تحرك ولا تكن صفرًا أمد للإعلام
أمد/ اليوم الذي يغادرك لا يعود، النباتات والحيوانات تنمو ثم تموت، وأنت إذا أردت لست ذرة صغيرة بين هذه الكواكب والمجرات. فكيف يكون لرقمك الصغير قيمة؟ وكيف يكون لمثقالك البسيط وزن؟ البعوضة رغم ضآلتها لها قوة في سرعتها وفي إبرتها وفي تخير مكان افتراسها، فإذا اختارت عين الأسد، فإنها ستحقق الانتصار! وأنت لست أقل منها، فكيف تخلق لنفسك الاعتبار؟
على كل واحد فينا أن يبحث عن مكمن قوته، فما هي الإبرة التي تستطيع القتال بها؟ القلم للكاتب، والسيف للمحارب، والمنشار للنجار.. ولكل صانع أداة، فما هي أداتك التي تبرع بها؟ إذا عرفتها فعض عليها بالنواجذ؛ فهي سلاحك ومكمن قوتك، فماذا تنتظر؟ عليك أن تفوز في معركة الحياة، عليك أن تنتصر.. الجولة بدأت فلا تغفل، فنومك وسكونك ووقف حركتك يعني ذلك الهزيمة.
يحكى أن رجلا يعرف بالكسل اسمه هانز، كان راعيا للأغنام، وفكر بالزواج من ابنة جاره لترعى له أغنامه، وينال بذلك قسطا من الراحة في الفراش، وبالفعل نجحت الخطة؛ تزوج هانز من إليزا التي كانت أكسل منه، كما وافق شن طبقة، كان طنجرة وكانت هي الغطاء، كما يقال!
ظل هانز في السرير، وزوجته ترعى الأغنام، حتى قالت له: ما رأيك أن نبيع الغنم ونشتري خلية نحل؟ صرخ هانز: يا لك من زوجة ذكية!، فالنحل لا يحتاج إلى من يرعاه. وأضافت: والعسل أكثر قيمة من الحليب، ثم إنه لا يفسد كالحليب!
ابتاعا خلية نحل من جارهما مقايضة بالماعز، ووضعا جرة تحت الخلية، ولزم كلاهما الفراش. ولتسهيل مهمة تناول العسل، استخدم هانز عصا رعيه، ليقرب بها الجرة وهو في سريره.
قالت إليزا: لماذا لا نشتري عنزة ونبتاع بحليبها بقرة؟ فرد عليها: لا أوافقك الرأي، فمن سيرعى البقرة؟ أطرقت ثم أجابته: ننجب ولدا يرعاها، فصرخ هانز: يا لك من زوجة عظيمة! لكن إليزا استدركت: ولكن ماذا لو كان ابنك عاقا ورفض الفكرة؟ هنا تناول هانز العصا، وقال: وما دور هذه العصا؟ حينها سأضربه بهذه هكذا.. ورفع العصا وضرب بها الجرة، فتحطمت وذهب كامل العسل، فما كان منهما إلا معاودة النوم ليتجنبا هول الصدمة!
أحيانا نتقمص بعض أدوار هانز وإليزا، فيمر علينا النهار دون أي فائدة تذكر، نوم في الفراش، وكسل دون قيمة، فلماذا لا نضع الخطط؟ لماذا لا نتابع المنجزات؟ البعض يقول من فرط كسله: لا داعي لوضع خطة، والبعض يقول: لا داعي لمتابعتها، فأنا أتابع المنجزات بعقلي!! نقول لهذا الكسول: احذر من عصا رعيك حتى لا تكسر الجرة!! احذر من كسلك حتى لا تحل بك الندامة.
قال أحدهم:
تزوجت البطالة بالتواني .. فأولدها غلاما مع غلامة
فأما الابن سموه بفقر .. وأما البنت سموها ندامة
ويقول محمد بن يحيى اليماني الصعدي، المعروف باسم “بهران”:
الجد بالجد، والحرمان في الكسل .. فانصب تصب عن قريب غاية الأمل
ويقول آخر:
العلم نور فلا تهمل مجالسه .. واعمل جميلا يرى فالفضل في العمل
لا ترقد الليل ما في النوم فائدة .. لا تكسلن ترى الحرمان في الكسل
يضيع اليوم بدون منجزات، أو قد يثبط الكسول نفسه وبواعث همته، فيقول: “أنا لست نشيطا”، ليركن للراحة والدعة، وليتجرد من الأعباء، وهكذا يضيع العمر دون فائدة.
في هذا الصدد يقول الإمام علي أبياتا جميلة، فيها:
إذا هبت رياحك فاغتنمها .. فعقبى كل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها .. فما تدري السكون متى يكون
وإن درت نياقك فاحتلبها .. فما تدري الفصيل لمن يكون
إذا ظفرت يداك فلا تقصر .. فإن الدهر عادته يخون
فبادر في شبابك وقوتك، بادر قبل العجز، المبادرة تبدأ الآن، فلا تسوف بالقول غدا، بيدك أنت فقط أن تكون رقما، فلا تختر الصفر، وإذا كان نصيبك المحتوم صفرا فلتكن في جهة اليمين.