أمد/ مازال الوضع الكارثي والابادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يتفاقم ويزداد قتلا وتدميرا ووحشية إسرائيلية أميركية، ولعبة الموت والمفاوضات العبثية تعمق الفاجعة والمأساة، مع ان صاحب اليد العليا في وقف الحرب من عدمه يناور في عملية تسويف ومماطلة واضحة لإطالة أمد الحرب، مع أن لسان حاله يدعي انه يريد انهاء الإبادة وتبادل الرهائن جميعا، غير أن البارومتر الناظم لرؤيته ومواقفه من انهاء الحرب يقاس وفق مصالحه الاقتصادية المالية والتجارية في القطاع، بالتلازم مع موقف حكومة الائتلاف الحاكم في إسرائيل، التي لا ترغب ولا تريد وقف الإبادة، كما اعلن زعيمها بنيامين نتنياهو في تصريحاته المتوالية، التي تؤكد على استمرار الحرب حتى تحقيق “النصر الكامل”.
وكان أعلن صانع القرار الأميركي في مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي يوم الجمعة 5 أيلول / سبتمبر الحالي، عن وجود “مفاوضات معمقة” مع حركة حماس بشأن اتفاق غزة والرهائن، مؤكدا أن “بعض مطالب حماس جيدة”، وأضاف أن “الوضع سيكون صعبا وقاسيا إذا ظلت حماس تحتجز الرهائن الإسرائيليين”، وطالبها بإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة، و”قلنا لهم اتركوهم جميعا.. وستحدث معكم أمور أفضل بكثير.” وخلص الى أن “هذه وجهة نظري والخيار يعود لإسرائيل”، وأرفقها بجملة لذر الرماد في العيون الإسرائيلية، بأن الاحتجاجات الكبيرة بشأن وضع الرهائن تضعها في وضع صعب، لتذكير القيادة الإسرائيلية عدم تجاهل ذلك. بتعبير آخر، شاء الرئيس الأميركي القول، انني لن أُوقف الحرب الا عندما توافق الحكومة الإسرائيلية، وكل هم دونالد ترمب وادارته السيطرة على قطاع غزة وبناء “ريفيرا الشرق” المشؤومة ونهب الغاز والنفط الفلسطيني، والافراج عن الرهائن الإسرائيليين، دون مبالاة بمئات الالاف من ضحايا الإبادة الجماعية الفلسطينيين وعمليات التدمير المنهجية لمدن وبلدات ومحافظات القطاع، ودون الالتفات لآلاف من أسرى الحرية الفلسطينيين القابعين من عشرات السنوات في السجون الاسرائيلية.
وفي إطار ما صرح به حاكم البيت الأبيض، نقلت الإدارة الأميركية الى حركة حماس عبر الوسيط غيرشون باسكين، مبادئ مقترح اتفاق شامل صباح أمس الاحد 7 سبتمبر الحالي، ووفق المصادر الناقلة للخبر، ان الصياغة ليست نهائية ولا رسمية، بل هي مبادئ من المفترض أن تتطلب استمرار المفاوضات العبثية، حسب موقع “كان” العبري. لكن هذه المبادئ التي نقلها ستيف ويتكوف المبعوث الأميركي الى باسكين لم يكشف عن تفاصيلها حتى الان. وتركت بنود المقترح ضبابيا لما بعد التنسيق والتكامل مع الحكومة الإسرائيلية وفريقها المختص. ولهذا من المتوقع ان يصل رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض الوزير رون ديرمر الى واشنطن هذا الأسبوع للاطلاع على رؤية كبار المسؤولين الاميركيين، ووضع اللمسات الأخيرة بين الحليفين الاستراتيجيين الأميركي الإسرائيلي للمقترح المراد اعتماده.
وكانت حركة حماس جددت التزامها وتمسكها بالموافقة، التي أعلنتها مع بعض القوى الفلسطينية على مقترح الوسطاء مصر وقطر لوقف إطلاق النار في 8 آب / أغسطس الماضي، وأكدت في بيان لها أول أمس السبت 6 سبتمبر الحالي، انفتاحها على أي أفكار أو مقترحات تحقق وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا شاملا لقوات الاحتلال من القطاع، ودخولا غير مشروط للمساعدات الإنسانية، وتبادل أسرى حقيقيا من خلال مفاوضات جادة عبر الوسطاء. لكن باسم نعيم عضو مكتبها السياسي أصدر أمس الاحد موقفا شدد فيه على تمسك حركته ب “سلاحها”، وكأنها شاءت وضع العصي مجددا في الدواليب، ولإطالة أمد الإبادة الجماعية دون الالتفات لمصالح الشعب العليا، ولتقديم المزيد من الذرائع للحكومة الإسرائيلية وتجاهلت حماس ان موافقتها المتاخرة على اتفاق أغسطس، تجاوزته تل ابيب ومن خلفها واشنطن.
وفي استشراف لموقف الرئيس ترمب وقيادة حماس من الإعلان عن دوامة المفاوضات الثنائية، التي أعلن عنها الرئيس ال 47، أولا العلاقات بين حماس والإدارة الأميركية لم تتوقف بشكل مباشر وغير مباشر من خلال الدوحة وغيرها من اتباع الإدارة الأميركية في الإقليم، وبالتالي الإعلان عن مفاوضات من خلال باسكين، جاء لإلباسها ثوبا تضليليا، وللتغطية على دور قطر أو تركيا أو غيرهم، وأيضا لوعد حماس ببقاء دور لها في المشهد السياسي في اليوم التالي، لأن دورهم مطلوب، وللاتفاق على دعمها، مقابل وضع العراقيل أمام تولي منظمة التحرير والدولة والحكومة أصحاب الولاية الأساسية على القطاع والضفة بما فيها القدس العاصمة. كما أن حركة حماس تعتبر الإعلان عن المفاوضات من قبل الإدارة مكسبا لها، وترسيما لدورها، وتعزيزا لمكانتها في اليوم التالي، دون حساب لمصالح وأهداف الشعب ولوحدة الموقف الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد. والأيام القادمة ستكشف عن مالات المفاوضات وابعادها وتداعياتها على الساحة الفلسطينية.