أمد/ تل أبيب: يصل السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، إلى إسرائيل، الأسبوع المقبل، في زيارة تأتي وسط تصعيد إسرائيلي متواصل في لبنان وسورية، وفي إطار مساع أميركية لاحتواء التوتر المتصاعد على الجبهة الشمالية.
وأفادت هيئة البث العام العبرية (“كان 11”)، اليوم الثلاثاء، بأن واشنطن تقدّر أن استمرار الهجمات الإسرائيلية قد يفضي إلى تصعيد واسع في الشمال، في ظل ظروف ميدانية تزداد هشاشة.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن ترى أن العمليات الإسرائيلية في لبنان تُنفَّذ في سياق “العمل على إنفاذ اتفاق” وقف إطلاق النار، فيما تعتبر أن السلطات اللبنانية لا تبذل الجهود اللازمة لدفع مسار نزع سلاح حزب الله.
وفي تصريحات صدرت عنه خلال مؤتمر لصحيفة “يسرائيل هيوم” في نيويورك، اليوم الثلاثاء، قال والتز إن الولايات المتحدة ستواصل جهودها الرامية إلى نزع سلاح حزب الله، معتبرا أن “حزب الله يجب أن يُنزع سلاحه ويظل كذلك”.
وأضاف أن المهمة “ستكون صعبة ومعقدة”، مشيرا إلى أن التقدم قد يتم “خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الخلف”، لكنه رأى في ذلك “فرصة كبيرة”. وشدد على أن لإسرائيل “الحق في الدفاع عن نفسها”.
ولفت إلى أن الرئيس دونالد ترامب والإدارة الأميركية “يسعيان دائما إلى السلام في الشرق الأوسط لا الحرب، لكن إذا استدعى الأمر اتخاذ خطوات صعبة، فيجب القيام بها”، على حد تعبيره.
وتزامن التقرير عن زيارة والتز مع وجود الدبلوماسية الأميركية والمبعوثة الخاصة للبنان، مورغان أورتاغوس، في إسرائيل، حيث تُجري سلسلة محادثات مع مسؤولين إسرائيليين تتعلق بالملف اللبناني.
وذكرت “كان 11” أن مسؤولين في تل أبيب عرضوا أمام المبعوثة الأميركية مزاعم تفيد بأن حزب الله ينتهك اتفاق وقف إطلاق النار عبر إعادة تأهيل قدراته العسكرية التي تضررت بشدة خلال الحرب الأخيرة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، في منشور على منصة “إكس”، إنه عقد “نقاشًا مفيدًا” مع أورتاغوس حول الوضع في لبنان، مضيفًا أنه أكد لها، وفق مزاعمه، أن “حزب الله هو من ينتهك السيادة اللبنانية”.
وشدد ساعر على أن نزع سلاح حزب الله “أمر بالغ الأهمية لمستقبل لبنان وأمن إسرائيل”، على حد قوله، معتبرًا أن الولايات المتحدة “الحليف الأكبر” لتل أبيب، وأن التعاون الوثيق بين الجانبين سيستمر.
“استعدادات لتصعيد واسع لا مفر منه في لبنان”
وبحسب “كان 11″، اجتمعت أورتاغوس أيضًا مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس؛ في وقت كان نتنياهو قد طلب من المحكمة المركزية في تل أبيب إلغاء جلسة محاكمة بدعوى ارتباطات أمنية وسياسية.
فيما ذكرت القناة 12 العبرية أن المبعوثة الأميركية اجتمعت كذلك برئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، شلومي بيندر، لافتة إلى تعزيز التنسيق بين تل أبيب وواشنطن في هذا الشأن.
وأشارت القناة إلى أن هذا التنسيق ليس صدفة، إذ عرضت إسرائيل على المبعوثة الأميركية ما تقول إنه أدلة حول محاولات حزب الله إعادة بناء قوته وتعزيز قدراته، إلى جانب ما تعتبره إثباتات على أن الجيش اللبناني “غير قادر وغير راغب في فرض تطبيق اتفاق وقف النار ومنع خروقات حزب الله”.
ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي قوله مساءً إن “إسرائيل تحتاج إلى الشرعية الأميركية لأي خطوة قد تُتخذ”. وأفادت بأن ساعر عرض على المبعوثة الأميركية تقديرات إسرائيلية جديدة بشأن حزب الله.
من بينها هذه التقديرات الادعاء بأن حزب الله “يعيد التسلح بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة تخلّيه عن السلاح”، وأن “إيران تنقل الأموال إلى حزب الله عبر تركيا”، مشددا على أن “على الحكومة اللبنانية تحمل المسؤولية ووقف هذا المسار”.
وذكرت “كان 11″ أن الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي يستعدان لاحتمال تصعيد واسع في الجبهة اللبنانية، على خلفية ما تقول تل أبيب إنه استمرار لـ”تعاظم قدرات حزب الله” داخل لبنان.
وأضافت القناة أن الولايات المتحدة تحاول في هذه المرحلة تهدئة الأجواء، غير أن التقديرات في إسرائيل تفيد بأن “التصعيد يبدو أمرًا لا مفرّ منه”.
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى احتمال استئناف جيش الاحتلال هجماته العدوانية في لبنان، بعد توقف دام يومين خلال زيارة بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر، إلى بيروت.
وذكرت القناة أن إسرائيل امتنعت عن شن هجمات خلال الزيارة التاريخية للبابا، الذي غادر الثلاثاء إلى روما عقب ثلاثة أيام من اللقاءات والجولات في لبنان، تخللتها رسائل دعت إلى وقف الهجمات والأعمال العدائية.
وجاءت زيارة البابا في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، في إطار خروق مستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، والذي أنهى حربًا بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وتوسعت في أيلول/ سبتمبر 2024، مخلفة أكثر من أربعة آلاف شهيد ونحو 17 ألف مصاب.
وفي سياق التصعيد في سورية، زعم رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، أن احتلال إسرائيل للأراضي في جنوب سورية يهدف إلى “ضمان أمن مواطنيها”، مدّعيا أن هذا الواقع يتيح “إمكان التوصل إلى اتفاق مع السوريين”.
وجاءت تصريحاته خلال زيارة لجنود أصيبوا في اشتباك مسلح بقرية بيت جن، أسفر عن استشهاد 13 سوريا وإصابة 25 آخرين، إذ قال إن إسرائيل عازمة، منذ السابع من أكتوبر، على “الدفاع عن بلدات الشمال ومنع تموضع إرهابيين وحماية حلفائنا الدروز”.
وأضاف أن على سورية “تنفيذ إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح من دمشق حتى المنطقة العازلة ومشارف جبل الشيخ”، قبل أن يكرر مزاعمه بأن سيطرة إسرائيل على تلك المناطق “ضرورة لأمنها”، وأنه “يمكن التوصل لاتفاق مع السوريين” شريطة الالتزام بهذه المبادئ.
