حظر الاونروا الأخطر في تاريخ الهيئة
أمد/ مع اقتراب ذكرى وعد بلفور المشؤوم 107 الصادر في 2 تشرين ثاني / نوفمبر 1917، صادقت الكنيست الإسرائيلية يوم أول أمس الاثنين 28 تشرين اول / أكتوبر الحالي بالقراءة الثانية والثالثة على قانون حظر “الاونروا” في إسرائيل بأغلبية 92 صوتا مقابل 10 أصوات ضد، وهو ما يؤكد أن الموالاة والمعارضة الإسرائيلية عملت بمنهجية وخطط معدة مسبقة على تعميق حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني باستهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي أسستها هيئة الأمم المتحدة في اعقاب النكبة الأولى عام 1948 في 18 كانون اول / ديسمبر 1949 استنادا للقرار الدولي 302، لتقديم الخدمات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني الذين هجروا وطردوا من وطنهم الام فلسطين الى المنافي في دول الشتات، وكشاهد على المأساة الفلسطينية، ولحماية حق اللاجئين في العودة الى ديارهم ومدنهم وقراهم وفقا للقرار الدولي 194، الصادر في 11 كانون اول / ديسمبر 1948، والذي كان أحد القرارين الامميين بالإضافة لقرار التقسيم الدولي 181 الصادر في 29 تشرين ثاني / نوفمبر 1947، اللذين التزم وزير خارجية إسرائيل آنذاك، موشيه شاريت بتنفيذهما مقابل اعتراف المنظمة الدولية بإسرائيل.
وعقب المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني على القانون الإسرائيلي عبر منصة إكس، أن تصويت الكنيست على حظر “أونروا” غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة، مشيرا الى انه يعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. وأضاف “إن هذا التشريع هو “الأحدث في الحملة المستمرة لتشويه سمعة “أونروا” ونزع الشرعية عن دورها في تقديم المساعدات والخدمات التنموية والإنسانية للاجئي فلسطين.” وتابع لازاريني “لن تؤدي مشاريع القوانين هذه الا الى تعميق معاناة الفلسطينيين خاصة في قطاع غز، حيث يعيش الناس منذ أكثر من عام في جحيم مطلق، وسيحرم أكثر من 650 ألف فتاة وفتى هناك من التعليم، ما يعرض جيلا كاملا من الأطفال للخطر.” وهي مشاريع قوانين تندرج في دائرة العقاب الجماعي ضد الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني. وأردف كاتبا على أن “إنهاء “أونروا” وخدماتها لن يجرد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، وهذا الوضع محمي بموجب قرار آخر للجمعية العامة للأمم المتحدة الى ان يتم حل عادل ودائم لمحنة الفلسطينيين.” وشدد على ان “الفشل الدولي في احباط مشاريع القوانين هذه من شأنه أن يضعف آليتنا المشتركة المتعددة الأطراف التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية.
والحرب الإسرائيلية على قضية اللاجئين الفلسطينيين ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لم تبدأ أول أمس الاثنين، انما بدأت عمليا منذ شروع الرئيس الأميركي السابق ترامب بتنفيذ صفقة القرن في مطلع كانون اول / ديسمبر 2017، أي قبل 7 سنوات، وبالتالي يعتبر القانون الإسرائيلي جزءً أساسيا من عملية المطاردة لها بهدف تصفيتها، اعتقادا من القيادات الإسرائيلية، أن حظر “أونروا” سيسقط ملف اللاجئين الفلسطينيين، وهذا استنتاج واهم وغبي، فضلا عن انه بلطجة مافيوية، ويعتبر انتهاكا فاضحا وسافرا لكل المواثيق والمعاهدات الأممية وخاصة ميثاق هيئة الأمم المتحدة بما فيها قرار تأسيس “أونروا” رقم 302 وخاصة المادة 17، ولقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2730 الذي صادق عليه في 24 أيار / مايو الماضي، والذي يلزم الدول احترام وصيانة المؤسسات الأممية والعاملين فيها، ويتنافى مع الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية في 19 تموز / يوليو الماضي، التي أكدت أن لا سيادة لدولة إسرائيل فوق النازية على أراضي دولة فلسطين المحتلة 1967 بما فيها العاصمة الفلسطينية القدس.
كما ان قانون الكنيست أول أمس سينهي العمل في الاتفاقات الثنائية بين إسرائيل وهيئة الأمم المتحدة، وخاصة اتفاقية كوماي المبرمة في 14 حزيران / يونيو 1967، وهو ما يعني تعريض حياة موظفي الوكالة الأممية ومؤسساتها ومنشآتها التعليمية والصحية والإدارية في الوطن الفلسطيني للخطر والاستهداف من قبل الاستعمار الإسرائيلي. فضلا عن انه يهدد الحل السياسي واستقلال دولة فلسطين المحتلة، ويعمق من حالة الفوضى والعنف والإرهاب الإسرائيلي ومواصلة الإبادة الجماعية بأشكالها وعناوينها الحربية والتجويعية والنفي والتهجير القسري للفلسطينيين بالتلازم مع تصفية وكالة “أونروا” وخدماتها التنموية والإنسانية، وإغلاق منافذ الحياة الادمية امام الشعب الفلسطيني.
ورغم خطورة القانون الإسرائيلي غير المسبوق، والذي يعتبر السابقة الأخطر في تاريخ في هيئة الأمم المتحدة منذ تأسيسها في العام 1945، الا انه ليس ملزما، ولا يجوز الرضوخ له، لأن مجمل قوانين وإجراءات وانتهاكات دولة إسرائيل اللقيطة لا تسقط ولا تلغي القوانين الأممية، لا بل ان من واجب الدولة الإسرائيلية القائمة بالاستعمار الالتزام بالقوانين والمعاهدات الأممية، والفتوى القضائية لمحكمة العدل الدولية آنفة الذكر.
والقانون الإسرائيلي الأخطر ضد “أونروا” يلزم أولا الأمم المتحدة بمختلف مؤسساتها الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي والمحاكم الدولية العدل والجنائية الدوليتين ملاحقة دولة الإبادة الجماعية إسرائيل، وإصدار مذكرات الاعتقال ضد قياداتها، وإقرار العدل الدولية فتواها بشأن دعوى جنوب افريقيا باعتبارها دولة إبادة جماعية؛ ثانيا اسقاط عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة، لعدم التزامها بتنفيذ القرارين الامميين 181 و194؛ ثالثا الزام الدول التي صادقت على قرار مجلس الامن الدولي 2730 في أيار / مايو الماضي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية بإخضاع إسرائيل لاحترام وتنفيذ القرار الاممي فورا، وإلغاء قوانينها العنصرية المتناقضة مع روح القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وحماية أبناء الشعب العربي الفلسطيني وحقوقهم السياسية والقانونية، ووقف الإبادة الجماعية والذهاب للحل السياسي والانسحاب من أراضي دولة فلسطين كافة في أقرب الآجال، تنفيذا للفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية التي اعتمدتها الجمعية العامة بأغلبية تزيد عن الثلثين من أعضائها خلال عام من تاريخ التصويت على القرار الاممي؛ رابعا فرض العقوبات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية على إسرائيل المارقة والخارجة على القانون الدولي بهدف عزلها، واعتبارها دولة منبوذة.