أمد/ لندن: في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل تراجعاً غير مسبوق في شعبيتها داخل العالم العربي بسبب حرب غزة وما خلفته من توترات سياسية وإعلامية، تشهد صادراتها الدفاعية ازدهاراً ملحوظاً، خصوصاً نحو دول عربية وإسلامية تسعى إلى تحديث ترساناتها العسكرية وتعزيز دفاعاتها الجوية. ورغم الأجواء السياسية المعقدة، تتحول الصناعات العسكرية الإسرائيلية إلى رافعة تعاون أمني غير معلن بين تل أبيب وعدد من العواصم العربية. حسب صحيفة الإكومينست.

شراكة جديدة: تصنيع سلاح إسرائيلي داخل دولة عربية

أعلنت السلطات المغربية في 14 نوفمبر عن إقامة منشأة لإنتاج طائرات مسيّرة هجومية صغيرة ضمن جهود المملكة لمواكبة تطور الحروب الحديثة. المفاجأة لم تكن في المشروع نفسه، بل في هوية الشريك الصناعي: شركة فرعية تابعة لـ الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI).
ويمثل هذا المشروع أول مرة تُصنَّع فيها منظومة سلاح إسرائيلية داخل دولة عربية، ما يعكس مستوى غير مسبوق من التنسيق العسكري بين الجانبين منذ توقيع اتفاقات أبراهام عام 2020.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت الرباط عدة صفقات كبرى شملت:
    •    مدافع ذاتية الحركة
    •    منظومات دفاع جوي
    •    قمر صناعي للتجسس
    •    نماذج مختلفة من الطائرات المسيّرة

توسع إقليمي متزايد

ولا يقتصر الزبائن العرب على المغرب. فقد:
    •    اشترت الإمارات منظومتين صاروخيتين إسرائيليتين، إحداهما دخلت الخدمة بالفعل.
    •    تعتمد البحرين على رادار إسرائيلي لحماية سواحلها.
    •    انضمت إندونيسيا—أكبر بلد Muslimmajority—إلى قائمة المشترين.

وبحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية، بلغت قيمة مبيعات السلاح إلى دول اتفاقات أبراهام في عام 2024 نحو 1.7 مليار دولار، ما يمثل 12% من صادرات إسرائيل الدفاعية في ذلك العام.

التعاون الأمني يتجاوز السلاح التقليدي

قبل توقيع اتفاقات أبراهام بسنوات، كانت أدوات هجومية إسرائيلية أخرى—مثل برنامج التجسس الشهير “بيغاسوس”—تُستخدم في:
    •    الإمارات
    •    البحرين
    •    السعودية (رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية)

ويشير هذا الاستخدام المبكر إلى أن البعض يرى في التكنولوجيا الأمنية الإسرائيلية وسيلة فعّالة لملاحقة الخصوم السياسيين والمعارضين.

السلاح كأداة دبلوماسية طويلة المدى

يقول مسؤول دفاعي إسرائيلي إن “صفقات السلاح تُبنى على سنوات من التفاوض، وتخلق ارتباطاً طويل الأمد بين الحكومات والشركات المصنعة، نظراً إلى الحاجة المستمرة للصيانة والتطوير.”

ويضيف دبلوماسي إسرائيلي متمركز في الخليج أن أحد أهم أسباب استمرار اتفاقات أبراهام رغم حرب غزة هو “استثمارات الأمن الطويلة الأمد التي قامت بها دول الاتفاق، والتي لا يمكن التراجع عنها بسهولة.”

وتعتبر دول الخليج أن الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية—المطورة أساساً لصد التهديدات الإيرانية—تمثل أصولاً مهمة في بيئة إقليمية تتزايد فيها المخاطر.

رغم الغضب الشعبي… الحكومات ماضية في مسارها

ويعترف الدبلوماسي ذاته قائلاً:
“لا أحد يتوهم أن إسرائيل محبوبة في هذه الدول اليوم، لكن العلاقات الدفاعية باتت جزءاً من معادلة أمنية لا تنوي الحكومات تغييرها.”

خلاصة

رغم ما تواجهه إسرائيل من انتقادات عربية واسعة، فإن صادراتها الدفاعية—خصوصاً نحو الدول العربية المنخرطة في اتفاقات أبراهام—تواصل النمو، ما يشير إلى بروز مسار براغماتي يفصل بين الموقف الشعبي والاعتبارات الأمنية للدول.
وهكذا تصبح الصناعات الدفاعية الإسرائيلية إحدى أعمدة النفوذ الإقليمي المتزايد لإسرائيل، حتى في بيئة مشحونة سياسياً.

شاركها.