تقرير رسمي يحرج “الكاف” وبركان
مجرد وقوف الجزائر، باتحاديتها وناديها اتحاد الجزائر، في وجه “الكاف” ومن يتخذ قرارات غير قانونية باسمها، أخلط حسابات الهيئة القارية الإفريقية، وقد وجدت نفسها، على حين غفلة، في موقع دفاع، تضرب الكرة في كل الاتجاهات، في محاولة لإضاعة الوقت، حتى لا تتلقى “ضربة” السقوط الوشيكة، أمام هجمات “الفريق” الجزائري، الذي سيجعل حتما إفريقيا تنتفض ضد النزعة الاستعمارية والاستعبادية والاستبدادية للمغرب.
قضية قمصان الخريطة المزيفة لنادي نهضة بركان المغربي، وهو يستغل كرة القدم في إفريقيا لدعاية كاذبة في اغتصاب الأراضي الصحراوية، أضحت نقطة بداية لاستفاقة الأفارقة من غيبوبة مبرمجة، كون ذلك الإجماع القسري لـ”الكاف” على قرارات غير قانونية وذات بعد سياسي ماكر، قد خطا خطوات جديدة نحو التلاشي، بشكل يفضح الممارسات المغربية على مستوى الهيئة الكروية القارية، وقد كانت البداية باكتشاف إفريقيا والعالم لعنصرية المغرب خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة، وما قام به المدرب وليد الركراكي مع نجم منتخب الكونغو الديمقراطية، ثم انتفاضة فوزي لقجع بعد صدمة الإقصاء المبكر من “الكان” أمام منتخب رئيس “الكاف” نفسه، وهو منتخب جنوب إفريقيا، وصولا إلى تعالي الحكم المغربي رضوان جيد على إدارة المباراة الترتيبية للمنافسة.
وحتى وإن كان المغرب يحرص على إعادة إحكام قبضته على “الكاف” منذ ذلك الوقت، إلا أن الفضائح التي يثيرها باسم الهيئة في كل مرة، جعلت خطوات التنصل من ممارساته تزداد تسارعا، ويتبعها جمع من الأفارقة على اختلاف مناصب مسؤوليتهم في “الكاف”، بدليل أن المنسق العام مادي ديالو، وهو من مالي، أحرج المتواطئين مع المغرب في “الكاف”، بتقرير واضح و”لا غبار عليه”، يشيد فيه بالجانب التنظيمي المحكم الذي وقف عليه في الجزائر خلال موعد مباراة ذهاب نصف نهائي كأس “الكاف” بين اتحاد الجزائر ونهضة بركان والتي قاطعها دون سبب الفريق المغربي.
وكتب المنسق العام في تقريره لـ”الكاف”: “كل الظروف الأمنية كانت متوفرة في الجزائر من أجل برمجة المباراة بين الفريقين”، وهي شهادة غلقت كل المنافذ أمام عدد من الرسميين في “الكاف” وعلى نادي نهضة بركان والاتحادية المغربية، للقول زورا بأن ثمة انزلاقات أمنية، بدليل أن الجماهير نفسها، وعلى الرغم من مقاطعة نهضة بركان للمباراة، قدموا أفضل وأجمل المشاهد على الإطلاق من المدرجات.
وأمام ارتقاء التنظيم الجزائري لأعلى المستويات والاستقبال اللائق للرسميين ولوفد الفريق الزائر رغم استفزازاته في مطار هواري بومدين الدولي بالجزائر العاصمة، وأمام تعامل الطرف الجزائري، في قضية الخريطة المزيفة، بالقانون مع “الكاف” وبركان، واتباع “الفاف” واتحاد الجزائر ببرودة أعصاب وباحترافية للإجراءات الإدارية والقانونية لتعرية المتواطئين في قضية الدوس على قوانين “الكاف” واستغلال الكرة الإفريقية لأغراض سياسية، جاءت ردة فعل المغرب لتكشف درجة التخبط التي يتواجد عليها، بعدما أصبح للفضيحة أبعادا دولية غير مسبوقة، كشفت بالدليل والحجة تلك النزعة الاستعمارية التي تغذي النفس المغربية.
