أمد/ في خطوة هامة بادرت قوى المجتمع المدني في تشيلي قبل أربعة أيام من اليوم الاثنين 24 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي الى جمع 100 ألف توقيع متضامن لإطلاق أوسع المبادرات الحقوقية والمدنية التي تستهدف مساءلة إسرائيل داخل منظومة الأمم المتحدة، عبر حملة دولية تدعو الى طردها من المنظمة الأممية استنادا الى المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، التي تجيز للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تفصل عضوا إذا استمر هذا العضو في انتهاك مبادئ الميثاق، وذلك بناءً على توصية من مجلس الامن الدولي. هذه المادة تتعلق بالعضوية وتختص بالفصل النهائي لأحد الدول الأعضاء بعد انتهاكها المتكرر لميثاق المنظمة الأممية. وبما أن إسرائيل لم تكف عن انتهاكاتها المتواصلة والممنهجة للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة ومجلس الامن، فإن الضرورة تملي طردها من المنظمة الأممية وفقا للقانون الدولي. هذا وتمكنت عملية جمع التواقيع على العريضة الاليكترونية الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش خلال الأيام القليلة الماضية من تجاوز ال60 ألف توقيع، حسب وكالات الانباء.
ويفترض ان يكون الأربعاء القادم 26 نوفمبر 2025 موعد انطلاق الحملة خلال فعالية عامة في العاصمة التشيلية سانتياغو، ويقول منظمو الحملة، إن التفاعل السريع يعكس التجاوب الشعبي الواسع تجاه الوضع الإنساني الخطير في فلسطين، ويجسد ضغطا مبدئيا دوليا لتحريك النظام الدولي بعد عقود من المراوحة والتلكؤ في مساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها المتكررة. حيث قدم المحامي والسفير التشيلي السابق، نيلسون حداد، الإطار القانوني للمبادرة لوسائل الاعلام، موضحا أن إسرائيل باتت دولة منبوذة وفق توصيفات القانون الدولي، كونها لا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة، ولا بالقواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وتمارس انتهاكات مدروسة وممنهجة طيلة العقود السبعة الماضية. وأكد حداد أن المبادرة تستند الى المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، وأضاف السفير السابق، أن المبادرة لا تقتصر على كونها عريضة اليكترونية بل مسارا قانونيا ودبلوماسيا متكاملا يجري التحضير له لتفعيله داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي نطاق أوسع تهدف الى إعادة الاعتبار لمبدأ المساءلة الدولية، بعد عقود من تعطيل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين منذ عام 1948، التي تجاوزت ال 1000 قرار أممي. وأكد المحامي حداد، أن الحملة تسعى الى تحريك إرادة الدول، وإعادة بناء مسار ضغط دولي نحو إجراءات ملموسة.
من جانبها قالت المحامية باولا أبو غاتس، وهي إحدى الناشطات البارزات في الحملة، ان المبادرة عمل مدني مستقل قيد التشكل من أشهر، لكنها شددت على أنها بحاجة الى دعم سياسي من الدول كي تتحول الى قوة ضغط فعالة داخل الهيئات الدولية، واعتبرت أن السياق الدولي الراهن لحظة طوارئ حقيقية، وان تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة والضفة الغربية يجعل التحرك الدولي ضرورة أخلاقية وقانونية، وأضافت الى ان أحد أسباب إطلاق المبادرة هو انسداد الأفق داخل مجلس الامن نتيجة استخدام الولايات المتحدة المتكرر لحق النقض (الفيتو) ضد أي تحرك يتعلق بإسرائيل، معتبرة ان هذا الانسداد أفرغ منظومة الأمن الجماعي من وظيفتها الأساسية، ولهذا يقوم الفريق القانوني في الحملة الى تفعيل القرار الدولي 377 (متحدون من أجل السلام)، الذي يتيح للجمعية العامة التدخل واتخاذ التدابير عندما يعجز مجلس الامن عن القيام بدوره، بسبب اعتراض أحد أعضائه الدائمين.
ويقول منظمو الحملة إن هذه الآلية استخدمت في لحظات تاريخية مشابهة، مثل الحرب الكورية والحرب الروسية الأوكرانية، وأن تفعليها اليوم قد يشكل أداة ضغط مؤسسية قادرة على تجاوز التعطيل الأميركي داخل مجلس الامن. كما يعتقد المنظمون أن الهدف لا يقتصر على فرض إجراءات ضد إسرائيل، بل يمتد الى إعادة فتح ملف لإصلاح بنية الأمم المتحدة، وتقييد سلطة الفيتو، وإعادة المساواة القانونية بين الدول، بما يحد من قدرة دولة واحدة من شل العدالة الدولية. وللعلم ان قادة الحملة وجهوا خطابا مباشرا الى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول والبعثات الدبلوماسية والدول الأعضاء في مجلس الامن. الامر الذي يتطلب من الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة دعم هذه المبادرة. لا سيما وانها تخدم الدول جميعا باستثناء الدول دائمة العضوية.
هذه الحملة وغيرها من المبادرات الأممية النشطة والهامة تشكل روافع في تعميق عزلة دولة إسرائيل اللقيطة، وتوسيع دائرة الضغط الدولي على الولايات المتحدة الأميركية لمراجعة سياساتها المتفردة في حماية إسرائيل من المساءلة السياسية والقانونية، مع الادراك المسبق، أن هكذا خطوة شبه مستحيلة في الواقع المعطي، لذا لم تقتصر الحملة المبادرة المدنية التشيلية عند حدود مساءلة إسرائيل، انما ذهبت الى أبعد من ذلك، للضغط لإصلاح المنظومة الأممية وخاصة في مجلس الامن الدولي، وكف يد الدول الخمس دائمة العضوية من استخدام حق النقض (الفيتو)، لتعزيز مساواة الدول قانونيا تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة، وهي خطوة ضرورية لحماية الامن والسلم العالمي.

 

شاركها.