اخر الاخبار

خريطة طريق السلطات لمرافقة الكرة “الصغيرة”

 تسير المنظومة الرياضية الجزائرية، تدريجيا، نحو إصلاح رياضي جديد، بعد ذلك الذي شهدته عام 1977، وهو توجه فرضه قسرا “السقوط الحر” لعديد الاختصاصات الرياضية، التي سارت نتائجها في “الاتجاه المعاكس”، من حيث الأهداف المرجوة، بعد كل الدعم الإضافي الذي تحرص الدولة على ضمانه للرياضة وللرياضيين.

 وعلى غرار كرة القدم المتجهة، في العهد الجديد، إلى نظرة متجددة لانتشالها من الانتهازيين الفاقدين لنظرة شاملة بشأن طريقة تطويرها وترقيتها، رغم الأموال والشركات العمومية والمرافق التي ضمنتها لها الدولة، وأسقطت عن المنتسبين إليها تلك الحجة المرتكزة على تبرير الفشل بغياب الأموال، فإن كرة اليد تسير بدورها نحو مرحلة جديدة بمنظور الدولة، بعدما تدحرجت اللعبة إلى أدنى الدرجات والمستويات، وفقدت بسرعة البرق بريقها، بفعل الفوضى والضبابية وتغييب المشروع الحقيقي الذي يضمن “الارتقاء” بها إلى سابق عهدها بين كبار الأمم.

 ولأن الخروج المذل لواجهة اللعبة، وهو المنتخب الأول لكرة اليد، خلّف ارتدادات جديدة قوية على الرأي العام وعلى عشاقها، فإن ذلك الانهيار لمنتخب نافس من حيث الشعبية في الثمانينيات منتخب كرة القدم، بل تجاوزها وقتها من حيث النتائج القارية بخمس كؤوس إفريقية تواليا، كان بمثابة قطرة أفاضت كأس الخيبات ودفع بالدولة إلى التدخل لإنهاء “العهد البائد” للعبة ازدادت من حيث الصِّغر حجما لم يعد ممكنا تقبله.

 وقد جاءت “يد” الدولة ثابتة ومرفوعة نحو الأعلى لتوجيه “التسديدة الصحيحة” في عملية “إعادة البناء” لاختصاص رياضي تطور بشكل مذهل عالميا بأسس “علمية” و”عصرية”، وفرض “مرورا بالقوة” نحو مرمى الاحترافية بكل تفاصيلها، وترك المنتخب الجزائري خارج منطقة التسعة أمتار يصارع بيأس دون قوة تُمكّنه من الارتقاء عاليا وتجاوز “القامات الطويلة” لبلوغ، على الأقل منطقة السبعة أمتار التي تجعله وجها لوجه مع “الهدف”.

 وحين تقر السلطة ضرورة مرافقة “الكرة الصغيرة” في خطواتها الجديدة، خلال اجتماع لمجلس الوزراء وبأمر من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مع التأكيد على “جاهزية الدولة للتمويل والمرافقة لاسترجاع بريق هذه الرياضة”، في إطار مرحلة “إعادة البناء”، فذلك يدخل حتما في إطار “بداية نهاية” مأساة اللعبة الشعبية في الجزائر، بل إن الاهتمام اللافت للدولة بالرياضات الجماعية ورياضة النخبة يبعث الأمل حقا في إمكانية تصحيح المسار وتحوّل هذا الاهتمام السامي إلى “إصلاح رياضي” جديد، سيترك حتما بصمة واضحة على المنظومة الرياضية خلال السنوات القليلة المقبلة.

 وكضربة بداية، حدد المكتب التنفيذي للاتحادية الجزائرية لكرة اليد، في عهد “ما بعد” الرئيسة المستقيلة أو المنسحبة، كريمة طالب، خارطة طريق، خلال الاجتماع المنعقد في جلسة استثنائية، أول أمس، بمقر الاتحادية بقاعة الشهيد حرشة حسان بالجزائر العاصمة، تضمنت “تكليف العضو عبد القادر قاضي رئيسا للاتحادية بالنيابة”، بعد “إعلان حالة شغور منصب رئيس الاتحادية”، إلى جانب “تثبيت تاريخ الجمعية العامة العادية بتاريخ الجمعة 28 فيفري 2025″، و”تثبيت أيضا تاريخ الجمعية العامة الانتخابية بتاريخ الخميس 6 مارس 2025”.

 

 إسناد مهمة رئاسة المديرية الفنية ومدرب وطني لأجنبيين

 

ويرتكز التوجه الجديد على “خيارات” جديدة في المجال التقني، يفتح الباب للكفاءات المحلية والأجنبية، حيث دعا أعضاء المكتب التنفيذي، خلال الاجتماع “لعرض ترشح وطني ودولي لمنصب مدير تقني وطني”، و”لعرض ترشح وطني لمنصب مدير المنتخبات الوطنية”، و”لعرض وطني ودولي لمنصب مدرب وطني للرجال”، ليختم الأعضاء اجتماعهم بدعوة “كافة أعضاء أسرة كرة اليد الجزائرية، كلّ حسب خبرته وتخصصه، من أجل وضع اليد في اليد والالتفاف حول هدف واحد، وهو النهوض بكرة اليد الجزائرية”.

 وتوحي كل المؤشرات، أن القائمين على ملف إصلاح كرة اليد الجزائرية، يتجهون نحو تعيين مدير وطني فني أجنبي، شأنه شأن المدرب الوطني للمنتخب الأول “أكابر”، بدليل أن العديد من السير الذاتية متواجدة حاليا على طاولة المعنيين بالأمر لاختيار الأحسن.

 وقبل هذا، يكثف وزير الرياضة، وليد صادي، طبقا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مشاوراته مع عائلة كرة اليد الجزائرية، بكل أطيافها، للمّ شمل عائلة الكرة “الصغيرة”، حتى “تكبر” على أسس صحيحة، دون أي إقصاء، ودون اللجوء إلى بعض القوانين التي ساهمت بشكل كبير في تدهور رياضة كرة اليد، حتى لا نقول كل الرياضات، لاسيما ما تعلق بقانون ازدواجية المناصب.

 

“تحرير” الرياضة من الإدارة

 

وفي هذا السياق، أسدى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تعليمات لوزير الرياضة، وليد صادي، خلال اجتماع مجلس الوزراء، المنعقد الأحد الفارط، بضرورة “تحرير” الرياضة من الإدارة، بشكل سيساهم في عودة أبناء كرة اليد إلى الساحة دون أي تهميش، وهو نفس حال جميع الرياضات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *