اخر الاخبار

تقرير: عقد ثلاثة لقاءات مباشرة بين إسرائيليين وسوريين في أبو ظبي

أمد/ تل أبيب: قال مسؤول إسرائيلي إنه تلقى تقريرا حول محادثات شارك فيها أكاديميان إسرائيليان لهما خلفية أمنية وثلاثة مقربين من الرئيس السوري، أحمد الشرع، وأنه عُقدت حتى الآن ثلاثة لقاءات كهذه في منزل خاص لأحد المسؤولين الإماراتيين البارزين في أبو ظبي، حسبما نقلت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم الجمعة.

وأضافت الصحيفة أن الإسرائيليين والسوريين لم يجلسوا في غرف منفصلة وإنما جلسوا حول طاولة واحدة “عليها تضييفات غنية، وفيما تعمد المضيفون إضفاء أجواء مريحة”.

وحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن “الإماراتيين صبورين، ولديهم رؤية للمدى البعيد، ولديهم خبرة مثبتة كوسطاء”، ووصف اللقاء بأنه “محادثات استكشافية غير ملزمة”، وأشار إلى أن “كل طرف قدم تقريرا لقيادته”.

وتابعت الصحيفة أن الجانب السوري في هذه اللقاء عبر عن استياء من العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي السورية ومن احتلال “تسع تلال” ترفض إسرائيل الانسحاب منها، وأن السوريين طلبوا أن تسمح إسرائيل للرئيس السوري بأن يعمل من أجل “استقرار نظام داخلي جديد في سورية”، وعبروا عن استيائهم من الوضع الاقتصادي الصعب.

واقتبس الوفد السوري، خلال اللقاء الأخير، أقوال الشرع بأنه لا توجد مصلحة لسورية في المبادرة إلى مواجهة مع جاراتها، ولا مع إسرائيل، حسب الصحيفة.

ويلتفتون في إسرائيل، وفقا للصحيفة، إلى أنه خلافا لسلفه في الحكم، بشار الأسد، فإن الشرع يتطرق في تصريحاته إلى “دولة إسرائيل” وليس إلى “الكيان الصهيوني”.

وأضافت الصحيفة أن وزارة الخارجية التي يتولاها عبد الله بن زايد، ومستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، وهما شقيقا رئيس الإمارات، محمد بن زايد، هما اللذان بادرا إلى اللقاءات بين الإسرائيليين والسوريين.

وتابعت أن الإماراتيين حاولوا التوسط بين الأسد وإسرائيل، وأنه بعد عدة لقاءات أبلغ الإسرائيليون والسوريون الإماراتيين بأنه “لم يعد هناك سببا حقيقيا يبرر استمرار المحادثات”.

وبدأت جولة المحادثات الحالية في أعقاب زيارة الشرع لأبو ظبي، في 13 نيسان/أبريل الماضي، ويركز فيها الجانبان على مواضيع أمنية بالأساس، وفيما يشدد الجانب السوري خلالها على أنه “طردنا الإيرانيين” من سورية، حسب الصحيفة الإسرائيلية.

وتابعت الصحيفة أن الجانبين يعتزمان مواصلة المحادثات والانتقال إلى مواضيع اقتصادية، ومقترحات إسرائيلية حول تزويد سورية بخبرات طبية، ودعوة طلاب جامعات لدورات استكمال طبية، ومواضيع أخرى “تقلق الحكم والسكان في سورية”.

وفي موازاة هذه المحادثات في أبو ظبي، جرت “اتصالات أولية” بين خبراء إسرائيليين وخبراء اقتصاد وأمن ومستشارين للشرع ووزير الخارجية السوري، وجرت هذه الاتصالات مؤخرا في مؤتمرين عُقدا في أوروبا، “وفي أحدهما عانق أعضاء الوفد السوري وأظهروا معاملة دافئة تجاه الإسرائيليين”، حسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أعضاء الوفد السوري الستة، حصلوا على مصادقة رسمية في دمشق للمشاركة في اللقاء، وقدموا صورة لوضع صعب في سورية، وطالبوا الإسرائيليين بأن “دعوا الرئيس الجديد وطاقمه يعملون واكتشفوا أن وجهته نحو سلام مع جميع الجيران وبضمنهم إسرائيل”.

ونقلت الصحيفة عن أحد أعضاء الوفد السوري قوله إنه “حقيقة أننا طردنا الإيرانيين من الأراضي السورية وأننا لن نسمح لهم بالعودة لا تتحدث عن نفسها فقط، وإنما توجه رسالة واضحة لإسرائيل حول مواقف الحكم السوري الجديد”.

وطرح الوفد الإسرائيلي خلال اللقاء الأخير في أبو ظبي موضوع الطائفة الدرزية في سورية، واعتبر أنه “لن نسمح بالمس بأبناء الطائفة الذين هم إخوتنا في الدم”. وحسب الصحيفة، فإنه في أعقاب أحد اللقاءات في أبو ظبي، صرح الشرع أن “سورية لا تعتزم أن تشكل تهديدا على أي من جاراتها، وبضمنها إسرائيل”.

