أمد/ واشنطن: كشفت وثائق جديدة صادرة عن لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي وأرشيف بريد إلكتروني مُسرّب لرئيس وزراء دولة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، عن شبكة علاقات مالية وسياسية جمعت رجل الأعمال الأمريكي الراحل جيفري إبستين بالبارونة أريان دي روتشيلد وباراك، بهدف توفير تمويل لمشروعات تكنولوجية ذات طابع استخباراتي في إسرائيل.
وتُظهر الوثائق أن إبستين، الذي ارتبط بعلاقات واسعة مع شخصيات مالية وسياسية دولية، لعب دور الوسيط بين باراك والبارونة دي روتشيلد، الرئيسة التنفيذية لمجموعة «إدموند دي روتشيلد» السويسرية، لتأمين دعم مالي لمبادرات وشركات متخصصة في تطوير أدوات سايبر هجومية.
لقاءات واتصالات مكثفة
وبحسب رسائل البريد الإلكتروني، عقدت دي روتشيلد لقاءات متعددة مع إبستين بين عامي 2013 و2019، رغم نفي المجموعة المصرفية سابقاً وجود أي علاقة معه. وتشير الرسائل إلى تنسيق الطرفين لرحلات خاصة وجلسات عشاء، إحداها في نيويورك وأخرى في مونتريال.
وتبيّن المراسلات أن إبستين نقل إلى باراك عرضاً مباشراً من البارونة جاء فيه: «إذا كان إيهود يريد أن يجني مالاً كبيراً، فعليه أن يبني علاقة معي وأن يأخذ الوقت لفهم بعضنا البعض». وتظهر الرسائل اعتماد باراك على إبستين للحصول على نصائح حول كيفية التعامل مع دي روتشيلد.
شبكة شركات سايبر هجومي
وبعد خروجه من الحكومة عام 2013، شرع باراك في تأسيس مجموعة شركات ناشئة في مجال السايبر الهجومي، بمشاركة ضباط سابقين من الوحدة 81 التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وتكشف المراسلات أن إبستين حاول تأمين تمويل لهذه المبادرات عبر دي روتشيلد وبنوك سويسرية أخرى، منها «جوليوس باير»، لإنشاء صناديق استثمارية تستفيد من أدوات استخباراتية وتحويلها إلى منتجات تجارية هجومية.
وتتضمن الخطط التي ناقشها باراك ومستشاروه إنشاء «مختبر سايبر» لتطوير نماذج أولية لأدوات تجسس رقمية تشمل تقنيات اختراق الهواتف ومراقبة الشبكات بما فيها شبكة Tor، قبل تحويل النماذج إلى شركات مستقلة.
عقود مالية ومسارات موازية
وتُظهر إحدى الوثائق توقيع شركة “Southern Trust” التابعة لإبستين عقداً بقيمة 25 مليون دولار مع مجموعة روتشيلد عام 2015 يتعلق بتحليل المخاطر والخوارزميات. وهو الكيان نفسه الذي موّل شركة «Reporty» — المعروفة اليوم باسم Carbyne — التي أسسها باراك.
كما تتقاطع هذه العلاقات مع تحقيقات أوروبية وأمريكية في شبهات غسل أموال وتهرب ضريبي تشمل مؤسسات مالية سويسرية، تشير الرسائل إلى أن إبستين وباراك كانا على اطلاع مباشر على تفاصيلها.
مؤتمر هرتسليا وتلاقي المصالح
وبصفتها الراعي الرئيسي لمؤتمر هرتسليا للأمن القومي عام 2014، ألقت البارونة دي روتشيلد خطاباً ركّز على نمط «العمل الخيري الاستثماري». وتكشف الوثائق محاولة ربط باراك بأنشطة المؤسسة في ظل معركة قانونية خاضتها حول الإعفاءات الضريبية في إسرائيل، فيما لعب إبستين دوراً في ترتيب تواصل مباشر بين الطرفين.
الرسائل الأخيرة
وتشير آخر المراسلات في أبريل 2016 إلى إبلاغ باراك لإبستين بأنه التقى الرئيس التنفيذي لبنك «جوليوس باير» في موناكو، قائلاً: «إنه جاهز… وقد ضمن السرية». ولا تظهر رسائل لاحقة بينهما بعد هذا التاريخ، رغم أن وثائق لجنة الرقابة لعام 2025 تفيد باستمرار التنسيق حتى عام 2017.
وتقدّم الوثائق صورة عن شبكة عابرة للحدود تجمع رأس المال الأوروبي وشخصيات سياسية وأمنية إسرائيلية وشريكاً مالياً مثيراً للجدل، في إطار جهود لإقامة منظومة سايبر هجومي متقدمة، تُموَّل جزئياً عبر قنوات خاصة خارج المؤسسات الرسمية، ما يطرح أسئلة حول طبيعة هذه الأنشطة ومخاطرها التنظيمية والأمنية.
