أمد/ تطرح خطة الرئيس الامريكي ترمب لوقف الحرب على غزة مأزقًا غير مسبوق: فهي من جهة تقدّم فرصة لوقف المجزرة، لكنها من جهة أخرى تنطوي على شروط مجحفة تتعارض مع أبسط حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير والسيادة الوطنية.
المعضلة هنا أن الرفض يعني استمرار آلة الحرب الإسرائيلية بلا رادع، مزيدًا من القتل والتدمير وتشريد الأبرياء؛ أما القبول فيُدخل غزة في تسوية تُفرض بالقوة، حيث يُشترط تسليم الأسرى ونزع سلاح المقا.ومة ووضع القطاع تحت إدارة مؤقتة لا يعرف أحد مداها الزمني ولا مضمونها السياسي.
لقد منحت الأخطاء السياسية لحركة خماس، منذ السابع من أكتوبر، إسرائيل وحلفاءها الذريعة لتوظيف المأساة وفرض حلول تُجرّد الشعب من أوراق قوته، بعدما اختارت الحركة مواجهة كبرى بلا إعداد كافٍ ولا رؤية مسؤولة لما بعد الضربة. وها نحن اليوم أمام استحقاق مرير يدفع ثمنه المدنيون بالدم والدمار.
إنها معادلة قاسية: إمّا القبول بتسوية تنتقص من الحقوق وتضع غزة تحت وصاية طويلة، أو مواجهة حرب مفتوحة تُفني البشر والحجر. في الحالتين يدفع الشعب الفلسطيني الثمن، لا القيادات ولا العواصم البعيدة.
ومن هنا يبرز السؤال الأخطر: إذا كان الوطن يُختزل في جغرافيا بلا شعب آمن، أو في راية تُرفع فوق ركامٍ بلا حياة، فما جدواه؟ إنّ حماية الناس وصون كرامتهم هي الشرط الأول لبقاء الوطن حيًّا ومعنى، وإلا فإن الأوطان تتحول إلى اسم بلا مضمون.
لا بد أن تتوقف هذه الإبادة بحق غزة وأهلها.