حزب الأصالة والمعاصرة في مواجهة كوابيسه… كيف تُدبر القيادة أزمة لا يمكن إخفاؤها قبل انتخابات 2026؟ اليوم 24
في حزب الأصالة والمعاصرة، يثق الأعضاء العاديون في قدرة القادة على الخروج من أي أزمة. فعلوا ذلك منذ تأسيسه عام 2008. تغيرت القيادة ست مرات من ذلك الحين، وتعرض الحزب لمراحل هبوط حادة في شعبيته، لكنه نجح في النجاة من الاضمحلال. في نهاية المطاف، عاد قويا في عام 2021 عندما كانت المؤشرات توحي بأن شكله بعد انتخابات 8 سبتمبر سيكون مثل ما هو عليه حزب الحركة الشعبية في الوقت الحالي.
يوم السبت الفائت، وفي اجتماع المجلس الوطني، وبالرغم من المظاهر التي بدت خادعة، كانت الأسئلة مركزة على قدرة القيادة الجديدة التي بالكاد أكملت ثلاثة أشهر، على الحفاظ على الحزب كما تسلمته في فبراير الفائت.
دون أن يسلط عليها الضوء، تغلب على أعضاء الحزب الهواجس المتعلقة بغياب رأس الحربة، المنسقة الوطنية للحزب، عن واجهة الأحداث الرئيسية في البلاد، وتزداد الشكوك مع ما يحدث من انحسار في معاقل الحزب، والتساؤلات المرتبطة بقدرته على تجديد حيويته التنظيمية، وأخيرا، فقد تعزز القلق من الأدوار المحتملة لمكتبه السياسي المُغرق بالموظفين التابعين للحزب ولوزرائه.
خارجة لتوها، من مؤتمر صعب، سوف يواجه حزب الأصالة والمعاصرة أولى تحدياته: الخروج بأقل الخسائر من التعديل الحكومي الذي طال انتظاره. كيف تنظر القيادة الجماعية إذن، إلى هذه الأزمة التي لا يمكن إخفاؤها في الحزب؟ وهل يستطيع الحزب تدارك الموقف بالسرعة المطلوبة؟
أسئلة الغياب… دون الحضور
بانفعال شديد، ردت المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة (حكومة) على الأسئلة المرتبطة بفترات غيابها الطويل منذ توليها منصبها السياسي في مؤتمر الحزب فبراير الفائت.
بالنسبة إلى المنصوري، فإن مبررات الغياب قد تكون طويلة: « التهاب اللوزتين، ألم في الأسنان، أو حتى مرافقة ابن إلى مدرسته بمناسبة اجتيازه امتحان الباكالوريا ». في الندوة الصحفية التي تلت اجتماع المجلس الوطني لحزبها، أجابت هذه السيدة، أول مرة، عن هذا الجدل. « بنسعيد، بوصفه وزيرا للتواصل، أشار لي إلى مقال صدر يتحدث عن هذا الأمر ». تقصد المنصوري سلسلة مواد نُشرت في موقع « اليوم24″، تشير إلى الفراع الهائل التي تخلفه وراءها بسبب عدم حضورها في المواعيد السياسية الرئيسية دون أي تفسير.
فترة الغياب الأخيرة بدأت منذ يوم الثلاثاء الفائت، حيث بقي مقعد المنصوري فارغا في: مقر جماعتها مراكش، ثم في مقر وزارتها السكنى والتعمير وسياسة المدينة، فمقر رئاسة الحكومة حيث تعقد المجالس الحكومية، ثم في البرلمان حيث نوقشت الحصيلة المرحلية للحكومة التي تشارك فيها، وأخيرا في مقر حزبها الأصالة والمعاصرة. هذه الفترات أضحت متكررة.
«بدأت أسئلة الغياب تمثل مشكلة بالنسبة للحلفاء السياسيين لحزب الأصالة والمعاصرة، كما تفعل داخل الحزب الذي يشعر أعضاؤه بأن قيادته قد تخلت عنهم».