وأمام غياب الحجة والدليل في قضية الخريطة المزيفة التي تمت إحالتها من الطرف الجزائري على “تاس” لوزان، تشبث المغرب بالهيئة القارية التي أحكم قبضته عليها، وراح يشتكي “الفاف” واتحاد الجزائر على مستواها بداعي تعرض نادي نهضة بركان لمضايقات في الجزائر وحجز قمصان لاعبيه، وراح يقول إن “الفاف” واتحاد الجزائر بغرض تسييس القضية، وهي الحجج التي وظفها نادي فوزي لقجع عضو مجلس “الفيفا” والمكتب التنفيذي لـ”الكاف” لطلب إحالة القضية على لجنة انضباط “الكاف” لفرض عقوبات إضافية على “الفاف” واتحاد الجزائر علاوة على العقوبات المحتملة المنصوص عليها في قانون العقوبات بسبب عدم لعب المباراة، بينما غفل الطرف المغربي على أن مجرد اتهام الجزائر بتسييس القضية رغم أن سند “الفاف” هو قانوني بحت، يعتبر اعترافا مغربيا صريحا بنيته المبيتة في تسييس كرة القدم الإفريقية.
وما يبرز أكثر تخبط “الكاف” والطرف المغربي بعد التصعيد الجزائري ورفع القضية إلى “تاس” لوزان، وهي خطوة تعتبر صفعة غير مسبوقة وغير منتظرة من طرف من يدوسون على الهيئة الكروية القارية بالأقدام منذ زمان، محاولة هيئات “الكاف” افتعال العقبات للطرف الجزائري لرفض القضايا المتتالية من حيث الشكل.
وبعدما غفلت “الكاف”، في قضية “الفاف” ثم القضية الأولى لاتحاد الجزائر، على ضرورة تسديد 3 آلاف دولار من أجل قبول دراسة الشكوى المودعة على مستوى لجنة الاستئناف ضد قرار لجنة المسابقات، فإنها حرصت، في قضية مباراة الإياب، على مطالبة اتحاد الجزائر بتسديد 3 آلاف دولار لقبول الشكوى المودعة ضد لجنة المسابقات التي أعلنت اتحاد الجزائر خاسرا على البساط لعدم إجرائه للمباراة بالمغرب وإعلان إقصائه وإحالة ملف مرة ثانية على لجنة الانضباط لفرض عقوبات أخرى محتملة.
وعلى اعتبار أن المرور على لجنة الانضباط شرط للجوء بعدها إلى “التاس” في حال عدم الاقتناع بالقرار، فإن إتحاد الجزائر رد أمس على مراسلة “الكاف”، مؤكدا بأنه سيسدد المبلغ، مقترحا أيضا إمكانية خصم المبلغ المستحق من حقوقه المالية المستحقة نظير مشاركته في المنافسة القارية.
ومن باب الاحتياط، طلب نادي اتحاد الجزائر من “الفاف” تسديد المبلغ بدلا عنه وفي أسرع وقت لغلق كل المنافذ على “الكاف” لرفض الشكوى، وهو طلب وافق عليه الرئيس وليد صادي، حيث راسلت “الفاف” رسميا الهيئة الكروية القارية مؤكدة بأنها ستسدد قيمة 3 آلف دولار أمريكي بدلا عن اتحاد الجزائر حتى يتم برمجة الشكوى رسميا للدراسة على مستوى لجنة استئناف “الكاف” واتخاذ قرار بشأنها.
ورغم أن ما يهم اتحاد الجزائر هو الشكوى المتعلقة بمباراة الذهاب كون مقاطعة نادي نهضة بركان لها في غياب الظرف القاهر بالدليل، يسقط مباراة الإياب ويجعل برمجتها غير قانوني، إلا أن السير في قضية الإياب في نهج صحيح، هو في حد ذاته ضربة للهيئة الكروية القارية التي تجتهد بالضرب تحت الحزام لمنع وصول قضايا أخرى من الطرف الجزائري إلى “التاس”، لتضمن عدم خروج سلطة القرار النهائي عن سيطرتها، كون واقع الأحداث الذي فرضه الطرف الجزائري يقدم مؤشرات قوية على أن فضيحة “الكاف” والمغرب ستتحول إلى سابقة ومرجع، بقرار من “تاس” لوزان، فيما يتعلق بثبوت تهم التلاعب بالقانون واستغلال كرة القدم لأغراض سياسية بما يتعارض مع لوائح “الكاف” و”الفيفا” والقانون الدولي والميثاق الأولمبي وقوانين كل المسابقات الكروية.