أمد/ تل أبيب: بعد أيام من الهجوم، لا تزال قطر تلتزم الصمت حيال مصير قادة حماس.

وكشفت مصادر خليجية: “إنهم في مجمع آمن بلا هواتف، ويُمنع التحدث مع أي شخص في الخارج”. وفقا لصحيفة يديعوت أحرنوت العبرية.

في الوقت نفسه، تُشدّد مصر الحراسة على القيادي في الجهاد، زياد النخالة، والمفرج عنهم في صفقات، والذين يقيمون في القاهرة، مُوجّهةً بذلك رسالة تهديد إلى إسرائيل.

وفقا للصحيفة فقد زعمت مصادر فلسطينية أن “المعادلة تغيرت: لم تعد مصر مجرد وسيط، بل حامية للمقاومة”.

وتابعت: “دفع الهجوم الإسرائيلي الفاشل على مقر حماس في الدوحة مصر إلى اتخاذ إجراءات أمنية غير مسبوقة حول كبار المسؤولين الفلسطينيين في القاهرة، بمن فيهم المفرج عنهم في صفقات تبادل أسرى سابقة”.

وعززت أجهزة المخابرات المصرية في الأيام الأخيرة منظومة الدفاع حول كبار مسؤولي حماس والجهاد  المقيمين في البلاد. من بين الأسماء البارزة: الأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة، ومعه فلسطينيون أُفرج عنهم في صفقات تبادل أسرى واستقبلتهم مصر ضمن ترتيبات إقامة خاصة.

وفقًا لمصادر فلسطينية تحدثت لموقع يديعوت، نقلت المخابرات المصرية رسالة واضحة إلى تل أبيب وواشنطن مفادها أن أي محاولة لاستهداف القادة الفلسطينيين على الأراضي المصرية بشكل مباشر أو غير مباشر ستكون لها “عواقب وخيمة للغاية في الشرق الأوسط”.

وقالت الصحيفة: “واعتُبرت هذه الرسالة بمثابة إعلان شبه علني، مفاده أن القاهرة ليست مستعدة لتكون ساحةً مناسبةً لعمليات الاغتيال، بل على العكس، ملاذًا آمنًا لقادة التنظيمات الإرهابية. ووفقًا للمصادر نفسها، يُعد هذا احتضانًا غير مسبوق يتضمن أيضًا دعمًا للسلطة الفلسطينية”.

وزعمت “لا يقتصر الاحتضان المصري على حركة الجهاد. فقد نقلت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنشطتها إلى القاهرة، ويتواجد قادتها في المدينة تحت حماية مباشرة من ضباط المخابرات”.

وقالت: “يُمثل هذا الانتقال تحولاً جذرياً في سياسة القاهرة: من وسيط محايد نسبياً، إلى حاضنة رسمية للعناصر الإرهابية الفلسطينية، مع توفير مظلة أمنية تُذكر بالمظلة التي كانت تُمارس سابقاً في دمشق وطهران”.

زياد النخالة

زياد نخالة، 72 عامًا، من مواليد خان يونس، يُعتبر حاليًا من أبرز الشخصيات وأكثرها تأثيرًا في الساحة الفلسطينية.

شغل منصب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي منذ عام 2018، عقب وفاة سلفه رمضان شلح.

اعتقلته إسرائيل عام 1971 وحُكم عليه بالسجن المؤبد على خلفية نشاطه في إطار جبهة التحرير العربية.

في عام 1985، أُطلق سراحه في صفقة جبريل مع أكثر من 1100 سجين أمني، ومنذ ذلك الحين كُلّف من قبل فتحي الشقاقي بتأسيس الجناح العسكري للحركة، “سرايا القدس”.

في عام ١٩٨٨، أُلقي القبض على نخالة مجددًا لدوره في قيادة الانتفاضة الأولى، وفي أغسطس من ذلك العام، رُحِّل إلى لبنان مع شخصيات بارزة أخرى في الحركة، حيث وطّد علاقاته مع إيران وحزب الله، وأصبح أحد مهندسي التحالف الاستراتيجي بين طهران والتنظيمات الفلسطينية. ك

ما يحافظ النخالة على علاقات وثيقة مع حماس، ولكنه يحرص على الحفاظ على هوية تنظيمية مستقلة وسياسة أكثر حزمًا تجاه إسرائيل.

من وجهة نظر إسرائيل، يُصنَّف النخالة حاليًا ثالث أكبر هدف للاغتيال بعد كبار قادة حماس.