يوم الأربعاء الفائت، كان كل شيء معدا لاجتماع المكتب السياسي المصغر لحسم الترتيبات النهائية للمجلس الوطني. شاركت المنصوري هذه المرة في هذا الاجتماع عن بعد، حيث قضت ساعتين، وتلت ما سمي « عرضا سياسيا ». في ذلك اليوم نفسه، تغيبت عن مناقشة مجلس المستشارين لعرض رئيس الحكومة حصيلته المرحلية. من الصعب فهم كيف أن يمكن أن يمنع المرض شخصا من المشاركة في اجتماع، ثم أن يقود اجتماعا آخر بعده بساعتين. على كل حال، فقد أصبحت عادة أن لا تشارك هذه الوزيرة في كل المواعيد المرتبطة بالحصيلة النصفية منذ بدأ أخنوش في عرضها في البرلمان الشهر الفائت.
في اليوم السابق، لم تشارك المنصوري في دورة ماي لجماعة مراكش التي ترأسها. وقد ترأس الاجتماع أحد نوابها. في هذه الجماعة، أيضا، أصبح غياب المنصوري ملفتا.
تعتبر المنصوري الحديث عن هذا الغياب « أمرا مضحكا »، كما قالت السبت الفائت في سلا، عندما حضرت متأخرة إلى أعمال اجتماع المجلس الوطني لحزبها. لا تريد المنصوري أن يتحدث أحد عن هذا الأمر. « تحدثوا عن الفساد! » بدلا عن ذلك، كما صرخت.
في الواقع، ليس هناك ما هو مضحك في هذه القضية. فقد بدأت أسئلة الغياب هذه تمثل مشكلة بالنسبة للحلفاء السياسيين لحزب الأصالة والمعاصرة، كما تفعل داخل الحزب الذي يشعر أعضاؤه بأن قيادته قد تخلت عنهم. ليست هناك معلومات كافية حول الاستنتاجات التي يصل إليها حليفها الرئيسي، التجمع الوطني للأحرار، إلا أن مؤشرات توحي بوجود تململ.
في المجلس الوطني لاحت فرصة نادرة لهذا الحزب لإظهار مزيد من التآزر مع رئيس الحكومة. لكن لم تقابل الفقرات التي تشير إلى مديح الحصيلة النصفية بتصفيق مدو. كان الاجتماع مهيأ لأشياء أساسية غير هذه: ميثاق الأخلاقيات الذي ظهر وكأنه مقصلة معلقة فوق رؤوس المنتخبين، وتكملة المكتب السياسي التي بدت وكأنها سر عميق حتى ذلك اليوم.
القوة، الحماية والمال… ليس في « البام »
ليس للمنتخبين في حزب الأصالة والمعاصرة متسع للوقت من أجل أن يتحولوا إلى هدف للملاحقات بواسطة ميثاق للأخلاقيات يقدمه الحزب كـ »سابقة » في المجال الحزبي المغربي.
اعتبرت المنصوري هذا الميثاق « مجرد تعاقد » داخل الحزب، وليس قانونا مسلطا على الرقاب. كانت خشية المنتخبين الذين يشكلون 70 في المائة من أعضاء المجلس الوطني للحزب، من تحول هذا الميثاق إلى أداة في أيدي حفنة من الموظفين داخل الحزب لتصفية الحسابات.
في هذا الاجتماع، طُرح الانتقاد الرئيسي بشأن تخلي الميثاق عن قرينة البراءة. بينما كانت المنصوري تحتفل ببراءة رئيس فريق حزبها في مجلس النواب، أحمد تويزي، بعد صدور حكم ابتدائي في حقه، أشار عضو إلى أن هذا الاحتفال لم يكن ليصبح ملائما لو كان ميثاق الأخلاقيات قد طبق في الماضي، على تويزي نفسه.
في المجلس الوطني، كان المنتخبون الذين يمتلكون الشجاعة للتعبير عن موقف، مترددين بين الإفصاح عن الهواجس، وبين الإعلان عن الموافقة الصريحة تجنبا لأي تفسيرات. كانت أبرز الملاحظات تشير إلى أن الميثاق « كتبه محامون »، بينما كان يجب أن يحرره مناضلون سياسيون. أُلقي جانبا بالدعاوى إلى جعل الميثاق بابا في القانون الداخلي، فقد صودق على ميثاق الأخلاقيات « أخذا بعين الاعتبار بالملاحظات المقدمة »، التي لا يبدو أنها قد أُخذت بالفعل. فنجوى كوكوس، رئيسة المجلس الوطني، أعلنت أن المنسقة الوطنية تعارض هذا الميثاق، ولمحت إلى أن « ست نسخ منه، ظلت المنصوري ترفضها بإلحاح ». لم يظهر أي نوع من الجد في هذا الكلام وسط القهقهات المتصاعدة بين السيدتين فوق المنصة. صرخت كوكوس مجددا: هل التصويت على الميثاق بالإجماع؟ كان أكثرية الجالسين في النصف الخلفي للقاعة غير مبالين بالتصويت، لكن كوكوس مضت إلى الإعلان عن الإجماع. تكرر هذا المشهد مرارا في ذلك اليوم: خلال التصويت على القانون الداخلي الذي لم يناقش في الواقع، ثم تركيبة المكتب السياسي التي أعلنت، ومُررت بسرعة قياسية.