ونقلت الصحيفة عن أعضاء الجانب الإسرائيلي قولهم إن “هذا تصريح إيجابي بالتأكيد، لكن هذا التصريح ليس كافيا”.

لقاء مباشر بين الشرع ومسولين إسرائيليين

بهدوء، وبعيداً عن الأضواء، تجري اتصالات بين إسرائيل وسوريا. ولعل اللقاء الذي عقد في أبو ظبي في 13 أبريل/نيسان الماضي، بمشاركة الرئيس السوري الجولاني ومسؤولين كبار سابقين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، يشكل نقطة تحول في العلاقات المضطربة بين البلدين. ولكن هل هذا إنجاز حقيقي أم مجرد خطوة تكتيكية؟

وفقا لصحيفة معاريف العبرية يقول العقيد (احتياط) الدكتور جاك نيريا ، المستشار السياسي السابق لإسحاق رابين والباحث الكبير في مركز القدس: “هناك تقارب نادر في المصالح، في رأيي، بين سوريا وإسرائيل بشأن القضية الأمنية”. 

يخشى الجولاني من ارتباط إسرائيل بالدروز والأكراد، وقد يُقوّض حكمه ويُفكّك نظامه. من جهة أخرى، لا ترغب إسرائيل في وصول الجهاديين والميليشيات إلى المنطقة الحدودية إطلاقًا.

وبحسب قوله، قد يكون مفتاح التقدم “تسوية صامتة، من مبادئها أن يكون لإسرائيل الحق في التدخل لمنع أي دخول لميليشيا معادية إلى مرتفعات الجولان. من جهة أخرى، التزام من النظام السوري بعدم إيذاء الدروز أو الأكراد، وعندها يمكننا التعايش مع هذا الأمر”.

وكان أحد المواضيع الرئيسية في المحادثات هو الترتيبات الأمنية في منطقة جبل الشيخ السورية. يؤكد نيريا على أهميته الاستراتيجية: “جبل الشيخ، لنقل ذلك بهذه الطريقة، كان ولا يزال يُعتبر عيون وآذان الدولة… إنه موقع استراتيجي يسمح بالسيطرة، ولنقل، نقطة مراقبة هائلة باتجاه الوادي، وجنوبًا باتجاه الوادي، وشمالًا باتجاه دمشق”.

ولكنه يلمح إلى إمكانية حدوث تغييرات مستقبلية: “إذا افترضنا أننا مقتنعون بأن النظام السوري صادق في نواياه تجاه إسرائيل، وأنه ليس ما يسمى بالذئب المتخفي في صورة خروف، فإننا نستطيع أن نصل إلى حالة من النقاش المتجدد بشأن الترتيبات الأمنية على طول الحدود، وكل قضية تتعلق بالمنطقة العازلة، وتحديد أمور جديدة في السنوات الخمسين المقبلة”.

وفي أعقاب المحادثات، وردت أنباء عن اعتقال ناشطين من الجهاد الإسلامي في سوريا، لكن نيريا يعتقد أن هذا لا ينبغي بالضرورة أن يُنظر إليه على أنه لفتة إلى إسرائيل. لدى الجولاني أعداء داخليون يحاربهم بكل بساطة. حزب الله، وحماس، والإيرانيون، وبالطبع الجهاد الإسلامي. وهو ينشط في هذه القضية لأنه يريد إرساء النظام. وبحسب قوله، “النظام في سوريا الآن غائب لأنه يسيطر على ما يقارب عشرين جماعة جهادية، جزء كبير منها لم يستسلم لسلطته. لذا، عليه أن يقاتل في المقام الأول من أجل بقائه، من أجل الذاكرة قصيرة الأمد لنظامه”.

هل تخاطر إسرائيل بحقيقة إجراء محادثات مع سوريا؟ نيريا مُصرّ: “لا أعتقد ذلك. من تجربتي في هذه الأمور، أتذكر رابين، قال لي إنه إذا أردنا الوصول إلى السلام، وتحقيقه، فنحن على استعداد للقاء الشيطان. لذا علينا أن نجرب كل شيء”. ومن منظور استراتيجي أوسع، يرى نيريا أن سوريا تشكل ركيزة أساسية: “إن قضية سوريا مهمة للغاية، لأنه في المعادلة الاستراتيجية حول إسرائيل هناك إمكانية لإنشاء محور مختلف، محور عازل للمحور الإيراني يبدأ من لبنان وسوريا ويستمر إلى العراق، إلى الجنوب، إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج”.

لكن إسرائيل، مثل الولايات المتحدة، تظل حذرة: “يريد الأميركيون أن يروا قبل أن يلتزموا بتخفيف العقوبات التي تشكل ضرورة أساسية لبقاء النظام”. وفي نهاية المطاف، فإن الاختبار سيكون في الأفعال، وليس في الأقوال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *