أمد/ إن تصريح خليل الحية الأخير حول تسليم سلاح حماس، والذي قال فيه أن سلاح حماس سيتم تسليمه لحكومة فلسطينية بعد تحرير فلسطين، يعتبر رفضا واضحا للبند الذي ينص على تسليم السلاح، ولكن قبل أن نحلل ماذا وراء هذا التصريح المثير للجدل، يجب أن نحلل من الناحية العسكرية والأمنية ما إذا كان هناك سلاح أصلا، ومعرفة حقيقة السلاح في غزة بحد ذاتها هي خطوة مهمة في محاولة فهم الواقع السياسي، وأيضا فهم ما وراء تصريح خليل الحية الأخير.
على مدار عامين متواصلين من الحرب الشرسة إستطاع الإحتلال أن يدمر البنية التحتية للمنظومة العسكرية لحماس والفصائل المسلحة أيضا، سواء كانت أسلحة هجومية أو دفاعية أو أنفاق أو مصانع أو مستودعات، أو حتى خبراء عسكريين تلقوا دورات في إيران أو لبنان أو سوريا…الخ، والسبب في هذا التدمير يعود أولا إلى قوة وكثافة النيران التي إستخدمها الإحتلال في غزة، وثانيا هو حجم الإختراقات الأمنية في صفوف الفصائل المسلحة وخاصة حماس، بمعنى أن قصف وتدمير مصنع صواريخ تحت الأرض لم يحدث إلا بناء على معلومات أمنية حول إحداثيات هذا المصنع ، يعني تحديد مكانه بدقة، وهذا ينطبق أيضا على الإغتيالات للقيادات العسكرية، وهذا بالطبع لا يستطيع فعله مجرد عميل، بل عميل مقرب من صفوف الأجهزة العسكرية والمواقع الحساسة، يعني العملاء داخل صفوت المقاومة المسلحة أكثر عددا من العملاء خارج صفوفها، وهذا يعتبر سقوط عسكري وأمني واضح. والدليل على هذا السقوط الأمني هو سقوط المنظومة الصاروخية في غزة بعد أشهر قليلة من بداية الحرب، سواء أن الصواريخ تدمرت بالكامل، أو أن هناك بعض الصواريخ لم يتمكن أحد من إطلاقا بسبب كثافة النيران، وأيضا الأسلحة الهجومية الثقيلة بدأت بالإختفاء منذ بداية الحرب، ولم يبقي إلا عمليات الكبائن والعمليات الفردية وتفخيخ المنازل، وهذا بحد ذاته لا يكفي في صد النيران الكثيفة التي إستخدمها الإحتلال في غزة.
عندما نتحدث عن تسليم سلاح حماس فنحن نتحدث عن سلاح شبه معدوم أو مدمر أو خفيف لا يصلح إلا لحكم غزة(….) ولكن ماذا وراء تصريحات خليل الحية والتي تعتبر رفض لبند تسليم السلاح!! من الواضح أن حماس لا زالت تراهن على تصدير الخطابات السياسية المغلفة بالشعارات كما كانت تفعل قبل الحرب، رغم أنها تعلم خطورة هذه الشعارات وخطورة التنصل من بند هي وقعت عليه أمام العالم، الآن حماس وبعد التصريح الأخير تنتظر ردة فعل الوسطاء وأمريكا وإسرائيل، وسيكون التصريح القادم في ملف السلاح يتناسب مع ردات الفعل، بمعنى أن تصريح حماس القادم في ملف السلاح سيكون مختلف تماما عن تصريح خليل الحية، فالتلاعب في المفردات والمصطلحات والخطابات السياسية المغلفة هي لعبة حماس المفضلة. حماس اليوم تحاول أن توصل رسائل للرأي العام الفلسطيني والعربي أيضا بطريقة غريبة ومعقدة أنها لن توقع على بند تسليم السلاح وأنها لم تهزم وأنه يوجد سلاح ثقيل في غزة، وهذا بالطبع ليس له علاقة بالواقع، بل مجرد شعارات ومحاولات لخروجها من الفخ الأمريكي بأقل الخسائر الممكنة.