مع ذلك، فإن التصديق على « ميثاق الأخلاقيات » لم يبدد هواجس المنتخبين، رغم رسائل الاطمئنان التي وُجهت من لدن قادة الحزب. المنتخبون في حزب الأصالة والمعاصرة يسعون باستمرار إلى البحث عن القوة، والحماية، والدعم المالي. لم يعد الحزب قادرا على منح أي من هذه الأشياء.
يتآكل الحزب بشكل تدريجي في أكثر معاقله بروزا. في جهة الدار البيضاء التي أصيبت بانهيار تنظيمي إثر اعتقال سعيد الناصري، الرجل القوي في الحزب. صلاح الدين أبو الغالي بالكاد يمكنه تغطية الفراغ، فهو الغارق في مشاكله في مديونة ضاحية الدار البيضاء، حيث يجد كل مرة، صعوبات في ضمان فوز عريض.
«المنتخبون في حزب الأصالة والمعاصرة يسعون باستمرار إلى البحث عن القوة، والحماية، والدعم المالي. لم يعد الحزب قادرا على منح أي من هذه الأشياء».
في جهة الشرق، يظهر الحزب وكأنه قد تعرض للانمحاء. فرئيس هذه الجهة، عبد النبي بعيوي، كان مسيطرا بالكامل على تنظيمه، وقد أدى سجنه على ذمة قضية مخدرات كبيرة، إلى ضربة قاصمة للحزب في هذه المنطقة، وهو يعاني في الوقت الحالي، في سبيل إعادة لملمة صفوفه. أيضا، في جهة كلميم واد نون، حيث لم يعد لـ »البام » موطئ قدم مع إدارة عائلة عبد الوهاب بلفقيه ظهورهم للحزب. ومنذ التخلي عن ابنته صفية، كان من الواضح أن حزب الأصالة والمعاصرة فقد مقدرته كليا في هذه الجهة.
في جهة العيون الساقية الحمراء، ترك طرد البرلماني محمد سالم الجماني جروحا غائرة. في المجلس الوطني، أبرز شخصان يتحدران من هذه الجهة، كيف أن الحزب على وشك الاندثار هناك. لكنهما لم يجدا من قادة الحزب موقفا حاسما. « لقد تُركت الجهة للضياع »، كما قال أحدهما. يحاول القادة تغطية الفراغ بوضع دابدا الشيخ أحمدو بالمكتب السياسي. هذا العضو في مجلس المستشارين لا يملك تأثيرا كبيرا في الحزب بالصحراء، لكنه يمتلك مقدرات جيدة في الانتخابات.
في الريف، الجهة التي طالما كانت مركز ثقل في ماضي هذا الحزب، بدأت في التحول إلى دائرة ثانوية في الاهتمامات المركزية. مع الطريقة المهينة التي أبعد بها محمد الحموتي عن المكتب السياسي، وهو الشخصية المحورية في إدارة العمليات الانتخابية بالحزب، تفقد هذه الجهة قوتها الرمزية. إذا ما لم يجر تدارك الموقف، فإن تأثير الحموتي قد يضمحل في جهته، كما في الحزب. أعلنت المنصوري وجود خطط لإعادة هيكلة اللجنة الوطنية للانتخابات، التي قاد أعمالها الحموتي لسنوات طويلة.
يحدث الأمر نفسه في الشمال الغربي، حيث جرت عملية تصفية واسعة لأعضائه على صعيد القيادة. أما عبد الرحيم بوعزة، الوجه الصاعد، فهو بالكاد يستطيع تغطية دائرته في شفشاون. لم تساعد التنحية السريعة للعربي المحارشي في توضيح هدف القيادة، فهذا الرجل الذي قاد الهيئة الوطنية للمنتخبين في حزبه، يعد وسيلة حيوية لفهم الطريقة البشرية التي تتحرك بها عملية الانتخابات. التخلص من وزير الخارجية الأسبق، محمد بنعيسى، لم يُستقبل أيضا بحفاوة. يتعين على القيادة الجماعية أن تشرح لأعضائها ما دفعها إلى تنفيذ أكبر عملية تسوية مع الأرض لواحدة من أبرز معاقل الحزب.
