أمد/ تَعالَ بلُطفٍ،

أيُّها الموتُ،

حينَ تُلَوِّحُ لي

من وراءِ الغروبِ الأخيرْ.

تَعالَ كمطرٍ خفيفٍ

يُبَلِّلُ صدرَ الترابِ،

ويَمضي.

تَعالَ كطيفٍ

يُدلّي يَدَيْهِ على كتفيَّ،

ولا يَخدشُ النبضَ في القلبِ،

ولا يُرهِقُ الروحَ بالعاصفاتِ الكِبارْ.

تَعالَ كمَن كانَ يَعرِفُني

حينَ كنتُ صغيراً،

يَضحكُ مِثلي،

ويَبكي إذا خِفتُ من ظُلمةِ الليلِ،

أو من صَدى البابِ إنْ فُتِحَ فجأةً

في غيابِ النَّهارْ.

تَعالَ — ولكنْ —

بوجهٍ يُضيءُ كوجهِ الملائكةِ النائمينْ،

وبهمسٍ يُعَلِّمُ هذا الجسدْ

كيفَ يَخلعُهُ.. دونَ وَجَعٍ،

ودونَ بُكاءٍ

يُبَلِّلُ خَدَّ الحياةْ.

تَعالَ،

وكُنْ لي صَديقاً أخيراً،

نُحاكي السُّكونَ قليلاً،

نَلعَبُ بالذِّكرياتِ،

ونَرمي بها

فوقَ ماءِ السَّماواتِ.

ثُمَّ نَعودُ سويّاً

إلى حيثُ لا وَجَعٌ،

ولا فِراقٌ،

ولا انكسارْ.

تَعالَ،

فقد آنَ أن أستريحَ قليلاً،

من الهرولةِ،

من سؤالِ الغدِ المُتعبِ،

من زِحامِ الدقائقِ

في ساعةِ العيشِ،

والسائرينَ إلى لا مَفَرّْ.

أنا لمْ أَعِشْ خائفاً منك،

لكنَّني كنتُ أَرغَبُ

لو جِئتَ — مِثلي — تُحِبُّ الزُّهورْ،

تُصافِحُ أطفالَ هذا المَساءِ،

وتَجلِسُ قُربَ العَجوزِ

التي لا تزالُ تُنادي الغيابَ

بأسماءِ مَن رَحَلوا ذاتَ فَجرْ.

تَعالَ،

ولا تُشعِلِ الرِّيحَ في نافِذاتي،

فبي ما يَكفيني من بَردِ هذا السُّؤالْ:

متى؟

كنتُ أعلَمُ أنَّكَ آتٍ،

لكنَّني رَجَوتُكَ أن تختارَ يوماً

يكونُ كالعيدِ،

أو كابتسامةِ أُمّي

إذا ما رَأَتني أعودْ.

شاركها.