أمد/ ثمّة جرحٌ يتّسع في بلادنا ومخيّماتنا، جرح لا يصنعه العدو وحده، بل يصنعه أيضًا كل من يزرع السلاح وسط التجمعات البشرية، ويُقحم حياة المدنيين في معادلات لا تشبههم.
فالقيادات التي يُفترض أن تتمركز في مواقع المواجهة، باتت تختبئ بين الأبنية، فيما تُترك المخيمات والأحياء الفقيرة لتتحمّل عبءَ حربٍ لم تختَرها.

الاستهداف داخل المخيّمات: خطيئة تتكرّر في المكان الخطأ

الاغتيالات المتتالية تقع في مناطق مكتظّة بالسكان، داخل مخيّمات تعجّ بالأطفال، وفي أحياء تُشكّل أصلاً ملاذًا للفقر واللجوء.
مراكز قيادة تُدار من عمارات متهالكة، واجتماعات سرّية فوق منازل لا تتحمّل قذيفة إضافية، وتحركات عسكرية تجري في طرقات لا تتّسع إلا للمعيشة اليومية.

هذا ليس “تكتيكًا حربيًا”…
هذا إسقاط مباشر لحياة الناس في حفرة سلاح لا يملكون قراره.

القانون الدولي قالها بلا مواربة: المدنيون ليسوا دروعًا

وفق المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، يُحظر استخدام المدنيين أو وجودهم لحماية أهداف عسكرية.
وتلزم المادة 58 الأطراف المتحاربة بإبعاد أي هدف عسكري عن المناطق المأهولة، واتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية السكان.

عندما تتحوّل المخيّمات إلى منصّات، والبيوت إلى مواقع، والطرقات إلى خطوط إمداد… فإنّ المأساة لا تكون سياسية فقط، بل قانونية وأخلاقية، قبل أي شيء آخر.

مع ذلك: حقّ الشعوب في مقاومة الاحتلال حقّ أصيل لا يُمسّ

ولكي لا يُساء فهم الحقيقة:
الشعوب الواقعة تحت الاحتلال تمتلك حقّها الجوهري في مقاومته. هذا الحق منصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ومعزّز في قرارات دولية أكدت شرعية النضال ضد الاحتلال بكل الوسائل المشروعة.

نحن مع هذا الحق…
مع مقاومة الأرض…
مع كرامة الشعوب…
ومع كل عمل شريف يواجه المحتل.

لكننا نقف بحزم ضد أن تُحوَّل المخيّمات إلى متاريس.
وضد أن يصبح اللاجئون وقودًا دائمًا لحربٍ لا تنتهي، ولا تُترك لهم فيها حتى رفاهية النجاة.

المقاومة التي تعرف قيمة شعبها لا تختبئ بين أطفال المخيمات

المقاومة الحقيقية تبني مواقعها في الجرود والجبال لا فوق أسطح بيوت اللاجئين.
والعقل المقاوم لا يضع غرفة عملياته في قلب مخيم مكتظّ، يعرف مسبقًا أنه سيكون الهدف الأول لأي ضربة عسكرية.

البطل ليس من يتوارى خلف ستارة بيتٍ فقير…
بل من يجعل هذا البيت آخر مكان يمكن أن تصل إليه النار.

الهجوم المنظّم على أي صوت صادق

كل كلمة نقد تُنشر من قلب المخيّمات أو من أبناء البلاد تُواجَه بإعصار من الذباب الإلكتروني:
روابط تُرسل في مجموعات مغلقة، شتائم جاهزة، حملات تشويه.
وكأنّ الحقيقة تهديد أكبر من العدو، وكأنّ الصمت هو واجب وطني.

لكن سكان المخيّمات يعرفون الحقيقة…
والبلاد تعرف…
والوجع الحيّ لا يمكن طمسه بجيش من الحسابات الوهمية.

أعيدوا للناس إنسانيتهم قبل أي شعار أو معركة

الناس في المخيّمات والبلاد ليسوا تفاصيل جانبية.
إنسانيتهم ليست عبئًا على أحد.
هم بشرٌ لهم حقّ طبيعي في الأمان، في الحياة، وفي ألّا يُزجّ بهم في جحيم قرارات لم يشاركوا في صنعها.

احترموا إنسانيتهم… لأنها الشرط الأول لأي مقاومة صادقة.

المقاومة تستمر… والناس يجب أن تستمر معها

نحن مع مقاومة الاحتلال…
لكننا نرفض أن تُختَطف المخيّمات وتُحَوَّل إلى منصّات.
نحن مع حماية الأرض…
لكننا ضد تسليم حياة الناس كرسالة سياسية أو كغطاء تكتيكي.

انسحبوا من بين البيوت…
أعيدوا مواقعكم إلى حيث تكون الحرب حربًا… لا حياة مسحوقة.
ودعوا المخيّمات تعود لمهمتها الأولى: حماية الإنسان، لا حماية السلاح.

فالشعب الذي تُصان حياته هو وحده القادر أن يقاوم…
والشعب الذي يموت بين جبهتين يُسرق منه مستقبله قبل أن يُهدّد حاضره.

شاركها.