يشكل التخلي عن ركيزتين أساسيتين في إدارة العمليات الانتخابية داخل الحزب، مثل الحموتي والمحارشي، من دون وجود بدائل واضحة، تهديدا جديا لإمكانات الحزب مستقبلا.
لربما بقيت جهة مراكش أقل الجهات تعرضا للقلاقل في هذا الحزب. لكن، المسافة التي وضعها بينه وبين الحزب، هشام لمهاجري، النائب الرلماني ذو الشعبية الكبيرة في دائرة شيشاوة، ستحدث مشكلة حقيقية في هذه الجهة. شقيقه، عضو المجلس الوطني، تحدث بأسى في اجتماع السبت. كانت كلماته موحية بعدم الرضا. ما يزال الحزب غير مكترث بوضعية لمهاجري الذي أقيل من منصبه في البرلمان، وجُمدت عضويته إثر كيله انتقادات إلى الحكومة.
مع تآكل قوة الحزب، تضعف الموارد. كان سمير كودار واضحا في اجتماع المجلس الوطني. محيلا إلى أديب بنبراهيم، الذي جرى تغيير القانون الأساسي للحزب في فبراير الفائت، من أجل بقائه في المكتب السياسي باعتباره أمينا للمال، أشار رئيس قطب التنظيم، إلى صعوبات في تمويل كراء مقرات الحزب. لم تكن هذه المشكلة مطروحة في الماضي، فأعضاء الحزب لم يشتكوا يوما من عدم القدرة على تسديد مبلغ كراء مقر، لكنهم هذه المرة، فعلوا.
أنفق الحزب في الفترة الماضية (20202024) الكثير من الأموال في شراء المقرات. في المجمل، صرف 64 مليون درهم منذ 2020 على هذه العمليات، ويتعين عليه إعادة تسديد معظم هذه المبالغ إلى البنوك، فقد حصل على التمويل في شكل قروض. في المقابل، فإن موارد الحزب لا تغطي كل هذه النفقات. محاسب الحزب على اطلاع بالميزانية المتدهورة للحزب.
ينفي قادة الحزب أن يكون لكبار شخصياته الملاحقين على ذمة جرائم أو قضايا فساد مالي، صلة بالتمويلات التي يديرها. في فبراير، بالكاد نجح الحزب في تمويل ميزانية مؤتمره، وقد تدفقت معظم الأموال المتعلقة بهذه المناسبة من جيوب كبار أعضائه. بالرغم من أن هذه العملية اعتيادية، إلا أن الحزب لم يسبق أن جعلها علانية كما فعل هذه المرة.
«ينفي قادة الحزب أن يكون لكبار شخصياته الملاحقين على ذمة جرائم أو قضايا فساد مالي، صلة بالتمويلات التي يديرها».
يقتنع المنتخبون بأن حزب الأصالة والمعاصرة قد تغير؛ فهو يعاني من الوجهة التنظيمية، وغارق في أزمة مالية، ومن دون شك، ليس هناك من يعتقد بقدرته على توفير الحماية لأي كان كما ظلت سمعته تقول منذ 2009. من هذه الزاوية، ينظر المنتخبون إلى ميثاق الأخلاقيات باعتباره « زخرفة لكل هذه التحولات المؤلمة »، كما قال لنا قيادي سابق في الحزب. وماذا عن المكتب السياسي؟ هل التجديدات في أعضائه يمكنها التأثير في هذه التحولات؟
مكتب سياسي للموظفين
ما يتخوف منه المنتخبون الذين يشكلون العمود الفقري للحزب، هو بالضبط ما يعكسه المكتب السياسي. فالتجديدات التي تضمنتها قائمة المنسقة الوطنية للحزب لم تكن أيضا واضحة الملامح. في اجتماع المجلس الوطني السبت الفائت، رأت المنصوري أن تشكيل هذه القائمة القصيرة « كان أصعب من تشكيل مكتب جماعة محلية ».