كما تُصنِّفه الولايات المتحدة بأنه “إرهابي عالمي كبير”، بل إن وزارة الخزانة الأمريكية عرضت مكافأة بملايين الدولارات لمن يُدلي بمعلومات تُفضي إلى القبض عليه.

وبحسب مصادر فلسطينية فإن الرعاية التي تمنحها مصر لنخالة والمنظمات الفلسطينية العليا ترسل رسالة مزدوجة: إلى إسرائيل والولايات المتحدة بأن المعادلة تغيرت، وأي مساس بالأراضي المصرية سيعتبر انتهاكا خطيرا للسيادة؛ وإلى الفلسطينيين بأن مصر لم تعد مجرد وسيط، بل دولة حامية توفر مظلة أمنية لكبار قادة المقاومة.

في هذه الأثناء، وحتى بعد أيام عديدة من الهجوم على العاصمة القطرية الدوحة في محاولة لقطع رأس قيادة حماس في الخارج، وهو الهجوم الذي يُعتقد أنه فشل، لا يزال من غير الواضح ما الذي حدث بالضبط للشخصيات البارزة، وأبرزها زعيم حماس خليل الحية، الذي استشهد ابنه وزعمت حماس أنه نجا هو نفسه لكنها لم تنشر أي صور له.

لا تزال قطر نفسها تلتزم الصمت بشأن مصير كبار مسؤولي حماس، الذين كشف رونين بيرغمان الأسبوع الماضي أنهم على الأرجح لم يكونوا موجودين في المبنى الذي تعرض للهجوم.

هذا الصباح، نشر بيرغمان في موقعي Ynet وYediot Ahronoth أن مصدرين خليجيين مطلعين على ما يحدث في الدوحة أكدا أن القطريين يفرضون أعلى مستوى من الحماية الأمنية والمعلوماتية على القضية برمتها، بما في ذلك الضحايا أو أي شخص كان بالقرب من موقع الهجوم الذي دمر جزءًا من مجمع مكاتب حماس.

أما بالنسبة لقيادة التنظيم، الهدف الأصلي للتفجير، فتقول المصادر إنهم جميعاً موجودون في الدوحة، في مجمع قطري آمن، بلا هواتف أو أي أجهزة إرسال أخرى، وممنوع عليهم التحدث مع أي شخص خارج المجمع.

رغم أنه لا يبدو أن الهجوم على قطر قد حقق الهدف المنشود، وهو اغتيال قيادات حماس العليا، إلا أن إسرائيل لا تزال تمتنع عن وصفه صراحةً بالفشل، ولا تزال تحاول فهم عواقبه على جهود التوصل إلى اتفاق .

حتى بعد لقاء رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك السبت، واجهت إسرائيل صعوبة في فهم خارطة الطريق الجديدة لجميع الأطراف، وإذا تراجعت قطر عن مفاوضات التوصل إلى اتفاق، فسيتم ردعها أو ستدرك أن هذه فرصة جديدة يجب استغلالها ضد إسرائيل وحماس.

قد يؤدي استغلال الأزمة مع قطر إلى احتمال آخر: اختيار إسرائيل لمصر وسيطًا رئيسيًا مع حماس للتوصل إلى اتفاق، كما أوصى مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) مرارًا وتكرارًا، نظرًا لدعم قطر المستمر لحماس وتمويلها طويل الأمد للحركة.

وصرح الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية: “أثارت الخطوة في الدوحة ضجة، ويمكننا، إن أردنا، استغلالها لصالحنا. في غضون أسبوع، سنعرف ما إذا كان مسارنا جيدًا أم سيئًا”.

وتأمل مؤسسة الجيش أن تتضح الصورة أكثر بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لإسرائيل يوم الأحد.

ألمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنفسه الليلة الماضية إلى أن إسرائيل لم تتخلَّ عن هدفها المتمثل في القضاء على قيادة حماس، بغض النظر عن مكان اختباء كبار قادة الحركة.

وكتب على حسابه على شبكة X باللغة الإنجليزية: “إنهم لا يكترثون لشعب غزة. لقد عرقلوا جميع محاولات وقف إطلاق النار لإطالة أمد الحرب إلى أجل غير مسمى”.

وأضاف: “التخلص منهم سيزيل العقبة الرئيسية أمام تحرير الرهائن وإنهاء الحرب”.

شاركها.