تحقيق يكشف علاقات نتنياهو بصحيفة بيلد ودوره في إحباط صفقة الرهائن في غزة

أمد/ في تحقيق أجرته برنامج “بانوراما” التابع للتلفزيون الألماني الرسمي، كُشف بالتفصيل عن العلاقة التي تربط بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومكتبه من جهة، وصحيفة “بيلد” الألمانية، التي سُرّب إليها المستند السري من جهة أخرى. تم التطرق إلى المحتوى الذي تم تحريفه، وتعرض نتنياهو لهجوم لاذع: “سيدخل التاريخ باعتباره من دمر الديمقراطية الإسرائيلية وجرّ البلاد إلى حرب دامية من أجل البقاء السياسي له ولائتلافه اليميني المتطرف”.
تفاصيل جديدة حول علاقة رئيس الوزراء بالصحيفة الألمانية التي كانت في صلب قضية تسريب الوثائق السرية:
مساء يوم الخميس، بُثّ تحقيق خاص عبر برنامج “بانوراما” البرنامج الاستقصائي الأبرز في التلفزيون الألماني الرسمي (ARD) والذي يحظى بملايين المشاهدات تناول فيه قضية العلاقات السرية بين مكتب رئيس الوزراء، صحيفة “بيلد”، ودار النشر “أكسل شبرينغر” المالكة لها، وتسريب الوثيقة السرية.
تحت عنوان: “رهائن حماس:
ما هو الدور الذي لعبته صحيفة بيلد؟”
وجّه التحقيق الذي أعده الصحفي ستيفان بوخن خلال الأسابيع الماضية نقدًا حادًا وغير مسبوق في الإعلام الألماني لرئيس الوزراء نتنياهو، مكتبه، وعلاقته الخاصة بأكثر الصحف شعبية في ألمانيا.
وجاء في مستهل التحقيق:
“القليل من الدلائل يشير إلى أن التقييم التاريخي لنتنياهو سيكون متساهلاً. على العكس، الكثير يشير إلى أنه سيدخل التاريخ كمن دمّر الديمقراطية الإسرائيلية، وجرّ حربًا دامية في غزة راح ضحيتها عشرات الآلاف من أجل الحفاظ على نفسه وعلى ائتلافه القومي المتطرف في الحكم حتى ولو على حساب حياة الرهائن الإسرائيليين. الحليف المخلص الوحيد الذي بقي له في هذا الطريق هو صحيفة بيلد الألمانية وشركة أكسل شبرينغر.”
هكذا جنّد نتنياهو صحيفة بيلد لخدمة أهدافه”:
فصّل التحقيق كيف تبنّت صحيفة بيلد خطاب نتنياهو الذي روّج لفكرة أن “حماس تفضل الحرب على الاتفاق بشأن إطلاق سراح جميع الرهائن”، وبهذا “تلقى رئيس الوزراء دعمًا مهمًا من بيلد في سبتمبر الماضي”.
وبحسب التحقيق:
“في مطلع سبتمبر، استخدم نتنياهو صحيفة شبرينغر لنقل رسائل مركزية للعالم أن حماس لا ترغب في إنهاء سريع للحرب، وبالتالي لا معنى للتفاوض. وأن عائلات الرهائن التي تطالب بإبرام صفقة شاملة تطبق أجندة حماس. كل هذا نُشر في بيلد بتاريخ 6 سبتمبر 2024. ومن قراءة المادة، يفهم أن منتقدي نتنياهو، من خلال مظاهراتهم، يخدمون مصلحة مقاتلي حماس. واعتمدت بيلد في تقريرها الحصري على ‘وثيقة حرب سرية’ من حماس”.
ويُذكّر التحقيق بأن “اغتيال ستة من الرهائن أشعل أكبر وأعنف موجة احتجاجات في إسرائيل ضد نتنياهو منذ بداية الحرب”، ويشير إلى أن تقرير بيلد في 6 سبتمبر ساعده كثيرًا، إذ أوحى بأن المتظاهرين يحققون أهداف حماس. وذُكر أيضًا أن المقالة الألمانية حظيت بتغطية واسعة في الصحافة الإسرائيلية، واقتبسها نتنياهو بنفسه بعد يومين خلال جلسة الحكومة.
تحريف خطير في تقديم الوثيقة:
أكد تحقيق بانوراما أن طريقة عرض الوثيقة ومحتواها تم تحريفها بشكل فادح. خلافًا للادعاء بأنها وثيقة من زعيم حماس يحيى السنوار أو حظيت بموافقته، فإنها في الواقع مجرد ورقة موقف أعدها عنصر غير معروف من جهاز المخابرات العسكرية التابع لحماس، كُتبت في ربيع عام 2024.
ذكرت شبكة البث الألمانية أنها اطلعت على النص الأصلي للوثيقة، وعلى عكس ما نُشر في بيلد، “يتضح من النص الذي تمكنت بانوراما من مراجعته، أن حماس معنية في نهاية المطاف بالتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل. فقد ورد في الوثيقة ضرورة التحلي بـ’المرونة’ في المفاوضات. كما تُظهر الوثيقة رغبة حماس في هدنة طويلة قدر الإمكان، حيث تطالب بهدنة لمدة 84 يومًا، وهو ما يمكن اعتباره خطوة نحو إنهاء الحرب بشكل كامل. هذه الجوانب لم تُذكر أبدًا في تقرير بيلد”.
عمق العلاقة بين نتنياهو وبيلد وشركة شبرينغر:
استعرض التحقيق مدى عمق العلاقة بين نتنياهو وصحيفة بيلد وشركة أكسل شبرينغر بشكل عام: “منذ بداية ولاية نتنياهو الثانية عام 2009، نشرت بيلد عددًا كبيرًا من المقالات الإيجابية عنه، منها مقابلات حصرية، وحتى تقرير موسّع عن زوجته سارة عام 2012 تحت عنوان: ‘كم هو صعب أن تكون السيدة الأولى في إسرائيل؟’. رئيس مجلس إدارة شركة شبرينغر، ماتياس دوفنر، يعرف نتنياهو شخصيًا، وفي عام 2014، اشترى موقع “ياد شنياه” من مقربين من نتنياهو مقابل نحو 200 مليون يورو وهو مبلغ مرتفع جدًا وفقًا للخبراء. وقد استُدعي دوفنر للشهادة في محاكمة نتنياهو”.
كما أُشير إلى أنه “بعد 7 أكتوبر 2023، أجرى الصحفي الكبير ونائب رئيس تحرير بيلد، بول رونتسايمر، مقابلتين مطولتين وودية مع رئيس الوزراء. كما أُجريت مقابلات مع الوزير رون ديرمر، رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الدفاع اسرائيل كاتس. صحفيون ألمان آخرون لا يحظون بمثل هذه الامتيازات. وبلغ التعاون بين شبرينغر ونتنياهو ذروته في تسريب الوثيقة السرية في 6 سبتمبر 2024، حيث كتب المقال كل من رونتسايمر وزميله فيليب فياتوف”.
ردود الأفعال:
توجه برنامج بانوراما إلى شركة شبرينغر للتعليق على الانتقادات بأن صحيفة بيلد استُخدمت لخدمة هدف نتنياهو في تقويض حركة الاحتجاج داخل إسرائيل. ورد المتحدث باسم الشركة بالقول:
“لن نعلق أو نرد بشكل مبدئي على العمليات التحريرية أو على مصادرنا.”
أما مكتب رئيس الوزراء نتنياهو، فلم يرد على توجهات بانوراما.