12 عضوا، سينضافون إلى 18 آخرين يحتلون مقاعد المكتب السياسي بقوة الصفة التي يتحوزون عليها. قدمت المنصوري قائمة من 11 اسما، ثم وسط الارتباك الذي حدث خلال الاجتماع، بدأت بعض الأسماء تضاف هنا وهناك. نجوى كوكوس تقول إن حسن بنعدي، الأمين العام المؤقت للحزب في مرحلة التأسيس 20082009، عضو بالصفة في المكتب السياسي، بالرغم من أن القانون الأساسي للحزب لا يشير إلى ذلك. والمنصوري لاحقا، تتذكر أن محاسب الحزب عضو أيضا في المكتب بصفته هذه. القائمة التي بعثها المكلفون بالعلاقات مع الصحافة في الحزب إلى وسائل الإعلام بعد نهاية الاجتماع، أضيف إليها اسم أحمد اخشيشن بين الأشخاص الذين قدمتهم المنصوري في قائمتها، وأيضا بين الآخرين بصفته رئيس مركز التكوين الخاص بالحزب.
في الخلاصة، يتشكل المكتب السياسي من جهة، من حوالي 20 عضوا هم أنفسهم من كانوا أعضاء في المكتب السياسي السابق. بهذه العملية الحسابية، لم تشمل عملية التجديد سوى ثلث أعضائه. ولنفحص القائمة التي قدمتها المنسقة الوطنية. بشكل مبسط، فهي تضم في الغالب، الموظفين التابعين للحزب. فاطمة السعيدي، ملحقة بالبرلمان؛ سمير بلفقيه، موظف برتبة مدير تابع لوزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي الذي رشحه لهذا المنصب بعد ثلاث سنوات من تخليه عن الحزب؛ هشام عيروض، مدير السكنى في وزارة التعمير والسكنى وسياسة المدينة؛ فتيحة العيادي، عضو في ديوان يونس السكوري، وزير الشغل والإدماج الاقتصادي؛ إيمان عزيزو، عضو في ديوان وزيرة السكنى والتعمير؛ هدى لمغاري، موظفة بوزارة المالية حيث يشتغل زوجها وزيرا منتدبا في الميزانية.
كيف يمكن قراءة إغراق المكتب السياسي بموظفي الحزب؟ « بجعله مجرد ديكور »، كما يقول عضو بالمجلس الوطني. عدا هؤلاء، أعادت المنسقة الوطنية للحزب إلى المكتب السياسي كلا من يونس معمر، المدير السابق للمكتب الوطني للماء والكهرباء، وبالكاد لوحظ تأثيره في مرحلة المكتب السياسي السابق، ثم فاطمة السعيدي نفسها التي لا تملك سوى تأثير ضعيف في منطقتها، حيث كانت رئيسة لجماعة الحسيمة في الماضي.
بطريقة ما، نجحت المنصوري في إقناع أعضاء المجلس الوطني بالتصديق على إضافة أشخاص كانوا في حالة انقطاع طويلة عن الحزب مثل علي بلحاج الذي تضاءل دوره في جهته، في محاولة لتعويض الفراغ الذي تركه سجن بعيوي. كذلك الحال بالنسبة إلى فتيحة العيادي، التي كانت وصيفة لفؤاد عالي الهمة عندما ترشح لانتخابات 2007 في دائرة الرحامنة، حيث بدأت قصة هذا الحزب. هناك شكوك عميقة حول ما يمكن أن يضيفه هؤلاء للحزب في هذه الفترة.
«نجحت المنصوري في إقناع أعضاء المجلس الوطني على التصديق بإضافة أشخاص كانوا في حالة انقطاع طويلة عن الحزب»
يمثل المكتب السياسي مشكلة إضافية في قراءة القانون الأساسي للحزب، فالمادة 96 منه، تشير إلى أن المكتب السياسي يتكون من ثلاثين (30) عضوا على الأكثر ينتخبون بالاقتراع اللائحي بالأغلبية النسبية. ثم الأعضاء بالصفة، فالأربعة الآخرين الذين يعينهم الأمين العام أو القيادة الجماعية للحزب. ذهبت القيادة الحالية إلى اعتبار الأعضاء الثلاثين هو المجموع الكلي لتركيبة المكتب السياسي بغض النظر عن مصدره، سواء كان انتخابا أو صفات. يطرح هذا الاجتهاد تحديا؛ فأغلب الأعضاء بالصفة من الوزراء ورئيسي الفريقين ورؤساء الجهات، وهم حوالي 12 عضوا في المكتب، مصيرهم مرتبط بالانتخابات التي ستجرى بعد سنتين. إذا ما أخفق الحزب في الانتخابات، أو عاد للمعارضة، فإن مكتبه السياسي سيفقد حوالي نصف أعضائه دون إمكانية تعويض تلقائية إلا بعقد مجلس وطني. ثغرة واضحة في الممارسة العملية بهذا الحزب. لكن ليس هناك شيء عملي، أيضا، في مكتب سياسي يضم 45 عضوا.
