي يتم مناقشتها، مما يستدعي عدم التطرق للحديث عنها او أي من بنودها، حتى تطرح بشكل رسمي، وأن المفروض هو التركيز على مسألتين، تفنيد كذب عدم وجود مجاعة وفق أدلة إسرائيلية “بيتسيلم، ومؤسسة أطباء حقوق الإنسان”، ومن جهة اخرى الحديث عن المقترح “القطري” الذي ردت عليه “حماس” بشكل مرن وإيجابي ولم يعجب ذلك لا “أمريكا” ولا “إسرائيل”
الأمور اصبحت واضحة جدا، ولا يوجد هناك شيء قابل للشك، الأمريكي إن كان “بايدن” أو “ترامب”، يريد نصر واضح لإسرائيل وهزيمة مطلقة لكل محور المقاومة وعلى راسها “حماس” في “غزة”، و “حزب الله” في “لبنان” حيث المتخصص “توم باراك” عبر إنذاراته وتهديداته
الأمريكي هو الذي يقود المعركة، وهو ليس شريك، بل هو صاحب الخطة وإسرائيل “نتنياهو” ليست سوى أداته الغليظة لتحقيق خطته، في حين من يدورون في فلكه من العربان ليسوا سوى الجزرة التي تستند لتهديد الأداة الغليظة، والخطة هي ما يقوله “نتنياهو”:
تغيير جيو سياسي، نصر مطلق، تحطيم وسحق محور المقاومة، ثم السلام بالقوة عبر الضم والتهجير وفرض النفوذ والوصاية، هذه معالم الخطة الامريكية المتوافقة كليا مع الرغبة “النتنياهوهية” والتي يدعمها الرئيس “ترامب”
الغريب ان البعض لا يزال لا يرى بعيون المصلحة الوطنية الفلسطينية والعربية، بل بعيون الخداع والتضليل الأمريكي، وهو يقبل بذلك طواعية، لأنه ليس سوى أداة لا اكثر ولا اقل، حتى لو كانت المسميات تندرج في سياقات ومفاهيم بناء الدولة، لكنهم ينسون دائما، ان في بلادنا لا يوجد سوى “اشباه دول”، فالدولة التي لا تستطيع ان تحمي مواطنها امنيا وترعاه إقتصاديا وصحيا وإجتماعيا، ليست بالتأكيد دولة