حرية التعبير في فرنسا بين أباتي ولوفافر

قررت إذاعة RTL الفرنسية توقيف الإعلامي جون ميشال أباتي بعد أن صرح في إحدى الحصص بأن النازيين استلهموا همجيتهم مما قامت به فرنسا خلال استعمارها للجزائر.
أثارت تصريحات الإعلامي الشهير، مطلع الأسبوع، زوبعة في فرنسا، خاصة في أوساط اليمين واليمين المتطرف، بعد أن أكد أن فرنسا ارتكبت مئات المجازر مثل مجزرة قرية أورادور سور غلان في فرنسا، حيث أباد النازيون خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا يوم 10 جوان 1944، سكان البلدة وعددهم 643 شخصًا.
وتفاجأ مستمعو القناة الإذاعية صباح اليوم الأربعاء بغياب المعني عن الحصة الصباحية التي يشارك فيها، لتعلن إدارة RTL أنها قررت، كما صار يُقال في فرنسا، “La mise en retrait” بدلاً من توقيف.
وتعرض الصحفي لموجة من الانتقادات وحتى اتهامات بتلقي أموال من الجزائر، رغم أنه ذكر حقائق تاريخية موثقة في كتب مؤرخين فرنسيين.
ورفض أباتي سحب أقواله أو الاعتذار، ويواصل الرد على الحملة الشعواء التي يتعرض لها عبر حسابه في منصة “إكس”، فرد على سيناتور فاليري بوايي التي تأسفت لتأخر سلطة السمعي البصري في فرنسا في معاقبته، قائلاً: “السيناتور فاليري بوايي تتأسف أنه لم يتم اعتقالي، طردي، معاقبتي لأنني تطرقت إلى آلام وبشاعة الاستعمار الفرنسي في الجزائر. غريب؟”
وتتزامن قضية أباتي، الذي يتعرض لضغط ومطاردة، مع قضية أخرى تم إغفالها لأنها تكشف عن الكيل بمكيالين.، بطلتها متدخلة في قناة RMC تدعى باربارا لوفافر، التي نزلت ضيفة على قناة i24news الصهيونية وقالت: “لا يوجد أبرياء في غزة، فعدد من المدنيين شاركوا في عمليات 7 أكتوبر 2023. أنا مع خطة ترامب لتهجير هؤلاء إلى مكان آخر ليستعيدوا مقدراتهم العقلية.” التصريح يعد مساندة صريحة لعملية تطهير عرقي وتبريرًا لتقتيل المدنيين، غير أنها لا تزال تشارك في الحصة الصباحية للقناة التي اكتفت بإصدار بيان قالت فيه إن “أقوال المعنية لا تعبر عن الخط الافتتاحي للقناة”.
للإشارة، الحصة التي تشارك فيها هي نفسها التي كان فيها الجزائري مهدي غزار، أحد أعمدتها، والذي تم توقيفه مباشرة بعد تصريحاته لقناة “الجزائر الدولية” عن المغرب، والتي وصف فيها المغرب بـ “الدولة المارقة”.
فملخص القضية أن من تحدث عن حقائق تاريخية لا تحتمل النقاش يتم توقيفه، ومن أدلت بتصريحات من المفروض أن تجرها إلى أروقة القضاء تواصل الظهور.