حزب الله .. وتفعيل قانون نيوتن السياسي والعسكري
أمد/ بات واضحاً من الاحداث المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة ان خطط إسرائيل التي لطالما كرر نتنياهو التصريح بها على مدار الأشهر الماضية فيما يتعلق بالوضع الأمني في الجنوب اللبناني وشمال فلسطين المحتلة ، أن الأمور ذاهبة و بلا أدنى شك لحرب شعواء لتحقيق الهدف الإسرائيلي المتمثل بطرد قوات حزب الله باتجاه شمال الليطاني ، وخلق منطقة عازلة على غرار تلك التي كانت قبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في شهر أيار / 2000 قبل 25 سنة تقريباً ، ليتسنى له إعادة المستوطنين من سكان قرى ومدن شمال فلسطين .
نتنياهو وجيشه يعلمون جيداً أن تحقيق هذا الهدف لن يتم إلاّ بالقوة العسكرية الصارمة وبأقصى درجات العنف والقصف الشديد ، الأمر الذي يشي أننا أمام حرب ضروس ستستخدم إسرائيل فيها كل ما تمتلكه من أسلحة تقليدية متقدمة من حيث الكم والنوع .
حزب الله من جانبه يدرك تماماً أن الاشتباك مع الجيش الاسرائيلي تجاوز قواعد الاشتباك التي جرى الإلتزام بها من طرفه والطرف الاسرائيلي منذ عام تقريباً ، وتعزز هذا الإدراك بعد الهجوم السيبراني والتكنولوجي الواسع والاغتيالات المؤثرة التي شنتها إسرائيل على حزب الله الأسبوع الماضي وكلفه الآلاف من مقاتليه وقياداته العسكرية بين قتلى وجرحى في كافة المناطق اللبنانية وفي القلب منها الضاحية الجنوبية ببيروت العاصمة الرسمية لحزب الله .
الجميع يدرك أن معركة من هذا النوع سيتحدد بناء على نتائجها مصير المنطقة بمجملها لعشرات السنوات القادمة ، بما فيها ترتيب المنطقة وفرض وقائع جديدة على الأرض ، فبالنسبة لحزب الله سيتحدد مصيره لعشرات السنين داخل الخارطة السياسية والحزبية اللبنانية ، وتجريده من هذه القوة يعني بالدرجة الأساسية تغيير كبير في موازين القوى الداخلية اللبنانية لمناوئيه وخصومه اللدودين الذين ينتظرون على أحر من الجمر كسر معادلة التوازن الراجحة لصالحه منذ سنوات طويلة ، وتغييب تهديداته المتواصلة لإسرائيل منذ وقت طويل لسنوات قادمة ..
إسرائيل من جهتها ستستغل الايام المتبقية لموعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية أيّما استغلال .. فهذا التوقيت المناسب لها للحصول على الدعم الأمريكي رغماً عن أنف الادارة الأمريكية الغير راغبة بهذه الحرب في الوقت الحالي ، ولكن بحكم العلاقة العضوية والاستراتيجية فإنها ستجد نفسها ملزمة بهذا الدعم وهذا عملياً ما تم بعد إرسال الجيش الأمريكي لحاملة الطائرات الأمريكية من جديد لشرق البحر المتوسط .
إسرائيل عملياً تفرض المعركة وبشكل واسع على حزب الله وتعلن دخولها للحرب الثالثة مع لبنان بعد حربي 1982 و 2006 ، بهدف تصفير التهديد الأمني لها في الشمال ، و ليكتمل هذا التصفير فإن ذلك يستدعي الاجتياح البري الاسرائيلي للجنوب اللبناني والسيطرة عليه ، والذي يؤسس عملياً لفرض وقائع جديدة على الأرض يجعلها تعيش الأمن والهدوء لسنوات طويلة لاحقاً .
الحديث من اليوم وصاعداً سيكون للميدان وما يفرض في الميدان عسكرياً سيترتب عليه نتائج سياسية لسنوات طويلة ، وهذا ما سيفرض على الحزب الذهاب لأبعد مدى من تفعيل كل قدراته العسكرية وجميع مقومات القوة لديه خاصةً وأنه يدرك تماماً أن خطة الإسرائيليين في الايام والأسابيع الأولى ستتركز بقصف و تدمير مراكز تخزين السلاح الثقيل من صواريخ وراجمات وخلافه بالإضافة لتصفية أكبر قدر ممكن من مقاتليه في الميدان ، بهدف تحييد خطر قصف المدن الاسرائيلية الكبيرة كحيفا وتل ابيب ومدن أخرى .
الحزب ومن خلفه تحالف المحور في سوريا والعراق واليمن لن يجدوا أمامهم من بد إلا تفعيل كل قوتهم من خلال مناطق نفوذهم ضد إسرائيل .. فالإيرانيون سيحاولون دعم كل هذه المحاور بكل الوسائل القتالية واللوجستية المتاحة دون الدخول المباشر والصريح في هذه الحرب لمحاولة تحييد التدخل الأمريكي المباشر في هذه المعركة ، ما لم تقم إسرائيل طبعاً بمهاجمتها مباشرةً وضرب مفاعلاتها النووية و قصف طهران و باقي المدن الإيرانية ، حينها لن يكون أمام الإيرانيين من خيار إلا الانخراط المباشر في المعركة حتى وإن كانت في وقت ” غير مناسب ” لها .
المعركة للجميع هي معركة مصيرية .. والجميع يدرك أنها حرب لن تتلوها حروب لسنوات طويلة قادمة ، وبالتالي فإنها ستكون حرب المصير للجميع ، والميدان هو الذي سيحدد مصير كل طرف من أطراف المعركة ومصير الوضع السياسي في المنطقة .