تداعيات ما يجري في قطاع غزة على الضفة الغربية واستقرارها

أمد/ تتسارع الأحداث العسكرية في قطاع غزة، ومع المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة ، تشهد المنطقة عمليات اسرائيلية عسكرية مكثفة تستهدف قيادات حركة حماس، من ضمنهم القيادي البارز صلاح البردويل ، فضلا عن عمليات عسكرية أخرى ضد حزب الله في لبنان ومواقع تابعة للجهاد والمقاومة في سوريا، قامت قوات الجيش الإسرائيلي أيضا ببعض من العمليات العسكرية في قلب الضفة الغربية ، وهي العمليات التي تستهدف عدد من عناصر المقاومة.
وفي ظل هذه التطورات، تتزايد التساؤلات حول تأثير هذه العمليات العسكرية على الضفة الغربية، لا سيما مع استمرار الجهود المصرية الساعية للتوصل إلى حل سياسي وهدنة، ولو كانت مؤقتة. هذه الورقة تهدف إلى تقديم تقدير موقف بشأن تداعيات توسيع العملية العسكرية في غزة على الوضع في الضفة الغربية، مع التركيز على الأبعاد الأمنية والسياسية.
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن وضع ورقة تقدير موقف عن هذه الظاهرة ، وهي الورقة التي ناقشت عدد من المحاور ومنها :
1. تأثير العمليات العسكرية في غزة على الوضع الأمني في الضفة الغربية:
وتقول الورقة إن توسيع العمليات العسكرية في غزة يمكن أن يؤدي إلى تصعيد في التوترات الأمنية في الضفة الغربية، وفي العادة، تشهد الضفة الغربية حالات من الاحتكاك الأمني بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين، وخاصة في المناطق التي تشهد نشاطًا لحركة حماس والجماعات الفلسطينية الأخرى. وفي حال استهداف كبار القيادات مثل صلاح البردويل، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الهجمات على القوات الإسرائيلية والمنشآت الاستيطانية، مما يساهم في تصاعد العنف.
بالإضافة إلى ذلك، قد تُشعل العمليات العسكرية في غزة مشاعر الغضب والاحتجاجات في الضفة الغربية، مما يزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية. يمكن أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى فوضى أمنية، خاصة في ظل الوضع السياسي المضطرب والتوترات الداخلية بين حركة فتح وحركة حماس.
وعن التأثير على استقرار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تقول الورقة إن العملية العسكرية في غزة تضع السلطة الفلسطينية في موقف حساس، حيث تتعرض لضغوط داخلية وخارجية في نفس الوقت. من جهة، تواجه السلطة الفلسطينية تحديات متزايدة في مواجهة انعدام الثقة في سياساتها في الضفة الغربية، ومن جهة أخرى، فإن أي تطور خطير في غزة قد يهدد استقرار السلطة في الضفة الغربية.
وفي حال تصاعد القتال في غزة إلى حد اندلاع انتفاضة واسعة، قد تجد السلطة الفلسطينية نفسها في وضع صعب أمام حركة حماس، التي قد تعزز من مكانتها الشعبية في الضفة الغربية من خلال التصعيد العسكري ضد الاحتلال. وهذا الأمر يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على قدرة السلطة على السيطرة على المناطق الفلسطينية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع السياسي والأمني.
وعن الجهود المصرية لإيجاد حل سياسي وهدنة مؤقتة تقول الورقة إنه وفي ظل التصعيد العسكري في غزة، تواصل مصر جهودها الحثيثة للتوصل إلى هدنة أو حل سياسي مؤقت يخفف من حدة المعركة في غزة. تظل مصر لاعبًا رئيسيًا في الجهود الدبلوماسية نظرًا لعلاقاتها الوثيقة مع حركة حماس وكونها قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة. ومع ذلك، فإن أي فشل في التوصل إلى هدنة قد يؤدي إلى مزيد من التوترات، ليس فقط في غزة، بل أيضًا في الضفة الغربية.
إذا نجحت الجهود المصرية في التوصل إلى اتفاقية هدنة أو تسوية مؤقتة، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع التصعيد العسكري في غزة، ما يسمح للسلطة الفلسطينية بتعزيز استقرار الوضع في الضفة الغربية. لكن في حال فشل هذه الجهود، قد تزداد المخاوف من تصاعد العنف في الضفة الغربية نتيجة استمرار الهجمات الإسرائيلية وازدياد ردود الفعل الشعبية.
وعن التأثير على العلاقات الفلسطينية الداخلية قالت الورقة إنه لمن الواضح أن تصاعد العمليات العسكرية في غزة يؤثر أيضًا على العلاقة بين حركتي فتح وحماس. في حال تصعيد العمليات العسكرية ضد حماس في غزة، قد تقوم حماس بتوجيه رسائل دعم لمؤيديها في الضفة الغربية، مما يزيد من احتمالية تصاعد التوترات بين فتح وحماس. وقد تؤدي هذه التطورات إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وزيادة العزلة السياسية للحكومة الفلسطينية في رام الله.
وتصل الورقة إلى نقطة استنتاج مركزية وهي إن توسيع العمليات العسكرية في غزة له تداعيات أمنية وسياسية كبيرة على الضفة الغربية. بينما تسعى مصر جاهدة لإيجاد حل سياسي، تبقى المخاوف قائمة من تأثير التصعيد العسكري على استقرار الضفة الغربية وزيادة حدة التوترات الأمنية. إن استمرار الجهود الدبلوماسية ونجاح التوصل إلى هدنة أو اتفاق مؤقت يمكن أن يسهم في تخفيف حدة التوتر في الضفة الغربية، لكن في حال استمرار التصعيد، قد تشهد المنطقة تصعيدًا في العنف يهدد الاستقرار في كافة الأراضي الفلسطينية.
وخرجت الورقة بعدد من التوصيات ومنها
1. ضرورة تعزيز الجهود الدبلوماسية: يجب تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية للتوصل إلى هدنة أو تسوية مؤقتة.
2. ترسيخ الاستقرار الداخلي في الضفة: على السلطة الفلسطينية العمل على تعزيز استقرارها الداخلي ومعالجة الانقسامات السياسية.
3. حماية حقوق المدنيين: يجب على جميع الأطراف التركيز على حماية المدنيين في غزة والضفة الغربية وتقليل الخسائر البشرية.