حرب غزة ، ولبنان ، وجهود الوساطه
أمد/ منذ السابع من اكتوبر الماضي و اسرائيل تسير بوتيرة ثابتة نحو تدمير كل ما يقابلها دون ادنى حسابات للعالم من حولها او حقوق الإنسان او حرمة الدماء المقدسة .
حاول العالم بكل مؤسساته الدولية ايقاف اسرائيل في حربها على غزة غير أن هذا لم يفيد أمام الضوء الأخضر الأمريكي الذي ساعد اسرائيل على تحدي العالم أجمع والاستمرار في مجازر غزة ، و بكل صراحة أعلن اعادة احتلال غزة و عدم النية من الخروج منها ، ليس فقط المحاور الهامة مثل فيلاديلفيا و نتساريم بل اصبح احتلال كامل غزة واقع يعيشه الغزيين .
انهكت قوات المقاومة و لم يعد بمقدورها السير بذات الوتيرة للأيام الاولى للحرب ، لذلك ما ان خفضت اسرائيل من هجومها على القطاع حتى تنفست المقاومة الصعداء و قللت من هجومها المستمر منذ قرابة العام على قوات العدو الصهيوني .
دمرت غزة و انهكت و لم يبقى فيها حجر على حجر ، لينقل ناتنياهو اوراق اللعبة ويعيد توجيهها نحو الشمال مع حزب الله ، ويخفض من وتيرة المواجهة في غزة .
الحرب مع حزب الله و منذ تدخله في جبهة اسناد غزة تسير وفق قواعد معينة بحيث لا ينجر كلا من الحزب و اسرائيل الى حرب شاملة ، برغم ان ضربات اسرائيل في حدتها و تركيزها كانت اشد و اقوى من ضربات حزب الله ، غير ان حزب الله و من منطلق التزامه بقواعد اللعبة و عدم الانجرار الى حرب مفتوحة التزم مستوى معين من الهجوم ولم يتجاوزه حتى اليوم الا عند ضرب حيفا بالامس كرد على تفجير اجهزة البيجر و اغتيال 12 من قياداته دفعه واحدة .
لازالت اسرائيل تدك جنوب لبنان حتى هذه الساعة بكل قوة ، و حزب الله لم يعد لديه خيارات ليمسك العصا من المنتصف اما الرد بكل قوة و الوصول الى حرب شاملة مع الاحتلال ، او تقبل خسائره و التزامه بقواعد اللعبة التي بدأها منذ بداية الحرب !
يقف الآن الطرفان على حافة حرب شاملة ، و الموقف هنا يتحكم فيه مستوى رد حزب الله العسكري ، و عمق الهجمات الإسرائيلية في لبنان ، اضافة بالطبع لإستعداد كل من جبهة العراق و اليمن للإنخراط في الحرب في حال تحولت حرب لبنان الى حرب مفتوحة و شاملة .
ايران كعادتها تراجعت من خلال الموقف الرسمي ، لتطلق يد اذرعها على اسرائيل ، فهي لا تتورط ابدا في مواجهة مباشرة سواءا مع امريكا او اسرائيل ، بل تكتفي باللعب باوراق حزب الله اللبناني و مليشياتها في العراق و الحوثيين في اليمن ، و تراجع الموقف الايراني هذا شكل خيبة أمل لكل مؤيدي محاور المقاومة في الوطن العربي ، حيث ان ايران لم ترد على الانتهاكات الاسرائيلية التي اخترقت سيادتها و اكتفت بالصمت .
جهود الوساطه الامريكية المصرية القطرية بالنسبة لاسرائيل كانت استثمارا للوقت ، او مضيعة للوقت ايهما اقرب ، فاسرائيل قد حصلت بالفعل على ضوء اخضر امريكي لعملياتها العسكرية في الشمال و الجنوب ، و ما جهود الوساطة الا مرآه تعكس للشارع العربي و العالم ان هناك اطرافا بالعالم يسعون لايجاد حل دبلوماسي لايقاف الحرب ، و لكن سرعان مانتهت هذه الآمال بعد اعلان ادارة بايدن ان لا اتفاق في ظل الادارة الحالية للولايات المتحدة امريكية .
اما في حرب لبنان التي تعد على حافة حرب شاملة ، فأمريكا تضغط بكل قوتها لعدم الوصول الى حرب شاملة خشية خروج الأمور عن السيطرة لا سيما ان اسرائيل لا عقل يحكمها بل الجنون بعينه والقوة العمياء المفرطة !
في النهاية اسرائيل تسير وفق خطة هوجاء ، ولا اعتقد انها لها بعد استراتيجي من كافة الحروب التي تخوضها ، حيث حتما ستعود صفر اليدين ، و امريكا تحاول قدر المستطاع كبح جماحها ، ولكن الوقت قد نفذ بالنسبة للادارة الامريكية الحالية ، والتعويل كل التعويل على الادارة القادمة التي غالبا ما ستكون بقيادة ترامب .