تقرير: 15 ألف غائب..المفقودون جرح غزة المفتوح

أمد/ غزة تقرير حنان شبات: في غزة، الموت لا يأتي دائمًا بصوت القصف، أحيانًا يأتي على هيئة صمت طويل، غياب، ونداء دون استجابة. أكثر من 15 ألف إنسان فُقد أثرهم منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، وفق المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا، رقم ليس مجرد إحصائية، بل وجع حيّ تعيشه آلاف العائلات، التي لا تعرف إن كانت ستجد أبناءها تحت الركام، أو على لائحة الأسرى، أو في قوائم الشهداء المجهولين.
البيوت التي كانت تحمل صور الأحبّة، هُدمت، لم تبقَ جدران لتعليق صور الغائبين، ولا مجالس للعزاء، ولا حتى يقين للمصاب. يتنقّل الأهالي بين المستشفيات، المقابر الجماعية، الصور المنشورة، وصفحات التواصل الاجتماعي، لعلّ صورة أو معلومة تنهي هذا الانتظار المعلّق.
وإن كان المفقود طفلاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالألم يتضاعف. وإن كان أبًا لأسرة، أو معيلًا وحيدًا، فالفقد يتحول إلى انهيار اقتصادي واجتماعي يهدد بقاء العائلة بأكملها.
رغم هذا الجرح المفتوح، ما زال بالإمكان العمل على هذا الملف، حتى وسط الحرب، بآليات إنسانية ووطنية حقيقية.
يمكن معالجة هذا الملف الشائك عبر خطوات قد تساهم في تخفيف المأساة وانقاذ ما يمكن انقاذه، منها:
1. تفعيل غرفة عمليات وطنية للمفقودين
تعمل على تلقي البلاغات، توثيق الحالات، وربط المعلومات بين الميدان، المستشفيات، والمراكز الطبية.
2. التنسيق مع المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر
لمتابعة احتمالات الأسر والنقل القسري من غزة، ومطالبة الاحتلال بكشف مصير من تم احتجازهم.
3. توحيد قواعد البيانات إلكترونيًا
بإنشاء سجل مركزي يضم كل البلاغات، والصور، والشهادات، لتقاطع المعلومات والوصول إلى نتائج أكثر دقة.
4. إطلاق حملات توثيق مجتمعية
بمشاركة الشهود والناجين وعائلات المفقودين لتجميع شهادات دقيقة قد تكون مفتاحًا للحقيقة.
5. توثيق جثامين الشهداء المجهولين
عبر أرشيف مصور وسجل طبي لحفظ الحق في المطابقة لاحقًا.
6. توفير دعم مالي ونفسي واجتماعي للعائلات
لأن الانتظار القاسي يتجاوز طاقة البشر، والدعم في هذه المرحلة ضرورة قصوى.
المفقودون ليسوا مجرد أرقام، بل قلوب تنتظر، وأسماء يجب أن تُحفظ.
15 ألف غائب عن الصورة، عن الذاكرة الرسمية. وبينما الحرب مستمرة، لا بد من توثيق ما يمكن، وإنقاذ ما تبقى من خيوط الحقيقة.
لا نملك رفاهية النسيان. المفقودون ليسوا في الخلفية، إنهم في صلب معركتنا من أجل العدالة والكرامة والحق في الحياة.