أمد/ من الخطأ القاتل، بل من الظلم السياسي، أن يُصوَّر الغضب الشعبي في المخيمات الفلسطينية وكأنه هجوم على الأونروا ذاتها.
الحقيقة أوضح من ذلك بكثير: الهجمة ليست على الأونروا، بل على أسلوب إدارة دورثي وطريقة تعاملها مع المخيمات واللاجئين.
الأونروا بالنسبة للاجئ الفلسطيني ليست مؤسسة خدمات فقط، بل عنوان حق، وشاهد دولي على النكبة، وركن أساسي من أركان معركة العودة.
ولذلك فإن المسّ بدورها أو الدعوة إلى إسقاطها هو خدمة مجانية لمشاريع تصفيتها، وهذا ما يرفضه شعبنا جملةً وتفصيلًا.
لكن في المقابل، الدفاع عن الأونروا لا يعني إعطاء شيك على بياض لأي إدارة، ولا يعني تحويل النقد المشروع إلى خيانة وطنية.
الغضب الذي نراه اليوم في المخيمات ليس نتاج تحريض، ولا نتيجة جهل سياسي، بل هو تراكم سياسات، ونبرة تعامل، وقرارات تُتخذ فوق رؤوس الناس، وكأن اللاجئ مجرد رقم في جدول تقشّف، لا إنسان له كرامة وخصوصية ومعاناة تاريخية.
السيدة دورثي، بصفتها على رأس الإدارة، تتحمّل مسؤولية سياسية وأخلاقية عن:
• طريقة التواصل مع المخيمات.
• غياب الشراكة الحقيقية مع اللجان الشعبية وممثلي المجتمع.
• إدارة التقشف بعقلية المحاسب لا بعقلية المسؤول عن قضية شعب.
• تجاهل الأثر الاجتماعي والنفسي لأي قرار يُتخذ في بيئة هشّة أصلًا.
الهجمة إذًا ليست عبثية، وليست موجّهة ضد الوكالة، بل هي رسالة احتجاج على نهج إداري يرى الأزمة أرقامًا، بينما يعيشها اللاجئ وجعًا يوميًا.
الأخطر من كل ذلك، أن يتم خلط الأوراق عمدًا أو جهلًا:
كل من ينتقد دورثي يُتّهم بأنه يستهدف الأونروا.
وكل من يطالب بتغيير النهج يُصوَّر وكأنه يفتح الباب أمام أعداء القضية.
هذا تضليل خطير.
المعادلة الوطنية واضحة ولا تحتمل التأويل:
نحمي الأونروا… ونحاسب إدارتها.
نرفض تصفيتها… ونرفض في الوقت نفسه إدارة منفصلة عن نبض الناس.
الأونروا أكبر من أي شخص، وأبقى من أي إدارة.
ودورثي ليست فوق النقد، ولا محصّنة من المساءلة.
المطلوب اليوم ليس التصعيد الأعمى، ولا الدفاع الأعمى، بل تصحيح المسار:
إدارة تسمع، لا تُملي.
سياسات تُناقَش، لا تُفرض.
وشراكة حقيقية مع المخيمات، لا تعامل فوقي يفاقم الاحتقان.
الهجمة يجب أن تُوجَّه حيث يجب:
إلى طريقة الإدارة، لا إلى جوهر القضية.
لأن ضرب الأونروا خسارة وطنية…
أما إصلاح إدارتها، فهو واجب وطني.