التنظيم خيار ثانوي!
مثل ما يحدث عادة، تصيب المشاركة في الحكومة أحزابها بالترهل في التنظيم. ليس غريبا إذن أن يقع ذلك لحزب الأصالة والمعاصرة منذ مطلع عام 2022. كان عبد اللطيف وهبي، الأمين العام السابق (20202024) يعول على تجديد واسع لروابط الحزب: منظمة النساء، فالشباب، ثم الفروع المهنية. لم ينجح في ذلك تماما. باستثناء تشكيل منظمة النساء، لم تتقدم الأعمال الأولية في باقي الروابط سوى قليلا.
تخلص الحزب من صلته بالمنظمة الديمقراطية للشغل، وهي نقابة عمالية كان الأمين العام الأسبق، إلياس العماري، قد رتب لجعلها ذراعا للحزب، إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال. معتقدا أن هذه النقابة تثقل كاهل الحزب المتناقصة موارده، بأعباء إضافية، قرر وهبي قطع علاقة حزبه بها.
هل للقيادة الجديدة خطة لتجديد هذه المنظمات. في الكلمة التي ألقيت في اجتماع المجلس الوطني للحزب، تحدث صلاح الدين أبو الغالي باقتضاب في 90 كلمة فقط، عن ما هو مطلوب في هذا الخصوص من « كل المناضلات والمناضلين، قيادة جماعية، ووزراء، وبرلمانيين، ومنتخبين، وأطر إدارية وإعلامية ».
يطالب أبو الغالي بـ »تنزيل مشروعنا الفكري الاستراتيجي الواعد المتمثل في أكاديمية الفكر والتكوين، وإعادة بناء المؤسسة الوطنية للمنتخبين على أسس تواصلية أكثر فعالية وعصرنة ونجاعة خدمة لقضايا المنتخبين وتعزيزا لروابطهم الحزبية، وإعادة بناء منظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة، والإسراع بخلق تنظيمات موازية فاعلة وقادرة على مواكبة الاحترام الذي يلقاه الحزب داخل عدد من الأوساط الفكرية والمهنية والحرفية ».
في كلمة نجوى كوكوس، تكررت كلمة « التنظيم » 9 مرات، ولم تتضمن أي إضافات باستثناء الحديث عن « ندوة الجهات والأقاليم »، وهو جهاز يجتمع كل سنة بين القيادة الجماعية ورئيسة المجلس الوطني والأمناء الجهويين والإقليميين والمحليين ورؤساء التنظيمات الموازية وممثلي الفروع. في كلمة القيادة الجماعية تكررت الكلمة نفسها ثلاث مرات فقط.
يبدأ الحزب إعادة هيكلة فروعه بالجهات خلال هذا الصيف، متوقعا أن ينتهي من ذلك في شهر سبتمبر، وفق ما أعلن عنه كودار السبت. بعد ذلك، سيشرع في التحضير لانتخابات 2026.
«في كلمة نجوى كوكوس، تكررت كلمة « التنظيم » 9 مرات، وفي كلمة القيادة الجماعية تكررت الكلمة نفسها ثلاث مرات فقط».
هل يصح الاستنتاج بأن التنظيم قد لا يكون أولوية لدى القيادة الجديدة؟ من الصعب التكهن بذلك. في الندوة الصحفية التي تلت اجتماع المجلس الوطني، كانت الأجوبة الرئيسية تتعلق بانشغالات الحكومة… كما كان ذلك يحدث منذ 2022.
يوم السبت، جدد الحزب طموحه في أن يفوز بالانتخابات المقبلة، متجاوزا حليفه، التجمع الوطني للأحرار الساعي إلى تجديد ولايته. أعلن كودار عن هذا الطموح، لكن سرت غمغمة في الأرجاء حول ما إذا كان التفكير في ذلك في الوضعية القائمة، أمرا مناسبا.