تحديات عهد أمريكا الجديد بعد تنصيب ترامب
أمد/ مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة ، تتجدد التساؤلات حول كيفية تعامله مع القضايا الملحة داخليًا و خارجيًا . و مع رفعه شعار “أمريكا أولاً” يبدو أن ترامب سيواجه سلسلة من التحديات التي ستتطلب توازناً دقيقاً بين المصالح الوطنية الأمريكية والعلاقات الدولية .
خلال فترة حكمه السابقة ، عانت العلاقات الأمريكية الأوروبية من التوترات ، خاصة مع ألمانيا و فرنسا . ركّز ترامب على تقليل العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي وفرض تعريفات جمركية على الصناعات الأوروبية مثل السيارات . كما طالب الدول الأعضاء في الناتو بزيادة مساهماتها المالية ، و وجه انتقادات حادة للمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل . عودة ترامب قد تعيد هذه الخلافات إلى الواجهة خاصة إذا أصر على انتهاج سياسات اقتصادية تعزز الصناعة الأمريكية على حساب الأسواق الأوروبية .
وعد ترامب بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية “في غضون 24 ساعة” ، و هو تصريح يعكس رؤيته العملية التي قد تتجاهل مصالح الأوروبيين و قد سبق أن اشار تقرير لوزارة الدفاع الامريكية إلى المساعدات المقدمة الى اوكرانيا التي أقرها الكونجرس و التي تقدر ب182.99 مليار دولار منذ بداية الحرب . ترامب قد يسعى لتسوية النزاع من خلال صفقة تُرضي روسيا و تضعف الدعم الغربي لأوكرانيا ، مما قد يؤدي إلى زعزعة العلاقة بين واشنطن و حلفائها الأوروبيين الذين يعتبرون دعم أوكرانيا ضرورة استراتيجية .
شهدت العلاقة بين ترامب و رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلافات حادة ، تمثلت في انتقادات متبادلة و تصريحات لاذعة بشأن التجارة والسياسة الخارجية . سياسة حماية الاقتصاد الوطني من المنافسة الخارجية بدون مراعاة مصلحة الحلفاء و الدول المجاورة . التي يتبناها ترامب ، كما حدث و أعاد التفاوض على اتفاقية “نافتا” في ولايته الاولى ،و التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الكندي ، مما أدى إلى تصعيد التوتر بين البلدين . عودة ترامب قد تزيد من تعقيد هذه العلاقة ، خاصة إذا استمر في تصريحاته العدائية اتجاه السلطات الكندية .
و أعاد ترامب إلى الأذهان رغبته في شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك في فترة حكمه الأولى ، معتبراً أن الجزيرة تمثل أهمية استراتيجية للولايات المتحدة . رفضت الحكومة الدنماركية هذه الفكرة بشكل قاطع ، واعتبرتها مهينة و غير منطقية . و ها هو يعود إلى السلطة و يعيد معه حلم السيطرة عليها و لكن يبدو أنه مصمم بشكل أكبر هذه المرة .
تواجه الولايات المتحدة تحديًا بيئياً كبيراً مع استمرار الحرائق الضخمة التي تسببت في خسائر بشرية ومادية جسيمة تشير التقديرات الى خسائر متوقعة بين 135 مليار دولار إلى 150 ملياراً . و في فترة حكمه الاولى قلل ترامب من أهمية التغير المناخي ودعا إلى تخفيف القيود البيئية لدعم قطاع الطاقة . و العودة إلى هذا النهج قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة البيئية ، مما سيضع إدارته تحت ضغط داخلي و دولي .
عندما نلقي نظرة على التشكيلة الجديدة للإدارة المرتقبة في الولايات المتحدة ، نلاحظ أن ترامب قد أضاف مجموعة من المناصب التي تهدف إلى تحقيق رؤيته الطموحة و التي ترتكز بشكل رئيسي على محاربة “الدولة العميقة” . خطوة جريئة تُظهر عزمه الراسخ على التصدي و محاربة الذين فشلوا في إعاقة عودته إلى السلطة ، في محاولة لإعادة ترتيب أولويات الحكم الأمريكي بما يتماشى مع رؤيته المستقبلية .
تطرح عودة ترامب إلى السلطة أسئلة حول أولوياته السياسية ، خاصة فيما يتعلق بالمصالح الوطنية الأمريكية مقابل العلاقات الدولية . التحديات التي تنتظره ، من التوترات مع الدول التي كانت توصف بالصديقة أو الجارة ، ستختبر قدرته على تحقيق التوازن بين تحقيق مصالح أمريكا والحفاظ على دورها كقوة عالمية . في ظل هذه الظروف ، يبقى السؤال : هل يستطيع ترامب أن يفي بوعده ويضع “أمريكا أولاً” دون التضحية بحلفائها و مبادئها و دون المساس بمكانة امريكا دولياً ؟